القبعة الخضراء
في مدينة بغداد عاصمة العراق، تعيش ندى مع أمها المريضة وترعاها وتعتني بها. ومع أن ندى لا تزال في الثانية عشرة من عمرها لكنها تعودت أن تقوم بأعباء المنزل منذ أن توفي والدها.
وندى لا ترعى أمها وتقوم بكل الأعمال في البيت فحسب بل تقوم بتطريز قبعات للأطفال وتبيعها في السوق لتشتري بثمنها الطعام والدواء لوالدتها.
ولم تهمل ندى بالرغم من كل المسؤوليات الملقاة على عاتقها دراستها، فهي تدرس في البيت مستعينة بجارتها التي كانت تعمل مدرسة قبل الحرب لكنها اضطرت للبقاء في المنزل، وهي تقوم بإعطاء دروس للأطفال وتأخذ منهم أجرا زهيدا.
وفي أحد الأيام، أرادت ندى أن تذهب إلى السوق لتبيع القبعات بعدما سهرت معظم الليل على تطريزها، لكنها شعرت بأن والدتها متعبة جدا فقررت أن تبقى في المنزل إلى جانبها.
وعندما لاحظت الأم أن ندى لم تخرج إلى السوق كالعادة قالت لها:
* ما بك يا ابنتي؟ ولماذا لم تذهبي اليوم إلى السوق؟
لا عليك يا أمي فقد كنت تتقلبين طيلة الليل على فراشك وكنت تأنين من الألم فخفت أن أتركك في البيت وحيدة.
* لا تخافي يا صغيرتي، فقد كنت أحلم بكابوس مريع وأنا الآن بخير، يمكنك الذهاب إلى السوق فالطعام يكاد ينفد.
حاضر يا أمي سأذهب الآن لكنني سأحاول العودة بسرعة.
وخرجت ندى من البيت قاصدة السوق بعدما قبلت أمها، وفي الطريق التقت الفتاة بجارتها المدرسة فحيتها وقالت لها:
* آسفة يا سيدة لطيفة لن أستطيع اليوم الحضور إلى منزلك فأنا أشك أن أمي متعبة مع أنها أكدت لي غير ذلك.
ما بها يا ندى؟
*قالت إن ليس بها شيء لكنني أشعر بأنها متعبة فبالأمس لم أعطها حبة الدواء لأنني لم أكن أملك المال الكافي لشراء دواء جديد بعدما نفد القديم.
لم لم تطرقي بابي يا ندى؟.
* لا أخفيك يا سيدة لطيفة أنني فكرت بالأمر لكنني خجلت فأنا أعرف أن المال الذي تأخذينه من الأطفال يكاد لا يكفي لشراء احتياجات أطفالك اليتامى.
ألا تعرفين يا ندى أن الله يطرح البركة في المال القليل؟
* أعرف يا سيدتي فأنا ألاحظ ذلك عندما أشتري أشياء كثيرة بالمال القليل.
هنيئا لك يا صغيرتي على هذا الفكر الواعي. والآن تعالي معي لأعطيك ما تريدين من مال.
* شكرا لك سيدة لطيفة فأنا ذاهبة إلى السوق لأبيع القبعات وأحضر المال.
قد لا تستطيعين بيع القبعات كلها وأمك محتاجة إلى الدواء الان، تعالي معي وبعدها تذهبين إلى السوق.
مشت ندى مع المدرسة باتجاه البيت، وفي الطريق رأت متسولا يمد يده فتأسفت لأنها لا تملك المال لإعطائه لكنها راحت تدعو له بالرزق. أما المدرسة لطيفة فقد راحت تبحث في حقيبتها عن قطعة عملة صغيرة فوجدت مائتين وخمسين دينارا أعطتها للمتسول فراح يدعو لها ولندى.
وصلت ندى مع المدرسة لطيفة إلى البيت، وعندما همت المدرسة بفتح الباب، قالت لها ندى:
أريد يا سيدتي أن أطمئن على والدتي أولا.
اذهبي يا ندى وفي هذا الوقت سوف أحضر لك المال.
دخلت السيدة لطيفة منزلها بينما استدارت ندى متجهة إلى بيتها، وبالقرب من المنزل لمحت ندى المتسول الذي كانت قد رأته مع المدرسة في الطريق.
راح المتسول ينظر إلى ندى بإمعان مما أثار فضولها فاقتربت منه وقالت:
من أنت أيها المتسول ؟ وماذا تفعل هنا؟
أنا لست متسولا، فقد كنت قبل الحرب موظفا في البريد لكن الحرب شردتني وجعلتني بلا مأوى وها أنا أجلس على قارعة الطريق وأحاول أن أكسب لقمتي من تعبي.
وهل تعتبر التسول عملا؟
قلت لك إني لست متسولا فأنا الآن أصنع لعبا بسيطة للأطفال وأبيعها في السوق وأستطيع بثمنها الحصول على لقمة العيش.
وبيتك؟
أنا أسكن في الشارع وأنام في أي مكان حتى لو كان مأوى للقطط الشاردة.
وقبل أن تتلفظ ندى بالكلام، قال الرجل:
أراك كل يوم في السوق تبيعين قبعات للأطفال في الوقت الذي أبيع فيه الدمى.
لكنني لم أرك هناك أبدا.
أنا دائما هناك، وقد اعترضت طريقك اليوم لأعطيك هذه القبعة فهي قديمة جدا لكنها قد تكون غالية الثمن.
أخذت ندى القبعة وراحت تنظر إليها وتقلبها بين يديها. كانت القبعة خضراء اللون جميلة ومطرزة بألوان رائعة.
نظرت ندى إلى الرجل فلم تجده فقد اختفى في لحظات.
شد جمال القبعة الخضراء ندى كثيرا فنسيت أمر الرجل الغريب ووضعت القبعة على رأسها.
فجأة شعرت ندى وكأنها تحلق في السماء وأضاء الكون من حولها بالأنوار ووجدت نفسها أمام حديقة غناء فيها أزهار ملونة وشلالات مياه متدفقة.
ورأت ندى منزلا جميلا فاتجهت إليه وفتحت الباب، فوجدت أربعة مصابيح كبيرة، ثم سمعت من الداخل صوتا شبيها بصوت الرجل الذي أعطاها القبعة يقول لها:
هيا يا ندى خذي المصابيح فهي لك.
حملت ندى المصابيح، وعندما همت بالخروج من المنزل أضاءت المصابيح، ثم تحولت إلى أربع قبعات رائعة الجمال.
وسمعت ندى الصوت من جديد يقول لها:
هذه القبعات لك في كل واحدة منها أمنية سليها ما تريدين وسوف تحقق لك كل الأماني.
أخذت ندى القبعات وهي تكاد تطير من الفرح، وخرجت من المنزل فوجدت المدرسة لطيفة بانتظارها.
