السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تلقيتُ يوم السبت المنصرم دعوة كريمة لزيارة جامعة نزوى وحضور احتفال الإسبوع المرور الذي تنظمه مديرية المنطقة الداخلية للشرطة بالتعاون مع جامعة نزوى ، فلبيتُ النداء وحثثتُ الخطى نحو مدينة نزوى أرض الحضارة ومنبع العلم والتاريخ ، بوابة الصمود وواجهة العزة والشموخ ، التراث حاضراً في كل أركانها ، والجمال يزين كل طرقاتها ، جبالها تشعرك بالعزة ووديانها تمنحك بعداً آخر من جمال الطبيعة الأخّاذ .
وصلتُ جامعة نزوى قبيل الحفل بلحظاتٍ قصيرة ، فاتجهت رأساً إلى مسرح الجامعة المغلق ، وحينها كنتُ أمنّي النفس بالتجوال في أروقة الجامعة واستكشاف فصولها وجوانبها ، ولكن ضيق الوقت حرمني من تلك اللحظة الرائعة ، كانت قاعة المسرح فاتحة خير وبوابة إشراق ، حيث الهدوء والتنظيم الساحر والتقنية الرائعة .
وقبل كل شيء فإن الحفل الذي دُعيتُ إليه رسمياً في طابعه ومحتواه ، ففي الصفوف الأولى تجد كبار الشخصيات من المدنيين ، ويليه كبار الضباط في الدولة ، وفي الجانب الآخر حضور مميز لشباب وفتيات جامعة نزوى ، وخشيتُ أن أشعر بالرتابة والسآمة فالحفل عسكري الفكرة والنشأة مغلف بطابع رسمي رفيع ، فالمتوقع أن يكون الحفل جافاً يتسارع في وتيرة النصح والوعظ والإرشاد بلغة الصرامة وعدم التهاون .
دخول راعي الحفل يتبعه السلام السلطاني إيذاناً بإفتتاح العرض وبداية رحلة الأمسية البهيجة ، فَتعطَّر المكان بطيب حديث المولى القدير بآياتٍ تتلى من الذكر الحكيم ، فهدأت النفس واستأنس القلب واطمأنتِ الروح ، بعدها أتى عميد المنطقة الداخلية "الزدجالي" يلقي كلمته في تأنّي وسلاسة ، وقد أشار إلى إحصائيات الحوادث للعام المنصرم موجهاً الجميع إلى إتباع قوانين الطرق بحذافيرها ، راجياً السلامة للجميع .
الشاعر المبدع بدر الجنيبي بلهجته البدوية الأصيلة يُطرب الجميع ويشنّف الآذان بإلقاءه الجميل وكلماته الرائعة ، فقصيدته بحراً من جمال وعالماً من خيال ، وقد حذّر وعنّف المتهورين وطلب منهم التمسك بأخلاقيات الطريق ، موجهاً رسالته للشباب خاصة ، وقد وجدت كلماته رضاءً في النفوس ووقعت على جانبٍ في القلب القصيِّ فتمكنت فيه ، كما شاركت إحدى الطالبات بقصيدةٍ أخرى طرّزت فيها كل معاني السمو لدى السائق فأرواح من في المركبة وخارجها أمانة لديه ، وإزهاقها ذنبٌ لا يُغتفر ، يحاسبه الله عليها ، ولقد أجادت في طريقة إلقاءها ونطقها السليم للحروف ، وحقاً تفخرُ جامعة نزوى بطلابها المبدعين .
شرطة عمان السلطانية كان لها دورها البارز في التوعية والإرشاد من خلال الفلم الوثائقي الذي عرضته وهو يحكي واقعاً أليماً ، فتجد الدموع تتناثر هنا وهناك ، فلقد تفتّت الأكباد وانفطرت القلوب لرؤية أُسر الضحايا ، وكيف يتّمت حوادث السير أطفالاً رضّع ، وخلفت الأرامل والمفجوعين ، نكبات الحزن عمّت كل البقاع ، فكان فلماً مؤثراً بحق ، ولم تبقى مهجةٌ لم تسحَّ دموعها ، وودتُ أن لو كل أهل عمان شاهدوا الفلم معنا ، لكان العبرة والعظة مصيرُ الجميع بإذن الله .
