إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المثقف بين تأكيد الذات والنأي بالنفس...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المثقف بين تأكيد الذات والنأي بالنفس...

    المثقف بين تأكيد الذات والنأي بالنفس...


    قرأت قبل فترة تحليل لأحد الأطباء يعلل فيه مسببات الفصام ( الشيزوفرينيا) و عدم مقدرة الطب النفسي على إيجاد حل لهذا اللغز، و دون أن يكون هناك جدل حول مسبباته فإن الأطباء يعلقون المسألة على العامل الجيني ، لكني أعجبت بنقطة ذكرها التحليل وهي أن فريق من الأطباء يرجعون سبب الفصام إلى عامل ( الحضارة) ، ليس لكثرة منغصاتها فقط بل وزيفها الذي لا يطيقه الإنسان الأصيل الذي لا يمارس الزيف على نفسه ، فالفصام يصاب به الأصلاء فقط ، ذلك أن الواحد منهم ينفصل بين ذاتين : بين ذاته الإجتماعية ، وبين أناه الحقيقية ( الذات المفكرة).
    فالأولى هي ذات مزيفة ، بمعنى أن الشخص ينفعل ويتفاعل بما يرضي الناس ، فهو يلقي التحية على زميله في العمل أو في الدراسة ويبتسم له ويتفاعل معه رغم كرهه له ، و يأبى أن يعترف بالحقيقة حتى لا يخسر فلان ، ويبتعد عن قولها تارة أخرى حتى لا يقال عنه ما لا يرضيه من آخر ، أو حتى لا تدور حوله الدوائر .. أما الثانية فهي ذات حقيقية يتصرف فيها الشخص بما تمليه عليه ذاته ، فيصرّح بالحقيقة بعيدا عن الزيف ، فإن كان يكره شخص قالها له ، وإن كان لا يؤمن بالله قالها في وجه أكبر رجال الدين ، وإن كان يؤمن بالله قالها في وجه أعتى الملاحدة.


    ولعلم المثقف أنه لا يستطيع أن يمارس ما يؤمن به وسط مجتمع لا يؤمن بمعتقداته ولا يسعى إلى تغيير أوضاعه ، فإنه أصبح بين خيارين : إما أن يخون ذاته الحقيقية ويعيش بذاته الإجتماعية المزيفة ، وإما أن يقود الناس إلى أن يتعاملوا بذواتهم الحقيقية ويتركوا حياة الزيف ، ولأن تحقيق ذلك غير ممكن مع إصراره على أن يعيش بذاته الحقيقة، فإنه أوجد حلا يقتضي أن يغادر واقع الناس ويخلق له واقعا خاصا به، وبانقطاعه عن عالمهم بدا لهم غريب الأطوار فنحتوا له الأوصاف وأصبح من المغضوب عليهم ، وأصبحت العلاقة بين المثقف وبين الناس علاقة إزدراء ، فكلاهما ينظر إلى الآخر أنه مجنون بينما يرى نفسه أنه هو العاقل.


    إنقسام المثقف بين أن يخون ذاته أو أن يعيش بوصفه موجودا لذاته ، آراها مرتبطة بمدى قوة روح صاحبها ومعرفته لغايته، ومدى أنفعاله أو فاعليته والحدث المحيط به الذي يسوقه إلى تأكيد أي من ذواته ، ففي حين عليه أن يكون العقل والقلم اللذان يفحصان السكين قبل أن تقتحم قطعة الزبد ، مازال عليه أن يختار موقعه من النهر الجارف ، إما أن يكون وسط النهر ينجرف معه أو على ضفتيه يشاهد من بعيد وينفعل أو يتفاعل أحيانا أو ينأى بنفسه عن الحدث الذي أمامه ...


    لست هنا للحكم على فئة المثقفين ولكني أتسائل:
    هل كون المثقف متفكر منعزل وحداني أوجد حلا لما يعاني منه الواقع؟
    وهل بانعزاله أوجد حلا يشفي همومه وحِمْلْ أفكاره الثقيلة كمثقف ؟
    وهل يستطيع أن يلغي بفكره الفجوة التي خُلقتْ بينه وبين الواقع؟





    ..... يجب على الإنسان أن يعيش بوصفه موجودا لذاته ، ذلك أنه مدفوع إلى أن يجد ذاته ويتعرف عليها فيما يلقاه مباشرة ويعرض عليه من الخارج.....

