((في بقعة بيضاء تعلن احتوائها الحنون للعشاق ،كان هو معها ،كانا هناك على كراسي الانتظار يجلسان ،يسترضيان القدر بحلم صغير،له طعم السكر وألق الشمس وحق التنفس، وكل ماحولهما كان يعلن السلم ،يعلن الابتسام ،يعلن المباركة ...)).
***
يكشط يوسف هذه الصفحة المشوهة من ذاكرته بغضب ،يكشط معها قلبه المتهدل وآخر نفس حقير يجبره على الحياة في حياة لاتسعه ،يشتهي إحراقها وإحراق ذاكرته بها،وإن صح له إحراق الكون كله فلن يتردد ...
***
***
يكشط يوسف هذه الصفحة المشوهة من ذاكرته بغضب ،يكشط معها قلبه المتهدل وآخر نفس حقير يجبره على الحياة في حياة لاتسعه ،يشتهي إحراقها وإحراق ذاكرته بها،وإن صح له إحراق الكون كله فلن يتردد ...
***
هذه الصفحة التي يحاول يوسف أن يقلبها اليوم بغير رجعة ،كانت تسكنه ،كان يقرأها قبل ليلة كل حلم ،كانت تميمته التي يتبارك بها ،لم يكن يدري أن بقعته السرية لم تكن بيضاء وأن القدر لن يرضى عنه مهما استرضاه ،وأن كل ماحوله كان يكشر عن أنيابه وهو يحسب التكشير ابتساما ،ويحسب تعويذات الموت مباركة...
ماذا سيفعل بكل هذه الصباحات دونها ؟
هي كانت قهوته ،يستفتح بها أقفال صباحاته الصدئة لتحتال زبرجدا خالدا من أرض الجنة ،لم يشك ولو للحظة واحدة أنه فرحه قد يشي به يوما عند قدره الذي لطالما كان في الاتجاه المعاكس!
رأس ثقيل تغتاله الهزائم والاحباطات،،،جسد لا يسكنه إلا هاجس الموت /الهرب،وصرخة أخيرة مكبوتة لأجل لا يعلمه أحد...
هذا هو أنت بعد جرح خلق قبل الآن بكثير، وأنت مازلت تعتكف في محراب عشقك بدون آلهة إيمانك.
***
ماذا وجدت فيها أيها ... ؟الأم ؟
لاشك أنها الأم التي فقدت .
***
أنت لست مثلما يقولون ،لم تكن تعاني من عقدة أوديب ولا غيره ،الحب كان لعنتك الأزلية التي خلقت معك و لن تموت إلا معك...
كنت تدمن أمك، للحد الذي جعلك بعد رحيلها تحقد على كل ما يذكرك بأنك حي بدونها ،وأنك تستنشق نفسا كان من الممكن أن يكون شهيقها،،،ولكنك عدت يايوسف ،عدت ،عد هذه المرة أيضا ،فنحن نحتاجك وننتظرك.
أقسمت بعد موت والدتك أنك لن تحب أحد، لن تثق ببضاعة الحياة المغشوشة أبدا ،لاترغب في أن تفقد من تحب لذلك أضربت عن الحب ،حتى نفسك نسيت أن تحبها ولكن للأسف يا يوسف لايملك الحب ذاكرة ،لايتعلم من أخطاءه ،والأدهى أنه هو من يختارنا ولسنا من نختاره ،،لاقرار لنا فيه ،تماما كالموت ،عبثي وفجائي ومباغت لايفكر في أن يستأذن أو أن يقدم نفسه قبل أن يقتحمنا.
***
كان هو قدرك الذي حطمك للمرة الثانية ،ولكن هذه المرة حطمك مرتين ، جثة أنثى واحدة كانت تسكنك والآن تسكنك جثث إناث العالم كله ...
لاتحزن أيها الرفيق ،فقط اسخر ،اسخر من قدرك،اسخر من نفسك ،اسخر من موتك ،اسخر من كل ماحولك، لكن لاتقف هكذا مهزوما .
***
أردتها قصة حب ،قصة أنت تصنعها ،اخترت فتاتك ،،سألوك مرارا لماذا هي؟وكنت تقول "لا أدري ولكن منذ رأيتها ،شعرت بأنها لي ،تخصني ،شعرت بأن هناك قصة ستجمعنا معا فأصررت على اللحاق بقصتي ،وسأكملها "
ها أنت أكملتها يايوسف ،ماذا تريد بعد ؟،ألم تعجبك النهاية ؟،،،دائما بين الرغبات الأبدية الجارفة والأقدار المعاكسة كان هو قدرك ،ماالذي يمكنك أن تفعله أكثر ؟
أدمنتها ،وصلت لها ،جعلتها تدمنك ،وأخذت منها صكا بحبها،،،أقنعت أهلك بها ،تقدمت لها ،رفضوك لا لسبب تدركه ،،،تسللت لحارتهم ،قابلت أخاها ،كلمت أختها ،ماذا أيضا ؟
اعترف ماالذي يحزنك الآن ،،هزيمتك ؟أم خذلانك إياها؟ ،،،لقد قلت لها "لاتخافي يافتاتي ،فالنجوم تكتم الأسرار "ولكن النجوم لم تكتمها هذه من المرة بل أفشتها ،نشرتها بلؤم مع أول غروب للشمس.
لاتسألني ماخطأك ؟لاتصدقهم ،ليس الحب ذنبك ،ليست جريمتك أن تقف صراصير الليل بينك وبين زهرتك ،،،
"عندما يموت العشق يموت شيئا ما فينا،،وليس هناك ماهو أصعب من أن نرمم ذواتنا "
أعرف،أعرف هذا كله أعرفه ،،،وتمنيت لوكانت مقاسات قدرتي أكبر ،لو أتمكن من مسح الشقاء من مساراتك حتى لو كلفني ذلك آخر قطرة دم ،،،دموعك لم أرغب في أن أراها يوما منسدلة بترف على خديك ،لاتقتلني بها أرجوك.
فراق أنثاك الأولى خلفك هشا ولكنها كانت أمك يايوسف،،،والأنثى الأخرى مجرد عابرة ،،،كثيرون هم العابرون ،،،الهو فقط معهم ،لاتتخذهم أصناما لأنهم حتما يوما ما سيغيبون وسيخلفونك حطام،،قصتك الغريبة بعثرها نهار عابر ومضى ليخلف لك سواد الليل وعتمة شظاياك ،أنفضهم جميعا من ذاكرتك ،أنفضهم غبارا لعينا آن له أن يتبعثر بلا عودة .
***
***
فقط عد ،لأني أنا هنا أنتظرك ،أنا هي قصتك وقدرك ،،،لاتبحث عني فأنا أسكنك منذ أول ميلاد للحب والقدر ، فقط أزل غبارك عني لتراني .
أيها القريب مني كصمتي
أيها البعيد كصوتي
يا من تفترش حقول الوجع فيا
يامن تصب اصفرار الحزن عليا
أعطني جرحك
لأعطيك بلسمي ودمي...
***
لماذا أنشدك حلما وأنا أعرف أن في طرف الحلم يختبأ الخنجر ؟!
الحرة المقيدة
يونيو 2009...