لقد تأخرت يا ندى، ها هو المال خذيه واشتري لأمك الدواء.
شكرا يا سيدة لطيفة.. أنت حقا لطيفة لم أعد في حاجة إلى المال فقد أصبحت غنية.
تركت ندى المدرسة مشدوهة وذهبت إلى البيت فوجدت أمها تنتظرها. وأخبرت ندى أمها بقصة القبعة الخضراء ففرحت الأم كثيرا.
ومنذ ذلك اليوم تحولت ندى إلى فتاة ثرية وتحسنت صحة والدتها وصارت تذهب إلى المدرسة، وأحضرت لأمها خادمة لتساعدها في أعمال المنزل.
--------------------------------------
البرتقالة الغاضبه
استيقظ عصام في الصباح وراح يلعب ويجري بكرته الحمراء ووجد عصام برتقال على المنضدة فى منزله فقال سوف آخذ برتقالة وألعب بها مثل الكرة فى الحديقة ثم أخذ برتقالة وظل يلعب بها ويرميها هنا وهناك ثم سمع عصام صوت يبكي
تعجب عصام من هذا الصوت وحاول أن يتعرف عليه وكانت المفاجأة عندما عرف إنه من البرتقاله فسألها عصام وقال لها لماذا تبكي
فقالت وهي فى غاية الغضب هل تعرف من أنا ؟ فقال عصام انتي طبعا ً برتقاله
فقالت وهل تعرف ماذا تفعل بي ؟ فقال نعم العب وأجري وأقذفك هنا وهناك
فقالت وهي تبكي ماذا تقول فأنا برتقاله ولست كرة أنا مخلوق مثلك تماماً هل تحب أن يلعب بك أحد ويقذفك هنا وهناك كما تفعل بى
لقد خلقنى الله سبحانه وتعالى لأشياء مهمة فيمكنك أن تستفيد بكل جزء منى
فيمكنك مثلا ً أن تصنع مني عصير ويمكنك أيضا ً أن تصنع منى مربه حلوة أو تأكلني كدة بعد تقشيرى
وكمان تأخذ قشري وتعمل منه رائحه جميله فى الطعام
فذهب الولد حائرا ً يسأل والدته وقال لها ما سمع من البرتقالة
فقالت له فعلاً ياعصام البرتقال له فائده كبيره في حياتنا فالله
سبحانه وتعالي خلق لنا هذه الثمره لتعطينا الفيتامينات والزيوت المهمه لأجسامنا وتعطينا الصحه والحيويه وتمنع عنا نزلات البرد والزكام
والآن هل عرفت أنك أخطأت فى حق البرتقالة ويجب أن تعتذر لها
ذهب عصام الي البرتقاله واعتذر لها وقال سامحينى لن ألعب بكِ مرة ثانية وامتنع عصام عن اللعب بالبرتقالة وأصبح كل يوم يشرب عصير البرتقال لانه تأكد أن البرتقال مهم جداً للصحه وأن الله عز وجل خلقه للإستفادة منه وليس للعب به
--------------------------------------
العصفور المغرور
أشرق الصباح ذات يوم على حديقة جميلة وروضة ساحرة لم ير لها مثيل وكانت قطرات الندى تزين أوراق الزهور والأشجار وصوت العصافير والطيور يملأ أنحاء الحديقة وفى تلك الأثناء ظهر عصفور جميل يحلق فى سماء الحديقة وهو يغرد بصوت ساحر وكان شكله جميل وألوان ريشه خلابة زاهية وكان يطير بخفة شديدة وسرعة كبيرة تدهش من يراه وتدعو للإعجاب به
ولكن مع كل هذه الصفات التى كان يتمتع بها هذا العصفور كانت له صفة سيئة ولكنه لم يكن يشعر بها وكانت أمه تحذره دائما ً منها وتدعوه أن يتخلص من هذه الصفة الذميمة ولكن العصفور الصغير لم يكن يشعر بهذه الصفة ونتائجها السيئة هذه الصفة هي الغرور التى كان يتصف بها هذا العصفور الصغير
ومرت الأيام والعصفور الصغير يزداد غرورا ً وحبا ً لذاته ولنفسه وفى إحدى الأيام أراد العصفور الصغير أن يحلق ويلعب فى السماء كعادته وكان يبحث عن أى حيوان أو طائر يرى نفسه أمامه أنه أفضل منه وفى تلك الأثناء لمح العصفور الصغير غرابا ً يطير فى السماء فنادى عليه العصفور الصغير وما أن إنتبه إليه الغراب حتى نظر إليه العصفور الصغير وإنفجر فى الضحك سخرية ً به واستهزاء ًبه فنظر له الغراب وقال له ما بك أيها العصفور وعلى أى شىء تضحك هكذا فقال له العصفور ألا تعرف على أى شىء أضحك أيها الغراب القبيح ألا تدرك أننى أضحك عليك وعلى شكلك السىء هذا أين أنت منى أنا ألا ترى ألوان ريشى الجميلة التى لا تملك مثلها ، فريشك أنت لونه أسود كئىب ليس به ألوان مثلى ما أسعدنى بجمالى وجمال ريشى فلا يوجد طائر هنا أجمل منى ثم طار العصفور بعيدا ً تاركا ً الغراب حزينا ً على ما سمعه
ثم طار العصفور ثانية يبحث عن من يعكر عليه صفو حياته وأثناء طيرانه رأى حمارا ً فى الغابة فوقف العصفور الصغير على شجرة ثم نظر للحمار وهو يضحك ألا تريد أن تحدثنى ألا تريد أن تقول لى شيئا ً أيها الحمار وما أن بدأ الحمار فى التحدث إلى العصفور حتى ضحك العصفور بشدة وقال للحمارما هذا الصوت الذى لا أستطيع سماعه أين أنت منى أنا ألا تسمع صوتي الجميل الساحر الذى لاتملك مثله فصوتك أنت سىء ولا يطيق أحد سماعه أما صوتى أنا فهو جميل ويحبون سماعه فى الحديقة كما أن أذنيك طويلتين وشكلهما قبيح هل ترى الفرق بينى وبينك ثم ضحك العصفور وطار بعيدا ً تاركا ً الحمار حزينا ً على ما قاله له العصفور الصغير
