محمد بن أحمد الشيزاوي
من أحرق اللولو؟ سؤال مشروع إذا استطعنا الإجابة عليه وقمنا بالتحقيق في إطلاق النار على المحتجين بدوار صحار والذي أدى إلى سقوط قتيل وجرحى وحققنا أيضا في ظروف اعتقال الشباب قبل فجر الأحد نكون قد قطعنا نصف الطريق في التعامل مع الأزمة التي تعيشها ولاية صحار في الوقت الراهن، أما أن نتّهم أولئك المعتصمين في الدوار بأنهم هم الذين أحرقوا اللولو وأن نسيّر المسيرات ضدهم ونصفهم بـ"المخربين" ونؤلب المواطنين عليهم ونشوه صورة بلادنا الجميلة والعزيزة علينا فإننا بهذا نعود إلى نقطة البداية؛ النقطة التي فجرت الاحتجاجات والاعتصامات في مسقط وصلالة وعدد من ولايات السلطنة الأخرى لمواطنين يطالبون بحقوقهم التي كفلها لهم القانون.
عندما ذهبتُ إلى دوار صحار لأتحقق مما يقال عن أولئك المعتصمين فيه وجدت علم السلطنة في أعلى الدوار ووجدت خطيبهم يتحدث وإلى جانبه شخص يحمل صورة جلالة السلطان وكلمات الوفاء والعرفان مكتوبة تحتها، وعندما تحدثت معهم وجدت سموا رفيعا في الأخلاق وحبا منقطع النظير لجلالة السلطان وغيرة على البلاد ورغبة أكيدة في الإصلاح ومحاربة الفساد، وعندما مشيت في شوارع الولاية وجدت أمنا مستتبا واستقرارا ووجدت الحياة الاقتصادية طبيعية ولم أجد خطرا محدقا بالمواطنين والمقيمين فيها، فالولاية في أمن وأمان في ظل الرعاية الكريمة لجلالة السلطان المعظم وعلينا ألا نقلب الحقائق ونتهم الآخرين بالتدخل في شؤوننا.
وخلال حواري مع بعض المحتجين سألتهم: لماذا أحرقتم اللولو؟ قالوا: لم نحرق اللولو، كانت مجموعة منا عند معالي السيد وزير ديوان البلاط السلطاني أثناء الحريق، هناك مخربون هم الذين أحرقوا اللولو ولا نعرفهم، والآن فإننا نحن من يقوم بحراسة متجر "سنتر بوينت" القريب منه، سألتهم عن "الملثمين"، قالوا: صغار في السن ليسوا من المجموعة التي قررت الاعتصام في الدوار بعد عدة سنوات بحثا عن وظيفة مناسبة، وفينا من لم يتزوج وقد تعدى الثلاثين سنة، قلت: الآن توجد فرص عمل. قالوا: مطالبنا ليست مجرد فرصة عمل وإنما نطالب أيضا بمحاربة الفساد والتحقيق في المناقصات التي أسندت في السنوات الماضية والتوزيع العادل للثروة ومحاسبة من أطلقوا النار علينا، وأكدوا: "ليس بيننا خائن لوطنه، ليس بيننا خائن لوطنه، كلنا نحب جلالة السلطان ونحب بلادنا لكن القانون أجاز لنا الاعتصام والتعبير عن رأينا وكلنا ثقة في الجيش انه سيحافظ على هذا الحق".
عندما دخلت المسجد شدت انتباهي رسالة وجدتها معلقة عند المدخل من والي صحار إلى مشايخ ورشداء الولاية بتاريخ 9 يناير 2011 (أي قبل 7 أسابيع من إحراق اللولو) جاء فيها: "أفادنا العميد قائد شرطة منطقة الباطنة ... بأنه تلاحظ مؤخرا سلوك دخيل على مجتمعنا يتعارض كليا مع عادتنا العمانية مثل: تخريب الممتلكات العامة التي وجدت لتخدم المواطن والمقيم كتخريب الحدائق العامة ومحتوياتها والإنارة وصب الزيت على الاسفلت في الشوارع الرئيسية والفرعية، وتخريب الممتلكات الخاصة كحرق المركبات أمام المنازل ..."، هذه الرسالة فيها الكثير من الإجابة على أسئلة كثيرة، أما قلب الحقائق فلن يحل المشكلة، والمحافظة على انجازات السلطنة خلال الأربعين عاما الماضية تبدأ بحوار صريح عما أدى إلى هذه الاحتجاجات، وعلينا أن نكون عند مستوى مسؤولية ما يواجهنا من تحديات لا أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونبحث عن شماعة نعلّق عليها أخطاءنا.
تعليق