سنفتقدُ هؤلاء (الشيّاب) يوما ما..
أعني أننا سنشعر بحجم الفراغ الذي خلفوه من بعدهم يوم أن يغيب عن الحياة أسلوبهم في الكلام والألفاظ التي يتداولونها في تفاعلهم مع مكونات الحياة..
سنفتقد الوقع الطريف لبعض الكلمات الفصيحة التي أعادوا تشكيلها لتناسب مجرى اللهجة..
سنفتقد هؤلاء الشيّاب الرائعين لأن لهم طرائقَ جميلةً في الكلام،
تزيده حلاوة وتفعل الفعل العجيب في ربط السامع بموضوع الحديث،
كما أنها تكشف في بعض الأحيان عن خُلُقٍ جميل، أو ترابط اجتماعي عميق، أو معيشة صعبة..
يدخل أحدهم بيتا ما فيقول: (هود هود) علامةَ الاستئذان والتنبيه لأهل البيت، ويرد عليه صاحب البيت: (قْرَب)،
فإذا جلسا في (السبلة) مضيا في حديثٍ أَوَّلُه: (ماشيء علوم؟) -(تسلم وتدوم)، (ماشيء أخبار؟) –(سْكون) أو (ساكنة الحوادث)،
وأحيانا يكون الرد إبداعيا، فيُقال: (كوسٍ هابّة وغديرٍ صافي).
ثم يأتي السؤال عن بقية الأهل،
فتخرج جُمَلٌ من مثل: (ما حد يعوره شيء) أو (ما حد متعاضل من شيء).
وفي مثل جلسة هذين، تنتشر كلمات كثيرة وجمل تعالج مواقف متعددة،
كأن يقبل أحد أطفال البيت إلى هذا المجلس فيقوم الزائر له أو ينحني مُقبّلاً إياه،
أو أن يُزيل أحدهما القذى عن ثياب آخر، أو شيئا من هذا القبيل فحينئذ يقولون: (الله لا يصغرك) والجواب (ما على الأجاويد صغران)،
أو أن يتطرق أحدهما في حديثه إلى شيء ينبغي الترفع عنه، فيقدم له بكلمة (تِكْرَمْ) ويرد الآخر: (وانته كريم).
وعند انتهاء الجلسة يفترق الزائر والمزور بمثل هذا: (فْ خاطرك شيء؟) –(عزيز وغالي) أو (ما عنكم غناة) أو (سلامة رأسك)،
وهنا قد يصر صاحب البيت على أن يتناول الزائر الغداء معه، فيرد الآخر: (غَدانا محْتاز).
ويحكي أحدهم الحكاية فتتكرر على المسامع أمثال هذه المفردات:
(قال يقول) ليخبر السامع بمقول أحد أشخاص القصة،
وكلمة (تسمع) يستخدمها لاحقةً لفقرات القص أو لازمة في ثنايا الكلام دون ترتيب منتظم،
كأنما ليتأكد فقط أن المستمع ما زال منتبها لما يقول..
ويتفاعل السامع منهم مع المتحدث، فيقول لحظة الاندهاش والاستغراب: (اسمع) يكررها ثلاث مرات متسارعة..
وتجلس إلى أحدهم فيشهد أو يسمع عن موقف طيب، فيُعبِّر عن نشوته بصوت يخرجه غالبا من الأنف (إه إه) أو (هـُ هـُ) كأنه يقول: ما شاء الله!..
وربما كان الصوت نفسه مع تغيير في جرسه وقوته تعبيرا ساخرا عن عدم الرضا ممن يقول أو مما يقال..
وقريب من هذا صوتان يعبر بهما أحيانا عن الاستغراب: (أَيْ ها)!
ولصاحب المولود الجديد يقولون: (نعمت بالزايد)،
وللعائد من السفر أو الناجي من حادث: (استاهلت السلامة)،
وفي أيام المطر يقولون: (نعمتوا بالرحمة) فيكون الجواب (رحمْةٍ بادّة)،
وفي عتبهم على من يحبون يقدمون أحيانا بقولهم: (بعيد الشر)،
وفي أدعيتهم على من يكرهون تسمع منهم أمثال هذه الجمل: (الله يصرفه صَرْفَة) أو (الله يِـخْلِيه خَلْيَة) أو (ضْعيف الطبع) أو (سْويد الوجه) أو(الحصيني)،
وعند حث الركب على التعجيل -وأكثر استعمالها عند أهلنا من البدو-: (الليل الليل)!
سنفتقد –حتما- لغة شيّابنِا الرائعين هذه..
وسنفتقدها أكثر عندما تسمع اليوم
من يجيبك إلى شيء فيقول: (اوكي) وكان آباؤه يقولون: (انزين) أو (فالك طيب)،
ومن يتعجب من شيءٍ فيقول: (واو) وكان أجداده يقولون: (اسمع انته) أو (شوف انته)،
ومن يشكر لك حسن الصنيع فيقول: (ثانكس) وكان شيّابُه الرائعون يقولون: (تْجَمَّلْت) أو (جْمِيلك واصلْ)!