ثم وقف العصفور الصغير يستريح على شجرة وأثناء ذلك رأى فأرا ً صغيرا ً يتحرك أسفل الشجرة فنظر إليه العصفور الصغير بسخرية وقال له لماذا تتحرك هكذا أيها الفأر أسفل الشجرة فنظر إليه الفأر وهو لا يعلم لماذا يتكلم إليه العصفور الصغير هكذا ثم أكمل العصفور الصغير حديثه إلى الفأر وقال أنت أيها الفأر جبانا ً تخاف من كل شىء ولا أحب أن تكون صديقى أين أنت منى أنا ألا ترى شجاعتى وشجاعة حديثى ثم طار العصفور الصغير بعيدا ً تاركا ً الفأر حزينا ً أسفل الشجرة
وفى أثناء طيران العصفور لمح سلحفاة فوقف على شجرة تجاورها وظل ينظر إليها ويضحك فسمعته السلحفاة وقالت له ما الذى يضحكك أيها العصفور الصغير فنظر إليها العصفور وقال لها لقد كنت هنا منذ فترة ولم أراك قد تحركت من مكانك إلا مسافة صغيرة جدا ً كم أنت بطيئة وحركتك ضعيفة أين أنت منى أنا ألا ترى خفتى وسرعتى فى الطيران أنت لا تستطيعين أن تكونى مثلى فأنا شىء آخر يختلف عنك أيتها السلحفاة الضعيفة ثم طار العصفور الصغير بعيدا ً تاركا ً السلحفاة حزينة مما قاله لها العصفور الصغير
وطار العصفور الصغير ليحلق فى سماء الحديقة وهو يقول ما أجمل ريشى وصوتى ولونى وشجاعتى وسرعتى لا يوجد مثلى فى كل هذه الدنيا ما أسعدنى بنفسى فأنا أسعد مخلوق وأخذ يطير ويحلق ويلهو وهو لا يعلم ما تدبره له حيوانات الغابة وطيورها
فقد إجتمع الغراب والحمار والفأروالسلحفاة واتفقوا على مقاطعة العصفور الصغير وعدم اللعب أو الحديث معه والذهاب لمسكنه مع أمه حتى يتحدثوا معها عن حديث العصفور الصغير معهم وبالفعل ذهبوا للحديث معهاوأخبروها عن كل ما حدث فاعتذرت لهم عن حديث العصفور الصغير ووعدتهم بأنها ستعنفه حتى لا يقول ذلك مرة أخرى ومضى الغراب والحمار والفأر والسلحفاة عائدين إلى منازلهم وبعد فترة عاد العصفور الصغير إلى مسكنه حيث وجد أمه فى إنتظاره
وعندما شاهد العصفور الصغير أمه إنتظر قليلا ً حتى تعد أمه له الطعام ولكنها لم تفعل فغضب العصفور الصغير وقال لأمه ما بك يا أمى أين الطعام الذى تعدينه لى كل يوم فنظرت إليه أمه وقالت له طعام لم تعد صغيرا ً على ذلك يجب أن تعد الطعام لنفسك وأن تجتهد فى الحصول عليه ولا تنتظر من يعده لك فقال لها العصفور أعِد الطعام ما بك يا أمى فأنا لن أفعل ذلك وسوف أنتظر حتى تعدى لى الطعام فقالت الأم إنتظر كما تريد ولكن يجب أن تعتمد على نفسك وانتظر العصفور الصغير كثيرا ً ولكن بدون فائدة فلم تعد أمه له الطعام وعندما شعر العصفور بالجوع بكى بكاءا ً شديدا ً فنظرت إليه أمه وقالت له إنك عصفور ضعيف صغير وصوتك أيضا ً ضعيف ولا تصلح فى شىء ولا تجتهد فى عمل شىء غير اللعب واللهو ولا تعتمد على نفسك وتنتظر أن آتى لك بالطعام كل يوم بدون أن تقوم بأى مجهود من أين لك هذه الصفات السيئة وكثير من الطيور يقومون بجمع الطعام ويجتهدون فى الحصول عليه أين أنت من هؤلاء الطيور المجتهدة النشيطة وكان حديث الأم للعصفور مفاجأة له فحزن حزنا ً شديدا ً وقال لنفسه لم أكن أعلم أن مثل هذا الحديث يغضب هكذا كيف كنت أقول مثل هذا الحديث لأصدقائى الحيوانات والطيور لقد أخطأت فى حقهم ويجب أن أعتذر لهم
ثم طار العصفور الصغير فى السماء يبحث عن أصدقائه الحيوانات والطيور الذى أخطأ فى حقهم حتى وجدهم واعتذر لهم واحدا ً تلو الآخر حتى قبلوا إعتذاره وأخبروا والدته بذلك وعلم العصفور الصغير أن كل مخلوق خلقه الله عز وجل له مميزات وعيوب وهذه المميزات قد توجد فى مخلوق ولا توجد فى الآخر وأنه لا يصح أن نستهزأ بأحد أونسبب له الحزن بحديثنا وعاش العصفور الصغير وسط حيوانات وطيور الحديقة فى سعادة ومرح وعلم أن الصداقة لابد منها وبدونها لا توجد حياة
--------------------------------
البُلبُل الذي فَقَد صوتَه
في يومٍ ما فُوجئ البُلبُلْ الصغيرُ أنّه قد فَقَد صوتَه فَجأةً ، ودونَ أن يَعرِفَ ما الذي حَدَث ، فهَرَبَ منه صوتُه وضاع .
عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً ، مَهموماً ، يائساً ، وأخذ يَبحثُ عن صوتِه الذي ضاع .
فأخَذ يَبحثُ في البيوت ، والمياه ، والأعشاش ، لكنّه ما وَجَده ، فعادَ مُنكسِراً ، مُتَحطِّماً ، لا يَهتمُّ بخُضرَةِ الأشجار ، ولا جَمالِ السنابِل ، ولا بالأزهار .
وكان حُزنُه يَشتدُّ إذا سَمِع زَقزَقَةَ العصافير وأغاريدَ الطيور المَرِحة .
فيما مضى كان البُلبُلُ الصغيرُ صَديقاً صَميمياً لجدولِ الماءِ الذي يَمُرّ بالحقل ، أمّا الآن فإنّ البلبلَ لا يُلامِسُ مياهَ الجدول ، ولا يَتحدّثُ معه .
وتَمُرّ الفَراشاتُ الجميلة الزاهيةُ الألوان فلا يُلاطِفُها كما كانَ يَفعلُ مِن قَبل ، ولا يَلعبُ معها .
لقد عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً مُتعَباً ، يَبحثُ عن صوتهِ الدافئ ، دونَ أن يَعثُر عليهِ في أيِّ مكان .
وعن طريقِ الإشارات ، سألَ الكثيرينَ من أصدقائه ، فلم يَهتَدِ أحدٌ منهم إلى شيء ، وظل هكذا حتى عادَ إلى الحقل ، فانطرَحَ في ظِلِّ شجرةِ التُّوتِ الكبيرة .