وبعدما نثرنا الدموع ، تأتي فرقة المسرح بعملٍ لا يخطر على بال ، فكم رفعنا العقيرة فخراً بوجود هذه الكوكبة ، مسرحية التجاوز الخاطىء قاتل أخذتنا إلى حيث يقبع السحر بل هي كانت لحظة سكرٍ على البديهة ، تبارك الرحمن ، إبداعُ فامتاع ، بل قل إشباع وإقناع ، لم أشاهد نصّا مسرحياً في سلطنة عمان من قبلٍ كهذا ، بالرغم على كثرة حضوري للإحتفالات والمسرحية في الجامعات والمعاهد والمدارس والنوادي ، مهما تحدثتُ عمّا رأيت فلن أفيها عُشر حقها ، فاجأتني الفتاة العمانية التي قامت بدور ابنة الشايب وأخت سالم ، يا للجمال في الأسلوب والحوار والجرأة بل حتى في الهمسات والحركة ، فكم خشيتُ عليها الحسد يومها ، ولم يخطر لي ببال أن أرى فتاةً عمانية تبرع في المسرح كحال تلك الفتاة ، فهي بحق أفضل من الكثير التي نراهن في غثاء الفضائيات ، وكذلك الشاب المبدع الذي قام بدور الشايب والد سالم ، فهو يمتلك روحاً مرحة ، وذكاءً متوقداً ، سرعة البديهة حاضرة لديه ، والتخلص من أي هفوة ميزة رائعة متأصلة فيه ، لم نشعرُ أبداً بأنه شابٌ في ريعان الشباب لروعة أدائه واتقان دوره ، كذلك سالم وعمه وابنة عمه كانوا أبطالاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وما أعجبني أكثر هو ذلك الحس المرهف برسالة المسرح ، وبالرغم من الحضور الرسمي لشخصيات بارزة إلا أنهم وجهوا لسعات خفيفة وبطريقة لبقة إلى كثير من القضايا الحساسة ، كل ذلك بدهاءٍ ودبلوماسية .
وجاء دور النشيد ، وأتت فرقة الفجر الإنشادية بالوادي الأعلى لتقدم وصلة إنشادية رائعة ، فكم سعدتُ حينما رأيت النشيد يخطو خطواتٍ متقدمة ، فلم يكن في الحسبان أن نرى الأناشيد في الإحتفالات الرسمية الكبيرة ، وللأمانة فإن فرقة الفجر برهنت على علوِّ كعبها في عالم الإنشاد ، وما أطربني أن رأيت كل شباب الفرقة منشدين ، ولم تخضع الفرقة لمنشدٍ واحدٍ تدين له ، بل كان أوبريت مصغر ، نال إستحسان الجمهور ، ووقف الجميع مصفقاً لوقتٍ طويل ، فهنيئاً لنا بفرقةٍ إنشادية كهذه .
لكي لا أطيل كان للفرقة الشعبية حضوراً لافتاً كذلك ، التناسق العجيب وانتقاء الكلمات وروعة الأداء كان سمةً راقية لهذه الفرقة المميزة بحق ، والخلاصة أنني وجدتُ في جامعة نزوى ما أبهرني ، فتوالت الأحلام والآمال في مخيلتي ، إنه بداية عهدٍ من الإبداع ، فعمان تمتلك مناجم مبدعين فقط نأخذ بأيديهم ونوجههم نحو الطريق السليم .
ودمتم في القلب تسكنونه وتعمرونه
تلقيتُ يوم السبت المنصرم دعوة كريمة لزيارة جامعة نزوى وحضور احتفال الإسبوع المرور الذي تنظمه مديرية المنطقة الداخلية للشرطة بالتعاون مع جامعة نزوى ، فلبيتُ النداء وحثثتُ الخطى نحو مدينة نزوى أرض الحضارة ومنبع العلم والتاريخ ، بوابة الصمود وواجهة العزة والشموخ ، التراث حاضراً في كل أركانها ، والجمال يزين كل طرقاتها ، جبالها تشعرك بالعزة ووديانها تمنحك بعداً آخر من جمال الطبيعة الأخّاذ .
وصلتُ جامعة نزوى قبيل الحفل بلحظاتٍ قصيرة ، فاتجهت رأساً إلى مسرح الجامعة المغلق ، وحينها كنتُ أمنّي النفس بالتجوال في أروقة الجامعة واستكشاف فصولها وجوانبها ، ولكن ضيق الوقت حرمني من تلك اللحظة الرائعة ، كانت قاعة المسرح فاتحة خير وبوابة إشراق ، حيث الهدوء والتنظيم الساحر والتقنية الرائعة .
وقبل كل شيء فإن الحفل الذي دُعيتُ إليه رسمياً في طابعه ومحتواه ، ففي الصفوف الأولى تجد كبار الشخصيات من المدنيين ، ويليه كبار الضباط في الدولة ، وفي الجانب الآخر حضور مميز لشباب وفتيات جامعة نزوى ، وخشيتُ أن أشعر بالرتابة والسآمة فالحفل عسكري الفكرة والنشأة مغلف بطابع رسمي رفيع ، فالمتوقع أن يكون الحفل جافاً يتسارع في وتيرة النصح والوعظ والإرشاد بلغة الصرامة وعدم التهاون .
دخول راعي الحفل يتبعه السلام السلطاني إيذاناً بإفتتاح العرض وبداية رحلة الأمسية البهيجة ، فَتعطَّر المكان بطيب حديث المولى القدير بآياتٍ تتلى من الذكر الحكيم ، فهدأت النفس واستأنس القلب واطمأنتِ الروح ، بعدها أتى عميد المنطقة الداخلية "الزدجالي" يلقي كلمته في تأنّي وسلاسة ، وقد أشار إلى إحصائيات الحوادث للعام المنصرم موجهاً الجميع إلى إتباع قوانين الطرق بحذافيرها ، راجياً السلامة للجميع .