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    محور الموضوع هو ان هنالك فجوة اصلا بين المثقف والمجتمع الذي يعيش فيه
    مما يخلف لدي تساؤلات معينة, ماذا لو كان المثقف متوافقا مع مجتمعه؟ !
    والأهم هل يقترح نصك هذا ان الحل إما بالعيش منفصم الشخصية ؟ او بمجامله ذاته؟
    ارى ان زاوية الموضوع ضيقة للغايه, وركزت على نقطة التضاد بين المثقف والمجتمع.

    وثانيا كونه مثقف وفي تضاد مع مجتمعه, اي ان هنالك اشياء لا يستطيع ان يجامل فيها,
    لم لا يؤثر التغيير في المجتمع ليكون افضل, السنا بحاجة لهؤلاء المثقفين لتغيير المجتمع للأفضل
    ام انهم يحبذون ان يكونوا مثقفين "منفصمين شخصياً" بدلا ان يدركوا احد اسباب ثقافتهم وهي المساهمة في مجتمعاتهم.

    شكراً لك
    Fear only exists in the hearts of the weak

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم..
      من كلامك أخي يبدوا انك ترى ان الفجوة متسعة بين المجتمع والمثقف..
      وحقيقة العزلة ليست الحل ..
      فقد يذوق الانسان الويلات من الآخرين والبلايا فيقرر ان يترك الناس اتقاء لشرهم
      كما قيل مرة
      دعني وحيدا اعاني العيش منفردا فبعض معرفتي بالناس يكفيني
      ماضرني ودفاع الله يعصمني من بات يهدمني فالله يبنيني

      ولكن العزلة ليست الحل فيجب ان نصبر على أذى الناس
      مثلما قال الحبيب .. المؤمن الذي يخالط ويصبر على أذاهم خير من الذي لايخالط الناي ولا يصبر على أذاهم..

      الخلاصة.
      العزلة غير مقبولة . فالتواصل هو ما يضيف للحياة جمالها والناس طبائع كل على هواه..
      فيجب على المثقف ان يتقن فن التواصل اولا واخيرا من وجهة نظري

      وفي ديننا الاسلامي منهج متكامل للتعامل مع الناس كالابتسامة والكلمة الطيبة وغيرها ..

      هكذا ارى الموضوع
      رعاكم الله
      شكرا لطارح الموضوع مقال يحمل افكار جيدة..

      تعليق


      • #4
        مقال رائع ويناقش قضية هامة، فشكراً على روعة الفكر والإبداع والطرح أختي الفاضلة ورقة قلم.
        وهو المثقف كما تفضلت بذكره يعيش بين حالتين: فإما أن يجامل الناس والسلطة والمجتمع فيكسب رضاهم وإما أن يخرج ما يؤمن به من أفكار حتى ولو عارضت الفكر والمعتقد الذي يؤمن به المجتمع أو تؤمن به السلطات الحاكمة فيه.
        وحين لا يستطيع أن يجامل ولكنه يخاف على نفسه من أن يكون ضحية أفكاره فإنه بالتأكيد يلجأ إلى الإنعزال.
        في إعتقادي هذا الإنعزال لا يفيده في شئ، وهو بمثابة حكم بالإقامة الجبرية له مع حراسة مشددة. وهنا تكون الفجوة، فما فائدة الفكر المكبوت وراء الجدران فإنه بالتأكيد لن يصل إلى القلوب وإن وصل فلن يكون له ذلك التأثير. كما هو الحال في المواجهة بين المثقف والناس. ففي المواجهة يكون التأثير أكثر وكسب المؤيدين أكثر، وحتى ولو نفذ فيه حكم الإعدام بتهمة المروق والإنحراف، فإن أفكاره ستظل باقية في ذاكرة الأجيال جيلاً بعد جيل.
        مع كل التقدير والإحترام.
        ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك


        زورونا في سلسلة ( إقرأ معي )

        الكتاب الأول

        تعليق


        • #5
          أهلا أخي Sniper Fighter

          وعليك السلام ورحمة الله ...