أخَذَ البلبلُ الحزينُ يَتذكّرُ أيّامَهُ الماضية ، حينَ كانَ صوتُهُ يَنطلِقُ بتَغريدٍ جميل حُلو ، تأنَسُ له الطيورُ والمياه ، والزَوارقُ الورَقيةُ السائرةُ على الماء ، والأعشابُ الراضيةُ المنبسطة ، وتَفرَحُ له الثِمارُ المُعلّقةُ في الأغصان ، أما الآن ، فقد ضاعَ منه فَجأةً كلُّ شيء .
رَفَع البلبلُ الصغيرُ رأسَهُ إلى السماءِ الوسيعةِ الزرقاء ، وأخَذَ يتَطَلّعُ إلى فَوق بتضرُّعٍ وحُزن : يا إلهي ، كيفَ يُمكنُ أن يَحدُثَ هذا بكلِّ هذهِ السُهولة ؟! ساعِدْني يا إلهي ، فمَن لي غَيرُك يُعيدُ لي صَوتيَ الضائع ؟
حينَ كانَ البلبلُ الصغيرُ يَنظُرُ إلى السماء ، أبصَرَ - في نُقطةٍ بَعيدة - حَمامةً صَغيرةً تَحمِلُ فوقَ ظهرِها حَمامةً جَريحة ، وقد بَدَت الحمامةُ الصغيرةُ مُتعَبة ومُنهَكة ، وهي تَنوءُ بهذا الحمل ، لكنّ الحمامةَ الصغيرةَ كانت مع ذلك شُجاعةً وصابرة .
انتَبَه البلبلُ الحزينُ إلى هذا المنظر ، فأخذَ يُتابِعُه ، وقلبُه يَدُقُّ خوفاً على الحمامةِ الصغيرةِ من السُقوط ، مع أنّها كانت تَطيرُ بشَجاعةٍ وإرادةٍ قويّة .
وعندما وَصَلَت الحمامةُ الصغيرة إلى نُقطةٍ قريبةٍ من شجرة التُوت ، بَدأت الحمامةُ الجريحةُ تَميلُ عنها بالتدريج ، فأخَذَ قلبُ البُلبل يَدُقّ ويَدُقّ .
لقد امتلأ قلبُهُ بالرِقَّةِ والخوفِ على هذهِ الحمامةِ الضعيفةِ التي تكادُ تَسقُطُ من الأعالي على الأرض .
ولمّا كادَت الحمامةُ الجريحةُ أن تَهوي كانَ البلبلُ الصغيرُ قد رَكّزَ كلَّ ما في داخِله مِن عواطفِ الرحمةِ والمَحبّةِ وهو يُتابِعُ المنظر .
فلم يَتمالَكِ البلبلُ الصغيرُ نفسَهُ ، فإذا هو يَصيحُ بقوّة : انتَبِهي ، انتَبِهي أيّتها الحمامةُ الصغيرة ، الحمامةُ الجريحةُ تكادُ تَسقُطُ عن ظهرِك .
سَمِعَتِ الحمامةُ صِياحَ البلبل فانتَبَهت ، وأخَذَت تُعَدِّلُ مِن جَناحَيها ، حتّى استعادَتِ الحمامةُ الجريحةُ وضَعَها السابق ، فشكرَتْه مِن قلبها ، ومضَت تَطيرُ وهي تُحَيِّيهِ بمِنقارِها .
توقّفَ البلبل ، وبَدأ يُفكِّر ، لم يُصدِّقْ في البداية ، لم يُصدِّقْ أنّ صوتَهُ قد عادَ إلَيه ، لكنّه تأكّدَ مِن ذلك لمّا حاوَلَ مرةً ثانية ، فانطلَقَ فَرِحاً يُغرِّدُ فوقَ الشجرة ، رافعاً رأسَهُ إلى السماءِ الزَرقاء ، وقد كانَ تَغريدُه هذهِ المرّة أُنشودَة شُكرٍ لله على هذهِ النِعمةِ الكبيرة
--------------------------
اليمامة والعش
في أعلى شجرة باسقة بنت يمامة بيضاء عشها كي تبقى بعيدة عن العيون وكي تستمتع بالهواء المنعش.
وكانت اليمامة في كل صباح تغادر عشها بعدما ترتبه وتذهب باحثة عن الطعام، ثم تعود إليه قبيل المغرب وتتفقده خوفا من أن يكون قد أتى إليه أي طائر في غيابها.
وظلت اليمامة أشهرا طويلة سعيدة بأن أحدا لم يكتشف عشها العالي وشعرت بالاطمئنان والراحة.
وفي يوم من الأيام، خرجت اليمامة من عشها لتبحث عن الطعام وهي متأكدة أن الطيور لن تكتشف عشها أبدا.
وبعد لحظات، حلقت فوق العش حمامة فلفت نظرها بأناقته وترتيبه، وقالت في نفسها:
يا إلهي ما أجمل هذا العش ! لم أر مثله في حياتي، أظن أنني لن أجد أفضل منه لوضع بيضي. ورفرفت الحمامة فوق العش ثم طارت بعيدا.
عادت اليمامة مساء إلى عشها فوجدت فيه ريشة جميلة.
راحت اليمامة تقلب الريشة بمنقارها فعرفت أنها ريشة حمامة وقالت في نفسها:
“من هي الحمامة التي اكتشفت عشي؟ ربما ستأتي إليه في غيابي، لذا لن أغادره غدا أبدا حتى أعرف ما ستفعل الحمامة”.
وفي اليوم التالي، ظلت اليمامة في عشها وراحت تنتظر. وفي ذلك الوقت كانت الحمامة الجميلة تبحث عن العش لتضع فيه بيضها فلم تجده.
ظلت الحمامة تبحث وتبحث وفي النهاية قررت أن تضع بيضها في عش قديم ومهجور.
شعرت اليمامة بالجوع لكنها لم تغادر العش، ثم شعرت بالنعاس فنامت.
وبينما كانت اليمامة تغط في نوم عميق مر طائر كاسر بالقرب من الشجرة فقال في نفسه: إنها شجرة باسقة سوف أحاول أن أحلق فوقها.
وراح الطائر يحلق فوق الشجرة فرأى عش اليمامة، انقض عليها وطردها من العش.
خافت اليمامة كثيرا، لكنها راحت تقاوم كي لا يدمر الطائر الكاسر عشها.
واشتدت المعركة بين الاثنين فوقع العش على الأرض.
ضحك الطائر وحلق بعيدا بينما راحت اليمامة تبكي على عشها.
في هذا الوقت مرت الحمامة الجميلة فرأت اليمامة تنتحب أمام بقايا عشها. عرفت الحمامة العش فقالت لليمامة:
- لا تبك يا عزيزتي، بإمكانك بناء عش جديد لكن حاولي أن تبنيه فوق شجرة عادية ولا تبحثي عن الأماكن المرتفعة.
