(1)
ما أروع السفر، وماأكثر فوائده، لكن السفر بحاجة إلى ترتيبات. تبدأ أولها بالفلوس، ثم تمر بتدبير تذاكر السفر، ثم التأشيرة لكثير من الدول التي تعاملنا بالمثل وفي أحيان كثيرة بأسوأ، هذا بخلاف ترتيبات أخرى مثل أماكن الزيارة. ولأن معظم أسفاري تتعلق بالعمل فإن البرنامج يشمل أيضا قضاء يوم أو قضاء أمسية أتعرف عليها على حضارات وأماكن وشعوب تشاركنا الإنسانية مثلما تشاركنا العولمة في اقتصادياتها وفي علومها وفنونها. وحيث أن مقصدي هذه المرة الهند، فإن ترتيباتي للسفر إليها لم تختلف كثيرا عن سفرات أخرى باستثناء إضافات جديدة جديرة بالذكر هنا، ولعل أهمها ثلاثة أمور؛ أولها، تم "خصخصة" خدمة التأشيرات "الفيزا" إلى الهند، بعدما كانت السفارة الهندية في الحي الدبلوماسي بالخوير تعج بمئات بل بآلاف الموطنين العمانيين والهنود وقليل من الجاليات الأخرى فقد اتجهت تلك السفارة إلى التعاقد مع شركة هندية تتولى إدارة تلك التأشيرات وبالتالي يقتصر دور السفارة على ختم الجوازات فقط. وهذه الخدمة المخصخصة قد سبقتها أيضا السفارة البريطانية التي تعاقدت مع شركة تتولى إدارة التأشيرات بشيء من الكفاءة والمهنية بعيدا عن بيروقراطية العمل الحكومي. لكن بالطبع لك شيء ثمنه. وهذا هو الأمر الثاني: ارتفعت سعر الخدمة بعدة ريالات، وتغير مقر إصدار التأشيرات، وكانت الخدمة المضافة للزبون هي وقت أقل للانتظار؛ تحصل على رسالة نصية باستلام المعاملة ورسالة نصية أخرى بأنها جاهزة للتسليم، وهذا النظام رائع في حد ذاته وإن كان أكثر تكلفة، فماذا لو طبقت الوزارات لدينا نظام إبلاغ المواطن بأن معاملته جاهزة عن طريق الرسائل النصية بدلا من التردد على الوزارات أو الاتصال بها ولا أحد يرد!!!
أما الأمر الثالث فهو المتعلق بالأمن، وما أدراك ما الأمن، وحيث أن عملي هو في كثير من الأحيان يكون في داخل المطار (أو المجال الجوي كما نسميه)، يعني التفتيش على الطائرات وهي واقفة والصعود إليها فإن الأمر يعني أن أحصل على تصريح من سلطات المطار الأمنية لكي أتمكن من عبور البوابة الأمنية في ذلك المطار. والمعمول به في معظم مطارات العالم هو أن أرسل صورة من جواز سفري بالايميل إلى الجهة التي أتعامل معها وهي شركات الصيانة أو خطوط الطيران، وعندما أصل إلى تلك الدولة يكون "التصريح" لدخول الجانب الجوي للمطار جاهزا. في هذه المرة أبلغتني الشركة بأن الأمر سوف يستغرق أكثر من شهر للحصول على تصريح المطار، لكن الأغرب من ذلك فإن سلطات الأمن الهندية تطلب الحصول على تأشيرة قبل (45) يوما من موعد إصدار تصريح دخول المطار، ولذا فقد تطلب الأمر مني أن أتسلم التأشيرة التي تقدمت بطلب الحصول عليها في الأسبوع الأخير من شهر رمضان. كانت المفاجأة لي أن موعد استلام التأشيرة يقع بين الساعة السادسة والسابعة والنصف مساء فقط، وقد ذهبت في فترة النهار لاستلام التأشيرة لكنهم رفضوا وقيل لي بأنه يمكن أن أبعث أي شخص في تلك الفترة فردت عليهم بأن الكل سوف يكون في منزله يتناول الإفطار، وحيث أن تلك الفترة هي فترة الإفطار فقد اضطررت أن أخذ إفطاري معي في السيارة وانتظار آذان المغرب وتناوله وأنا في السيارة مستخدما الخط السريع في التوجه إلى مقر الشركة الكائن في الوادي الكبير في حين أقطن أنا في الموالح. قلت في نفسي: عملوها الهنود؛ خلوني أفطر في الشارع.
يتبــــــــــــــع
تعليق