الشاعر المبدع بدر الجنيبي بلهجته البدوية الأصيلة يُطرب الجميع ويشنّف الآذان بإلقاءه الجميل وكلماته الرائعة ، فقصيدته بحراً من جمال وعالماً من خيال ، وقد حذّر وعنّف المتهورين وطلب منهم التمسك بأخلاقيات الطريق ، موجهاً رسالته للشباب خاصة ، وقد وجدت كلماته رضاءً في النفوس ووقعت على جانبٍ في القلب القصيِّ فتمكنت فيه ، كما شاركت إحدى الطالبات بقصيدةٍ أخرى طرّزت فيها كل معاني السمو لدى السائق فأرواح من في المركبة وخارجها أمانة لديه ، وإزهاقها ذنبٌ لا يُغتفر ، يحاسبه الله عليها ، ولقد أجادت في طريقة إلقاءها ونطقها السليم للحروف ، وحقاً تفخرُ جامعة نزوى بطلابها المبدعين .
شرطة عمان السلطانية كان لها دورها البارز في التوعية والإرشاد من خلال الفلم الوثائقي الذي عرضته وهو يحكي واقعاً أليماً ، فتجد الدموع تتناثر هنا وهناك ، فلقد تفتّت الأكباد وانفطرت القلوب لرؤية أُسر الضحايا ، وكيف يتّمت حوادث السير أطفالاً رضّع ، وخلفت الأرامل والمفجوعين ، نكبات الحزن عمّت كل البقاع ، فكان فلماً مؤثراً بحق ، ولم تبقى مهجةٌ لم تسحَّ دموعها ، وودتُ أن لو كل أهل عمان شاهدوا الفلم معنا ، لكان العبرة والعظة مصيرُ الجميع بإذن الله .
وبعدما نثرنا الدموع ، تأتي فرقة المسرح بعملٍ لا يخطر على بال ، فكم رفعنا العقيرة فخراً بوجود هذه الكوكبة ، مسرحية التجاوز الخاطىء قاتل أخذتنا إلى حيث يقبع السحر بل هي كانت لحظة سكرٍ على البديهة ، تبارك الرحمن ، إبداعُ فامتاع ، بل قل إشباع وإقناع ، لم أشاهد نصّا مسرحياً في سلطنة عمان من قبلٍ كهذا ، بالرغم على كثرة حضوري للإحتفالات والمسرحية في الجامعات والمعاهد والمدارس والنوادي ، مهما تحدثتُ عمّا رأيت فلن أفيها عُشر حقها ، فاجأتني الفتاة العمانية التي قامت بدور ابنة الشايب وأخت سالم ، يا للجمال في الأسلوب والحوار والجرأة بل حتى في الهمسات والحركة ، فكم خشيتُ عليها الحسد يومها ، ولم يخطر لي ببال أن أرى فتاةً عمانية تبرع في المسرح كحال تلك الفتاة ، فهي بحق أفضل من الكثير التي نراهن في غثاء الفضائيات ، وكذلك الشاب المبدع الذي قام بدور الشايب والد سالم ، فهو يمتلك روحاً مرحة ، وذكاءً متوقداً ، سرعة البديهة حاضرة لديه ، والتخلص من أي هفوة ميزة رائعة متأصلة فيه ، لم نشعرُ أبداً بأنه شابٌ في ريعان الشباب لروعة أدائه واتقان دوره ، كذلك سالم وعمه وابنة عمه كانوا أبطالاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وما أعجبني أكثر هو ذلك الحس المرهف برسالة المسرح ، وبالرغم من الحضور الرسمي لشخصيات بارزة إلا أنهم وجهوا لسعات خفيفة وبطريقة لبقة إلى كثير من القضايا الحساسة ، كل ذلك بدهاءٍ ودبلوماسية .
وجاء دور النشيد ، وأتت فرقة الفجر الإنشادية بالوادي الأعلى لتقدم وصلة إنشادية رائعة ، فكم سعدتُ حينما رأيت النشيد يخطو خطواتٍ متقدمة ، فلم يكن في الحسبان أن نرى الأناشيد في الإحتفالات الرسمية الكبيرة ، وللأمانة فإن فرقة الفجر برهنت على علوِّ كعبها في عالم الإنشاد ، وما أطربني أن رأيت كل شباب الفرقة منشدين ، ولم تخضع الفرقة لمنشدٍ واحدٍ تدين له ، بل كان أوبريت مصغر ، نال إستحسان الجمهور ، ووقف الجميع مصفقاً لوقتٍ طويل ، فهنيئاً لنا بفرقةٍ إنشادية كهذه .
لكي لا أطيل كان للفرقة الشعبية حضوراً لافتاً كذلك ، التناسق العجيب وانتقاء الكلمات وروعة الأداء كان سمةً راقية لهذه الفرقة المميزة بحق ، والخلاصة أنني وجدتُ في جامعة نزوى ما أبهرني ، فتوالت الأحلام والآمال في مخيلتي ، إنه بداية عهدٍ من الإبداع ، فعمان تمتلك مناجم مبدعين فقط نأخذ بأيديهم ونوجههم نحو الطريق السليم .
ودمتم في القلب تسكنونه وتعمرونه
تعليق