----------
ولي عودة ،،،،
في مدينة بغداد عاصمة العراق، تعيش ندى مع أمها المريضة وترعاها وتعتني بها. ومع أن ندى لا تزال في الثانية عشرة من عمرها لكنها تعودت أن تقوم بأعباء المنزل منذ أن توفي والدها.
وندى لا ترعى أمها وتقوم بكل الأعمال في البيت فحسب بل تقوم بتطريز قبعات للأطفال وتبيعها في السوق لتشتري بثمنها الطعام والدواء لوالدتها.
ولم تهمل ندى بالرغم من كل المسؤوليات الملقاة على عاتقها دراستها، فهي تدرس في البيت مستعينة بجارتها التي كانت تعمل مدرسة قبل الحرب لكنها اضطرت للبقاء في المنزل، وهي تقوم بإعطاء دروس للأطفال وتأخذ منهم أجرا زهيدا.
وفي أحد الأيام، أرادت ندى أن تذهب إلى السوق لتبيع القبعات بعدما سهرت معظم الليل على تطريزها، لكنها شعرت بأن والدتها متعبة جدا فقررت أن تبقى في المنزل إلى جانبها.
وعندما لاحظت الأم أن ندى لم تخرج إلى السوق كالعادة قالت لها:
* ما بك يا ابنتي؟ ولماذا لم تذهبي اليوم إلى السوق؟
لا عليك يا أمي فقد كنت تتقلبين طيلة الليل على فراشك وكنت تأنين من الألم فخفت أن أتركك في البيت وحيدة.
* لا تخافي يا صغيرتي، فقد كنت أحلم بكابوس مريع وأنا الآن بخير، يمكنك الذهاب إلى السوق فالطعام يكاد ينفد.
حاضر يا أمي سأذهب الآن لكنني سأحاول العودة بسرعة.
وخرجت ندى من البيت قاصدة السوق بعدما قبلت أمها، وفي الطريق التقت الفتاة بجارتها المدرسة فحيتها وقالت لها:
* آسفة يا سيدة لطيفة لن أستطيع اليوم الحضور إلى منزلك فأنا أشك أن أمي متعبة مع أنها أكدت لي غير ذلك.
ما بها يا ندى؟
*قالت إن ليس بها شيء لكنني أشعر بأنها متعبة فبالأمس لم أعطها حبة الدواء لأنني لم أكن أملك المال الكافي لشراء دواء جديد بعدما نفد القديم.
لم لم تطرقي بابي يا ندى؟.
* لا أخفيك يا سيدة لطيفة أنني فكرت بالأمر لكنني خجلت فأنا أعرف أن المال الذي تأخذينه من الأطفال يكاد لا يكفي لشراء احتياجات أطفالك اليتامى.
ألا تعرفين يا ندى أن الله يطرح البركة في المال القليل؟
* أعرف يا سيدتي فأنا ألاحظ ذلك عندما أشتري أشياء كثيرة بالمال القليل.
هنيئا لك يا صغيرتي على هذا الفكر الواعي. والآن تعالي معي لأعطيك ما تريدين من مال.
* شكرا لك سيدة لطيفة فأنا ذاهبة إلى السوق لأبيع القبعات وأحضر المال.
قد لا تستطيعين بيع القبعات كلها وأمك محتاجة إلى الدواء الان، تعالي معي وبعدها تذهبين إلى السوق.
مشت ندى مع المدرسة باتجاه البيت، وفي الطريق رأت متسولا يمد يده فتأسفت لأنها لا تملك المال لإعطائه لكنها راحت تدعو له بالرزق. أما المدرسة لطيفة فقد راحت تبحث في حقيبتها عن قطعة عملة صغيرة فوجدت مائتين وخمسين دينارا أعطتها للمتسول فراح يدعو لها ولندى.
وصلت ندى مع المدرسة لطيفة إلى البيت، وعندما همت المدرسة بفتح الباب، قالت لها ندى:
أريد يا سيدتي أن أطمئن على والدتي أولا.
اذهبي يا ندى وفي هذا الوقت سوف أحضر لك المال.
دخلت السيدة لطيفة منزلها بينما استدارت ندى متجهة إلى بيتها، وبالقرب من المنزل لمحت ندى المتسول الذي كانت قد رأته مع المدرسة في الطريق.
راح المتسول ينظر إلى ندى بإمعان مما أثار فضولها فاقتربت منه وقالت:
من أنت أيها المتسول ؟ وماذا تفعل هنا؟
أنا لست متسولا، فقد كنت قبل الحرب موظفا في البريد لكن الحرب شردتني وجعلتني بلا مأوى وها أنا أجلس على قارعة الطريق وأحاول أن أكسب لقمتي من تعبي.
وهل تعتبر التسول عملا؟
قلت لك إني لست متسولا فأنا الآن أصنع لعبا بسيطة للأطفال وأبيعها في السوق وأستطيع بثمنها الحصول على لقمة العيش.
وبيتك؟
أنا أسكن في الشارع وأنام في أي مكان حتى لو كان مأوى للقطط الشاردة.
وقبل أن تتلفظ ندى بالكلام، قال الرجل:
أراك كل يوم في السوق تبيعين قبعات للأطفال في الوقت الذي أبيع فيه الدمى.
لكنني لم أرك هناك أبدا.
أنا دائما هناك، وقد اعترضت طريقك اليوم لأعطيك هذه القبعة فهي قديمة جدا لكنها قد تكون غالية الثمن.
أخذت ندى القبعة وراحت تنظر إليها وتقلبها بين يديها. كانت القبعة خضراء اللون جميلة ومطرزة بألوان رائعة.
نظرت ندى إلى الرجل فلم تجده فقد اختفى في لحظات.
شد جمال القبعة الخضراء ندى كثيرا فنسيت أمر الرجل الغريب ووضعت القبعة على رأسها.
فجأة شعرت ندى وكأنها تحلق في السماء وأضاء الكون من حولها بالأنوار ووجدت نفسها أمام حديقة غناء فيها أزهار ملونة وشلالات مياه متدفقة.
ورأت ندى منزلا جميلا فاتجهت إليه وفتحت الباب، فوجدت أربعة مصابيح كبيرة، ثم سمعت من الداخل صوتا شبيها بصوت الرجل الذي أعطاها القبعة يقول لها:
هيا يا ندى خذي المصابيح فهي لك.
حملت ندى المصابيح، وعندما همت بالخروج من المنزل أضاءت المصابيح، ثم تحولت إلى أربع قبعات رائعة الجمال.
وسمعت ندى الصوت من جديد يقول لها:
هذه القبعات لك في كل واحدة منها أمنية سليها ما تريدين وسوف تحقق لك كل الأماني.
أخذت ندى القبعات وهي تكاد تطير من الفرح، وخرجت من المنزل فوجدت المدرسة لطيفة بانتظارها.