          عذرا تأخرت في الرد ...


          في الموضوع أعلاه أنا لا أفترض أن هناك فجوة بين المثقف والمجتمع ، ولا أفترض أن أمام المثقف خيارين إما أن يعيش بذاته الإجتماعية أو أن يعتزل الناس ، وإنما هذا أمر حاصل ، ولا أقول أن المثقف لا يتقابل في كل أفكاره مع المجتمع بل هناك أفكار يقبلها وأخرى يرفضها عقله ........ حينما يكون المثقف مُحمّل بهموم فكرية مجتمعية طبيعي أن يواجه التناقض في الأفكار والإصرار على عدم تقبل أي من أفكاره خصوصا وإن كان المجتمع يعتقد بالأفكار التي يعتنقها ويرفض التخلي عنها جهلا أو خوفا أو غير ذلك من الأسباب ...


          و ربما أنا نظرت إلى الموضوع من ناحية ضيقة حينما ذكرت أن المثقف في أغلب الأحيان في حالة فصام مع المجتمع ولم أوضح جوانب التضاد بين فكر المجتمع وفكر المثقف والتي تؤدي بالعلاقة إلى ما ذكرت ، وما سيؤول إليه حال المثقف عند اصطدامه بالواقع ؟ وما هي ردة فعل المجتمع من فكر المثقف؟ .....المسألة (إن صح فهمي وتعبيري عنها) فهي كمن يرمي بنفسه إلى النار ، فعلى المثقف أن يحتمي من المجتمع ، لأن التغيير الذي ينشده لا ينبني إلا في محيط يقبل به على أقل تقدير ، ورغم ذلك فإن أصالة الأفكار وفاعليتها في فكر المثقف ، ومدى قدرته على لعب دور بفكره مع الحدث المحيط به ، له دور كبير في إحداث زعزعة في فكر المجتمع ...


          شكرا لمرورك ... ولإضافتك ...





          ..... يجب على الإنسان أن يعيش بوصفه موجودا لذاته ، ذلك أنه مدفوع إلى أن يجد ذاته ويتعرف عليها فيما يلقاه مباشرة ويعرض عليه من الخارج.....

          تعليق


          • #6
            أخي full of hope....
            أهلا بك ...


            العزلة ليست حلا ... لكنها ربما مرحلة يمر بها الشخص ليجد ذاته فيعود ليؤكدها بأفكار تتعامل بأسلوب معين مع المجتمع ...
            عندما أعود إلى أبرز الشخصيات التاريخية المفكرة ولنبدأها بسيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه ، نجد أن بداية حياته كانت بإعتزاله الناس في غار حراء ، وهكذا إن تتبعت حياة كثير من المفكرين والفلاسفة خذ ابو حامد الغزالي على سبيل المثال .....ومن فلاسفة الغرب ومفكريهم كذلك : هيجل اعتبر العلاقة بين الشخص وبين الآخر علاقة صراع حتمي تؤدي في النهاية إلى تأكيد ذات أحدهما عن طريق الحرية والإرادة ، سارتر اعتبر الآخر هو الجحيم الذي لابد منه (لا أريد بهذه الأمثلة أن أضع صورة مشوهة للوضع) ، لكنها تحمل بين ثنايها تحليل عميق لطبيعة العلاقة بين المثقف وغيره في المجتمع ....

            شكرا لك أخي





            ..... يجب على الإنسان أن يعيش بوصفه موجودا لذاته ، ذلك أنه مدفوع إلى أن يجد ذاته ويتعرف عليها فيما يلقاه مباشرة ويعرض عليه من الخارج.....

            تعليق


            • #7
              أخي الجبل العماني .... أهلا بمرورك ....





              ..... يجب على الإنسان أن يعيش بوصفه موجودا لذاته ، ذلك أنه مدفوع إلى أن يجد ذاته ويتعرف عليها فيما يلقاه مباشرة ويعرض عليه من الخارج.....

              تعليق

              يعمل...
              X