أعني أننا سنشعر بحجم الفراغ الذي خلفوه من بعدهم يوم أن يغيب عن الحياة أسلوبهم في الكلام والألفاظ التي يتداولونها في تفاعلهم مع مكونات الحياة..
سنفتقد الوقع الطريف لبعض الكلمات الفصيحة التي أعادوا تشكيلها لتناسب مجرى اللهجة..
سنفتقد هؤلاء الشيّاب الرائعين لأن لهم طرائقَ جميلةً في الكلام،
تزيده حلاوة وتفعل الفعل العجيب في ربط السامع بموضوع الحديث،
كما أنها تكشف في بعض الأحيان عن خُلُقٍ جميل، أو ترابط اجتماعي عميق، أو معيشة صعبة..
يدخل أحدهم بيتا ما فيقول: (هود هود) علامةَ الاستئذان والتنبيه لأهل البيت، ويرد عليه صاحب البيت: (قْرَب)،
فإذا جلسا في (السبلة) مضيا في حديثٍ أَوَّلُه: (ماشيء علوم؟) -(تسلم وتدوم)، (ماشيء أخبار؟) –(سْكون) أو (ساكنة الحوادث)،
وأحيانا يكون الرد إبداعيا، فيُقال: (كوسٍ هابّة وغديرٍ صافي).
ثم يأتي السؤال عن بقية الأهل،
فتخرج جُمَلٌ من مثل: (ما حد يعوره شيء) أو (ما حد متعاضل من شيء).
وفي مثل جلسة هذين، تنتشر كلمات كثيرة وجمل تعالج مواقف متعددة،
كأن يقبل أحد أطفال البيت إلى هذا المجلس فيقوم الزائر له أو ينحني مُقبّلاً إياه،
أو أن يُزيل أحدهما القذى عن ثياب آخر، أو شيئا من هذا القبيل فحينئذ يقولون: (الله لا يصغرك) والجواب (ما على الأجاويد صغران)،
أو أن يتطرق أحدهما في حديثه إلى شيء ينبغي الترفع عنه، فيقدم له بكلمة (تِكْرَمْ) ويرد الآخر: (وانته كريم).
وعند انتهاء الجلسة يفترق الزائر والمزور بمثل هذا: (فْ خاطرك شيء؟) –(عزيز وغالي) أو (ما عنكم غناة) أو (سلامة رأسك)،
وهنا قد يصر صاحب البيت على أن يتناول الزائر الغداء معه، فيرد الآخر: (غَدانا محْتاز).
ويحكي أحدهم الحكاية فتتكرر على المسامع أمثال هذه المفردات:
(قال يقول) ليخبر السامع بمقول أحد أشخاص القصة،
وكلمة (تسمع) يستخدمها لاحقةً لفقرات القص أو لازمة في ثنايا الكلام دون ترتيب منتظم،
كأنما ليتأكد فقط أن المستمع ما زال منتبها لما يقول..
ويتفاعل السامع منهم مع المتحدث، فيقول لحظة الاندهاش والاستغراب: (اسمع) يكررها ثلاث مرات متسارعة..
وتجلس إلى أحدهم فيشهد أو يسمع عن موقف طيب، فيُعبِّر عن نشوته بصوت يخرجه غالبا من الأنف (إه إه) أو (هـُ هـُ) كأنه يقول: ما شاء الله!..
وربما كان الصوت نفسه مع تغيير في جرسه وقوته تعبيرا ساخرا عن عدم الرضا ممن يقول أو مما يقال..
وقريب من هذا صوتان يعبر بهما أحيانا عن الاستغراب: (أَيْ ها)!
ولصاحب المولود الجديد يقولون: (نعمت بالزايد)،
وللعائد من السفر أو الناجي من حادث: (استاهلت السلامة)،
وفي أيام المطر يقولون: (نعمتوا بالرحمة) فيكون الجواب (رحمْةٍ بادّة)،
وفي عتبهم على من يحبون يقدمون أحيانا بقولهم: (بعيد الشر)،
وفي أدعيتهم على من يكرهون تسمع منهم أمثال هذه الجمل: (الله يصرفه صَرْفَة) أو (الله يِـخْلِيه خَلْيَة) أو (ضْعيف الطبع) أو (سْويد الوجه) أو(الحصيني)،
وعند حث الركب على التعجيل -وأكثر استعمالها عند أهلنا من البدو-: (الليل الليل)!
سنفتقد –حتما- لغة شيّابنِا الرائعين هذه..
وسنفتقدها أكثر عندما تسمع اليوم
من يجيبك إلى شيء فيقول: (اوكي) وكان آباؤه يقولون: (انزين) أو (فالك طيب)،
ومن يتعجب من شيءٍ فيقول: (واو) وكان أجداده يقولون: (اسمع انته) أو (شوف انته)،
ومن يشكر لك حسن الصنيع فيقول: (ثانكس) وكان شيّابُه الرائعون يقولون: (تْجَمَّلْت) أو (جْمِيلك واصلْ)!
تعليق