لقد تأخرت يا ندى، ها هو المال خذيه واشتري لأمك الدواء.
شكرا يا سيدة لطيفة.. أنت حقا لطيفة لم أعد في حاجة إلى المال فقد أصبحت غنية.
تركت ندى المدرسة مشدوهة وذهبت إلى البيت فوجدت أمها تنتظرها. وأخبرت ندى أمها بقصة القبعة الخضراء ففرحت الأم كثيرا.
ومنذ ذلك اليوم تحولت ندى إلى فتاة ثرية وتحسنت صحة والدتها وصارت تذهب إلى المدرسة، وأحضرت لأمها خادمة لتساعدها في أعمال المنزل.
--------------------------------------
البرتقالة الغاضبه
استيقظ عصام في الصباح وراح يلعب ويجري بكرته الحمراء ووجد عصام برتقال على المنضدة فى منزله فقال سوف آخذ برتقالة وألعب بها مثل الكرة فى الحديقة ثم أخذ برتقالة وظل يلعب بها ويرميها هنا وهناك ثم سمع عصام صوت يبكي
تعجب عصام من هذا الصوت وحاول أن يتعرف عليه وكانت المفاجأة عندما عرف إنه من البرتقاله فسألها عصام وقال لها لماذا تبكي
فقالت وهي فى غاية الغضب هل تعرف من أنا ؟ فقال عصام انتي طبعا ً برتقاله
فقالت وهل تعرف ماذا تفعل بي ؟ فقال نعم العب وأجري وأقذفك هنا وهناك
فقالت وهي تبكي ماذا تقول فأنا برتقاله ولست كرة أنا مخلوق مثلك تماماً هل تحب أن يلعب بك أحد ويقذفك هنا وهناك كما تفعل بى
لقد خلقنى الله سبحانه وتعالى لأشياء مهمة فيمكنك أن تستفيد بكل جزء منى
فيمكنك مثلا ً أن تصنع مني عصير ويمكنك أيضا ً أن تصنع منى مربه حلوة أو تأكلني كدة بعد تقشيرى
وكمان تأخذ قشري وتعمل منه رائحه جميله فى الطعام
فذهب الولد حائرا ً يسأل والدته وقال لها ما سمع من البرتقالة
فقالت له فعلاً ياعصام البرتقال له فائده كبيره في حياتنا فالله
سبحانه وتعالي خلق لنا هذه الثمره لتعطينا الفيتامينات والزيوت المهمه لأجسامنا وتعطينا الصحه والحيويه وتمنع عنا نزلات البرد والزكام
والآن هل عرفت أنك أخطأت فى حق البرتقالة ويجب أن تعتذر لها
ذهب عصام الي البرتقاله واعتذر لها وقال سامحينى لن ألعب بكِ مرة ثانية وامتنع عصام عن اللعب بالبرتقالة وأصبح كل يوم يشرب عصير البرتقال لانه تأكد أن البرتقال مهم جداً للصحه وأن الله عز وجل خلقه للإستفادة منه وليس للعب به
--------------------------------------
العصفور المغرور
أشرق الصباح ذات يوم على حديقة جميلة وروضة ساحرة لم ير لها مثيل وكانت قطرات الندى تزين أوراق الزهور والأشجار وصوت العصافير والطيور يملأ أنحاء الحديقة وفى تلك الأثناء ظهر عصفور جميل يحلق فى سماء الحديقة وهو يغرد بصوت ساحر وكان شكله جميل وألوان ريشه خلابة زاهية وكان يطير بخفة شديدة وسرعة كبيرة تدهش من يراه وتدعو للإعجاب به
ولكن مع كل هذه الصفات التى كان يتمتع بها هذا العصفور كانت له صفة سيئة ولكنه لم يكن يشعر بها وكانت أمه تحذره دائما ً منها وتدعوه أن يتخلص من هذه الصفة الذميمة ولكن العصفور الصغير لم يكن يشعر بهذه الصفة ونتائجها السيئة هذه الصفة هي الغرور التى كان يتصف بها هذا العصفور الصغير
ومرت الأيام والعصفور الصغير يزداد غرورا ً وحبا ً لذاته ولنفسه وفى إحدى الأيام أراد العصفور الصغير أن يحلق ويلعب فى السماء كعادته وكان يبحث عن أى حيوان أو طائر يرى نفسه أمامه أنه أفضل منه وفى تلك الأثناء لمح العصفور الصغير غرابا ً يطير فى السماء فنادى عليه العصفور الصغير وما أن إنتبه إليه الغراب حتى نظر إليه العصفور الصغير وإنفجر فى الضحك سخرية ً به واستهزاء ًبه فنظر له الغراب وقال له ما بك أيها العصفور وعلى أى شىء تضحك هكذا فقال له العصفور ألا تعرف على أى شىء أضحك أيها الغراب القبيح ألا تدرك أننى أضحك عليك وعلى شكلك السىء هذا أين أنت منى أنا ألا ترى ألوان ريشى الجميلة التى لا تملك مثلها ، فريشك أنت لونه أسود كئىب ليس به ألوان مثلى ما أسعدنى بجمالى وجمال ريشى فلا يوجد طائر هنا أجمل منى ثم طار العصفور بعيدا ً تاركا ً الغراب حزينا ً على ما سمعه
ثم طار العصفور ثانية يبحث عن من يعكر عليه صفو حياته وأثناء طيرانه رأى حمارا ً فى الغابة فوقف العصفور الصغير على شجرة ثم نظر للحمار وهو يضحك ألا تريد أن تحدثنى ألا تريد أن تقول لى شيئا ً أيها الحمار وما أن بدأ الحمار فى التحدث إلى العصفور حتى ضحك العصفور بشدة وقال للحمارما هذا الصوت الذى لا أستطيع سماعه أين أنت منى أنا ألا تسمع صوتي الجميل الساحر الذى لاتملك مثله فصوتك أنت سىء ولا يطيق أحد سماعه أما صوتى أنا فهو جميل ويحبون سماعه فى الحديقة كما أن أذنيك طويلتين وشكلهما قبيح هل ترى الفرق بينى وبينك ثم ضحك العصفور وطار بعيدا ً تاركا ً الحمار حزينا ً على ما قاله له العصفور الصغير
