مقص بطرف واحد
وقع في يدي قبل أكثر من ثلاث سنوات إصدار قصصي عماني ، وهي المرة الأولى التي اطلع فيها على نتاج قصصي لكاتب عماني، شدني عنوان الكتاب الذي بدأ غامضاً كحال معظم عناوين القصص العمانية ، بدأت في قراءة المجموعة القصصية في وقت متأخر من الليل بدت الكلمات والجمل كالطلاسم (وهي كلمات غير معرفة للاستعانة بالجن في فعل شيئاً تختلف حسب الهدف وتوضع في لفافة من الجلد) ، فلم أفهم شيئاً غير أن مجموعة من الكلمات رصت بجانب بعضها البعض ، فعدت قراءة القصة من البداية فيمكن أن الأرق وعدم قدرتي على النوم كانا سبباً في عدم فهم واستيعاب ما كتب إلا أن القراءة الثانية لم تختلف عن الأولى ولكني استمريت علني أفهم من الأسطر الأخيرة ما كتب صفحة بعد صفحة لكن الوضع ما زال على حاله فتفاءلت بأن أجد في النهاية شيئاً يفسر لي ما قرأت وبعد الصفحة الرابعة قلبت الورقة لأكمل لكن القصة انتهت ولم أفهم شيئاً حينها شعرت بالدوار وخيم عليَ النوم فكان السرير هو الحل الأمثل ...
أصريت على نفسي في اليوم التالي على تكملة القراءة فكان عزائي بأن أُدخل إلى قاموسي بعض المصطلحات العمانية الجديدة ، الأحداث تجرني شيئاً فشيئاً إلا أن دخول أحدهم جعلني أتوقف وأخبئ الكتاب فما قرأته مخزياً ويتحدث عن جسد المرأة بكل تفاصيلها وعلاقتها بالرجل وغيرها من أسرار الحياة المحرمة بين المرأة والرجل التي يؤيدها الكاتب ويعتبرها حق من حقوق الإنسانية التي يجب عدم حكرها بغض النظر عن الدين والعقيدة ، أذن ما قرأته في المرة الأولى لم يكن عدم فهمي لما كُتِب بقدر ما هو عدم استيعاب للأحداث التي تفاجئت بها في كل قصة فالأشياء تزداد سواءً ولا أخلاقية، وتفتح نوافذ نحن في غنى على أن نقرأها وأن ننتظرها من كاتب عماني...
وفي كتاب آخر منعت الجهات المسؤولة من تسويقه في أحد معارض الكتاب على طاولات العرض إلا أنه حقق إيرادات من بيعه من تحت الطاولة في ذلك الكتاب أعلن الكاتب بأنه مرتد بكل يسر مفتخراً بحواره مع المحقق عندما قطع التحقيق ليؤدي الصلاة فكان من الكاتب شخصية القصة الرئيسة بأن سأل المحقق مستنكراً "هل أنت من الذين يؤدون الصلاة لأنني لست منهم"، متطرقاً إلى الحديث في الله ..!!
حُبي لقراءة ما تخُطه أنامل أبناء البلد وتعصره عقولهم من أفكار جعلني أواصل القراءة وكان آخرها من أنهيته من أسبوع ولم يكن أحسن حالاً من حيث الأحداث والتي تطرقت عن تفاصيل مجتمعية لكن التفاصيل المحرمة والتقاليد الغريبة على مجتمعنا التي أدخلها البعض من الأصول الغير عمانية وغيرها من ألعاب الحياة المختلفة التي يكون بعضها صحيح والبعض مبالغ فيه والمليئة بالكلمات العامية التي من العار والعيب التلفظ بها.
في حين تعاني المسلسلات العمانية والأفلام من ضعف بسبب النصوص التي أرهقتها مقصات الرقيب حتى جعلتها حافية وتعاني من الصلعة المضحكة والتي قد لا يكون في النصوص تلك المشاهد والأحداث التي نتخيلها عندما نقرأ إصدارات لكتًاب عمانيين ليس الكل طبعاً ، فالموازنة والعدل في الرقابة يجب أن تكون على المكتوب والمرئي، قد يقول قائل بأن تلك الإصدارات تطبع خارج السلطنة فالرقابة غير مسئولة ... إلا أن الكاتب في النهاية عماني فيقال هذا إصدار لكاتب عُماني خرجت بدون حسيب ورقيب بها من الحرية ما بها والمتعدي للحدود، والنتاج المرئي مغلوب على آمره.
كل كاتب مسئول أمام ربه وأمام نفسة لكن ما يسري على المرئي يجب أن يسري على المقروء وإلا فل نترك الأمور كما هي انتظاراً لحكم الجمهور.
خولة بنت سلطان الحوسني
تعليق