القارئ لإطروحات الساحة العنكبوتية تتجاذبه منبهات ثقافية مختلفة ، لا نعلم ماهية هذه المنبهات أحقيقية هي أم كاذبة ؟ فقط بمجرك أن نضع هذه الإطروحات تحت المجهر الثقافي للمعاينة تتضح لنا صورتها المشوشة العاكسة لثقافة خاوية مترسخة بتوجهات العقول . تداول المواضيع اللاموضوعية او المواضيع المشوشة فكريا والهزيلة معرفيا بات أمرا مألوفا لا يخفى على العاقل ، للأسف الساحة العنكبوتية صار مرتادوها أشبه بالقساوسة ، أقتصر ارتيادهم لربوعها فقط ترويجا للأقاويل وللإشاعات المعرفية الضريرة بجانب دورانهم في آرائهم المجردة . عضو يختلق قضية والآخر ينقلها دون اعتبار للأسس العلمية للحفاظ على القيمة الفعلية للمعرفة .
لو حدثنا النفس عن الأسباب لوجدنا أن القضية او الظاهرة ماهي الا صورة تعكس ما يجول في العقول العربية عموما ،تتضح لنا من خلالها جهالة هذه العقول من حيث أنها صارت تشبع حاجتها المعرفية باكاذيب كسى ظاهرها الجوهر المعرفي وتأصل في باطنها الخواء المعرفي . صارت العقول تنظر للمعرفة على انها نزوة من نزوات النفس ، فما يتوافق مع توجهات النفس ورغباتها بما يثير الدهشة فيها فهو معرفة يجب نشرها ولا ضرورة لإيثاقها برباط الأساس العلمي او التوجية النقلي المتواتر سلفا بعد سلف .
لا نملك الا ان نقول أن ساحتنا العنكبوتية ماهي الا صورة لذوات اعضائها المعرفية، و أعضائها هم من يرسمون ذاتً معرفية لها ، بهذا الحال فساحتنا العنكبوتية ما جاد منا لها الا أن نتجنبها ، فلا نوابض فكرية ولا أشعاعات ثقافية تحتويها كما يجب ، حقٌ لنا اذا ان نبحث عن نوابض أخرى تعيد الحياة لمدارك العقول قبل وقوع المحظور .
ما يجتنف مواضيعنا من هتك لقداستها وفقد لمصداقتيها يحتاج لوقفه ذاتيه في المقام الأول ووقفة جماعية في المقام الثاني . وقفتا الذاتية تبدأ بخطوة نخيط من خلالها مبدأ احترام لقداسة المعرفة كما خلقت لتكون ، ووقفتا الجماعية ستكون بانظمة وتشريعات تقف حائلا أمام كل من يحاول أن يمس المعرفة بما ينقص من حقها أو يشوه صورتها .
يجب ان نبقي بصيص نور يذكرنا بأن للمواضيع فن ورونق تُكتب به ، فمنها ما كانت الخلفية العلمية فنا تكتسي به ومنها ماكانت الخامة الأدبية بساطا تسير عليه . ومنها ما كان للفكر وتياراته منحنيات تحتويها وتوجهها ، هي هكذا المواضيع ضاربة القوة هدفا ووسيلة . فقد المواضيع للمصداقية الثقافية والفكرية (العلمية كانت أم الأدبية) بسبب لهلاكها. نقرأ بعض المواضيع في المنتدى ولا ندري ما مدى صحتها. تنقل وتطرح بعض التوجهات الفكرية دون ان تكون لها قاعدة مرجعية تتحقق من مدى صلاحية مكنونها وأسسها .غالبية مواردنا الثقافية صارت تنبض بالإشاعات ولزيف المعرفي ، لماذا لا نراعي قداسة المعلومة بتوثيقها بعراها المعرفية الحقيقية ؟
تناقلنا للمواضيع دون الإهتمام بمصدرها ونشر افكارنا الخاصة دون تمحيصها يجعل منّا أقلام لا تحترم المعرفة ولا تعطيها قداستها المستحقة . القلم يكتب والعقل يقرأ ويسمع ما تقول ، بقلمك قد تردي فكره قتيلا وبه قد تحييه كريما .
تعليق