ثم وقف العصفور الصغير يستريح على شجرة وأثناء ذلك رأى فأرا ً صغيرا ً يتحرك أسفل الشجرة فنظر إليه العصفور الصغير بسخرية وقال له لماذا تتحرك هكذا أيها الفأر أسفل الشجرة فنظر إليه الفأر وهو لا يعلم لماذا يتكلم إليه العصفور الصغير هكذا ثم أكمل العصفور الصغير حديثه إلى الفأر وقال أنت أيها الفأر جبانا ً تخاف من كل شىء ولا أحب أن تكون صديقى أين أنت منى أنا ألا ترى شجاعتى وشجاعة حديثى ثم طار العصفور الصغير بعيدا ً تاركا ً الفأر حزينا ً أسفل الشجرة
وفى أثناء طيران العصفور لمح سلحفاة فوقف على شجرة تجاورها وظل ينظر إليها ويضحك فسمعته السلحفاة وقالت له ما الذى يضحكك أيها العصفور الصغير فنظر إليها العصفور وقال لها لقد كنت هنا منذ فترة ولم أراك قد تحركت من مكانك إلا مسافة صغيرة جدا ً كم أنت بطيئة وحركتك ضعيفة أين أنت منى أنا ألا ترى خفتى وسرعتى فى الطيران أنت لا تستطيعين أن تكونى مثلى فأنا شىء آخر يختلف عنك أيتها السلحفاة الضعيفة ثم طار العصفور الصغير بعيدا ً تاركا ً السلحفاة حزينة مما قاله لها العصفور الصغير
وطار العصفور الصغير ليحلق فى سماء الحديقة وهو يقول ما أجمل ريشى وصوتى ولونى وشجاعتى وسرعتى لا يوجد مثلى فى كل هذه الدنيا ما أسعدنى بنفسى فأنا أسعد مخلوق وأخذ يطير ويحلق ويلهو وهو لا يعلم ما تدبره له حيوانات الغابة وطيورها
فقد إجتمع الغراب والحمار والفأروالسلحفاة واتفقوا على مقاطعة العصفور الصغير وعدم اللعب أو الحديث معه والذهاب لمسكنه مع أمه حتى يتحدثوا معها عن حديث العصفور الصغير معهم وبالفعل ذهبوا للحديث معهاوأخبروها عن كل ما حدث فاعتذرت لهم عن حديث العصفور الصغير ووعدتهم بأنها ستعنفه حتى لا يقول ذلك مرة أخرى ومضى الغراب والحمار والفأر والسلحفاة عائدين إلى منازلهم وبعد فترة عاد العصفور الصغير إلى مسكنه حيث وجد أمه فى إنتظاره
وعندما شاهد العصفور الصغير أمه إنتظر قليلا ً حتى تعد أمه له الطعام ولكنها لم تفعل فغضب العصفور الصغير وقال لأمه ما بك يا أمى أين الطعام الذى تعدينه لى كل يوم فنظرت إليه أمه وقالت له طعام لم تعد صغيرا ً على ذلك يجب أن تعد الطعام لنفسك وأن تجتهد فى الحصول عليه ولا تنتظر من يعده لك فقال لها العصفور أعِد الطعام ما بك يا أمى فأنا لن أفعل ذلك وسوف أنتظر حتى تعدى لى الطعام فقالت الأم إنتظر كما تريد ولكن يجب أن تعتمد على نفسك وانتظر العصفور الصغير كثيرا ً ولكن بدون فائدة فلم تعد أمه له الطعام وعندما شعر العصفور بالجوع بكى بكاءا ً شديدا ً فنظرت إليه أمه وقالت له إنك عصفور ضعيف صغير وصوتك أيضا ً ضعيف ولا تصلح فى شىء ولا تجتهد فى عمل شىء غير اللعب واللهو ولا تعتمد على نفسك وتنتظر أن آتى لك بالطعام كل يوم بدون أن تقوم بأى مجهود من أين لك هذه الصفات السيئة وكثير من الطيور يقومون بجمع الطعام ويجتهدون فى الحصول عليه أين أنت من هؤلاء الطيور المجتهدة النشيطة وكان حديث الأم للعصفور مفاجأة له فحزن حزنا ً شديدا ً وقال لنفسه لم أكن أعلم أن مثل هذا الحديث يغضب هكذا كيف كنت أقول مثل هذا الحديث لأصدقائى الحيوانات والطيور لقد أخطأت فى حقهم ويجب أن أعتذر لهم
ثم طار العصفور الصغير فى السماء يبحث عن أصدقائه الحيوانات والطيور الذى أخطأ فى حقهم حتى وجدهم واعتذر لهم واحدا ً تلو الآخر حتى قبلوا إعتذاره وأخبروا والدته بذلك وعلم العصفور الصغير أن كل مخلوق خلقه الله عز وجل له مميزات وعيوب وهذه المميزات قد توجد فى مخلوق ولا توجد فى الآخر وأنه لا يصح أن نستهزأ بأحد أونسبب له الحزن بحديثنا وعاش العصفور الصغير وسط حيوانات وطيور الحديقة فى سعادة ومرح وعلم أن الصداقة لابد منها وبدونها لا توجد حياة
--------------------------------
البُلبُل الذي فَقَد صوتَه
في يومٍ ما فُوجئ البُلبُلْ الصغيرُ أنّه قد فَقَد صوتَه فَجأةً ، ودونَ أن يَعرِفَ ما الذي حَدَث ، فهَرَبَ منه صوتُه وضاع .
عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً ، مَهموماً ، يائساً ، وأخذ يَبحثُ عن صوتِه الذي ضاع .
فأخَذ يَبحثُ في البيوت ، والمياه ، والأعشاش ، لكنّه ما وَجَده ، فعادَ مُنكسِراً ، مُتَحطِّماً ، لا يَهتمُّ بخُضرَةِ الأشجار ، ولا جَمالِ السنابِل ، ولا بالأزهار .
وكان حُزنُه يَشتدُّ إذا سَمِع زَقزَقَةَ العصافير وأغاريدَ الطيور المَرِحة .
فيما مضى كان البُلبُلُ الصغيرُ صَديقاً صَميمياً لجدولِ الماءِ الذي يَمُرّ بالحقل ، أمّا الآن فإنّ البلبلَ لا يُلامِسُ مياهَ الجدول ، ولا يَتحدّثُ معه .
وتَمُرّ الفَراشاتُ الجميلة الزاهيةُ الألوان فلا يُلاطِفُها كما كانَ يَفعلُ مِن قَبل ، ولا يَلعبُ معها .
لقد عادَ البلبلُ الصغيرُ حزيناً مُتعَباً ، يَبحثُ عن صوتهِ الدافئ ، دونَ أن يَعثُر عليهِ في أيِّ مكان .
وعن طريقِ الإشارات ، سألَ الكثيرينَ من أصدقائه ، فلم يَهتَدِ أحدٌ منهم إلى شيء ، وظل هكذا حتى عادَ إلى الحقل ، فانطرَحَ في ظِلِّ شجرةِ التُّوتِ الكبيرة .
أخَذَ البلبلُ الحزينُ يَتذكّرُ أيّامَهُ الماضية ، حينَ كانَ صوتُهُ يَنطلِقُ بتَغريدٍ جميل حُلو ، تأنَسُ له الطيورُ والمياه ، والزَوارقُ الورَقيةُ السائرةُ على الماء ، والأعشابُ الراضيةُ المنبسطة ، وتَفرَحُ له الثِمارُ المُعلّقةُ في الأغصان ، أما الآن ، فقد ضاعَ منه فَجأةً كلُّ شيء .
رَفَع البلبلُ الصغيرُ رأسَهُ إلى السماءِ الوسيعةِ الزرقاء ، وأخَذَ يتَطَلّعُ إلى فَوق بتضرُّعٍ وحُزن : يا إلهي ، كيفَ يُمكنُ أن يَحدُثَ هذا بكلِّ هذهِ السُهولة ؟! ساعِدْني يا إلهي ، فمَن لي غَيرُك يُعيدُ لي صَوتيَ الضائع ؟
حينَ كانَ البلبلُ الصغيرُ يَنظُرُ إلى السماء ، أبصَرَ - في نُقطةٍ بَعيدة - حَمامةً صَغيرةً تَحمِلُ فوقَ ظهرِها حَمامةً جَريحة ، وقد بَدَت الحمامةُ الصغيرةُ مُتعَبة ومُنهَكة ، وهي تَنوءُ بهذا الحمل ، لكنّ الحمامةَ الصغيرةَ كانت مع ذلك شُجاعةً وصابرة .
انتَبَه البلبلُ الحزينُ إلى هذا المنظر ، فأخذَ يُتابِعُه ، وقلبُه يَدُقُّ خوفاً على الحمامةِ الصغيرةِ من السُقوط ، مع أنّها كانت تَطيرُ بشَجاعةٍ وإرادةٍ قويّة .
وعندما وَصَلَت الحمامةُ الصغيرة إلى نُقطةٍ قريبةٍ من شجرة التُوت ، بَدأت الحمامةُ الجريحةُ تَميلُ عنها بالتدريج ، فأخَذَ قلبُ البُلبل يَدُقّ ويَدُقّ .
لقد امتلأ قلبُهُ بالرِقَّةِ والخوفِ على هذهِ الحمامةِ الضعيفةِ التي تكادُ تَسقُطُ من الأعالي على الأرض .
ولمّا كادَت الحمامةُ الجريحةُ أن تَهوي كانَ البلبلُ الصغيرُ قد رَكّزَ كلَّ ما في داخِله مِن عواطفِ الرحمةِ والمَحبّةِ وهو يُتابِعُ المنظر .
فلم يَتمالَكِ البلبلُ الصغيرُ نفسَهُ ، فإذا هو يَصيحُ بقوّة : انتَبِهي ، انتَبِهي أيّتها الحمامةُ الصغيرة ، الحمامةُ الجريحةُ تكادُ تَسقُطُ عن ظهرِك .
سَمِعَتِ الحمامةُ صِياحَ البلبل فانتَبَهت ، وأخَذَت تُعَدِّلُ مِن جَناحَيها ، حتّى استعادَتِ الحمامةُ الجريحةُ وضَعَها السابق ، فشكرَتْه مِن قلبها ، ومضَت تَطيرُ وهي تُحَيِّيهِ بمِنقارِها .
توقّفَ البلبل ، وبَدأ يُفكِّر ، لم يُصدِّقْ في البداية ، لم يُصدِّقْ أنّ صوتَهُ قد عادَ إلَيه ، لكنّه تأكّدَ مِن ذلك لمّا حاوَلَ مرةً ثانية ، فانطلَقَ فَرِحاً يُغرِّدُ فوقَ الشجرة ، رافعاً رأسَهُ إلى السماءِ الزَرقاء ، وقد كانَ تَغريدُه هذهِ المرّة أُنشودَة شُكرٍ لله على هذهِ النِعمةِ الكبيرة
--------------------------
اليمامة والعش
في أعلى شجرة باسقة بنت يمامة بيضاء عشها كي تبقى بعيدة عن العيون وكي تستمتع بالهواء المنعش.
وكانت اليمامة في كل صباح تغادر عشها بعدما ترتبه وتذهب باحثة عن الطعام، ثم تعود إليه قبيل المغرب وتتفقده خوفا من أن يكون قد أتى إليه أي طائر في غيابها.
وظلت اليمامة أشهرا طويلة سعيدة بأن أحدا لم يكتشف عشها العالي وشعرت بالاطمئنان والراحة.
وفي يوم من الأيام، خرجت اليمامة من عشها لتبحث عن الطعام وهي متأكدة أن الطيور لن تكتشف عشها أبدا.
وبعد لحظات، حلقت فوق العش حمامة فلفت نظرها بأناقته وترتيبه، وقالت في نفسها:
يا إلهي ما أجمل هذا العش ! لم أر مثله في حياتي، أظن أنني لن أجد أفضل منه لوضع بيضي. ورفرفت الحمامة فوق العش ثم طارت بعيدا.
عادت اليمامة مساء إلى عشها فوجدت فيه ريشة جميلة.
راحت اليمامة تقلب الريشة بمنقارها فعرفت أنها ريشة حمامة وقالت في نفسها:
“من هي الحمامة التي اكتشفت عشي؟ ربما ستأتي إليه في غيابي، لذا لن أغادره غدا أبدا حتى أعرف ما ستفعل الحمامة”.
وفي اليوم التالي، ظلت اليمامة في عشها وراحت تنتظر. وفي ذلك الوقت كانت الحمامة الجميلة تبحث عن العش لتضع فيه بيضها فلم تجده.
ظلت الحمامة تبحث وتبحث وفي النهاية قررت أن تضع بيضها في عش قديم ومهجور.
شعرت اليمامة بالجوع لكنها لم تغادر العش، ثم شعرت بالنعاس فنامت.
وبينما كانت اليمامة تغط في نوم عميق مر طائر كاسر بالقرب من الشجرة فقال في نفسه: إنها شجرة باسقة سوف أحاول أن أحلق فوقها.
وراح الطائر يحلق فوق الشجرة فرأى عش اليمامة، انقض عليها وطردها من العش.
خافت اليمامة كثيرا، لكنها راحت تقاوم كي لا يدمر الطائر الكاسر عشها.
واشتدت المعركة بين الاثنين فوقع العش على الأرض.
ضحك الطائر وحلق بعيدا بينما راحت اليمامة تبكي على عشها.
في هذا الوقت مرت الحمامة الجميلة فرأت اليمامة تنتحب أمام بقايا عشها. عرفت الحمامة العش فقالت لليمامة:
- لا تبك يا عزيزتي، بإمكانك بناء عش جديد لكن حاولي أن تبنيه فوق شجرة عادية ولا تبحثي عن الأماكن المرتفعة.
----------
ولي عودة ،،،،
تعليق