إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اْلثكْنَةُ اْلخَاْمِسَةُ / أفْضَلُ نَصٍ مَسْرحي !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اْلثكْنَةُ اْلخَاْمِسَةُ / أفْضَلُ نَصٍ مَسْرحي !


    أهْلاً ..
    صَبَاْحُكُمْ نَوَاْرِسُ تُعَاْنِقُ اْلغَيْمَ ..

    /
    اْلتَجْرُبَةُ الأوْلَى لِي فِي عَاْلمْ اْلمَسْرَحْ
    (اْلثكْنَةُ اْلخَاْمِسَةُ)اْلنَصُ اْلحَاْئِزُ عَلَى جَاْئِزَةِ أفْضَلِ نَصٍ
    مَسْرَحي فِي مَهْرَجَاْنِ / لَيَّاْلي نَزْوى اْلمَسْرَحيَّةِ2

    http://www.eshabiba.com/articletext.ASPx?ID=89947

    :

    وصف الشخوص /
    1- قاسم (جندي بنصف عقل): عينين غائرتين باهتتين , به بقايا جروحٍ وضماداتٍ صغيرة منتشرة على الوجة ,أشعث الشعر وطويل قليلاً , أنف طويلٌ , بشرة تميل للإسمرار , لحية طويلة , شارب كث , ثياب عسكرية مرقعة ورثة , حذاء بالي في أحدى القدمين والآخر بجوربٍ فقط.
    2- راشد (الممرض القائم عليه): هادئ الملامح , رجل رضي سمحْ , عينين يملؤهما السلام , أبيض البشرة , بلا لحية أو شارب , يعتمر نظارة , يفترش جسده بلباس مطهم أبيض.

    وصف المسرح : لا يتعدى إلا إلى سرير حديدي مفروش بملاءة سوداء والجدران بها شخابيط ورموز غريبة , كرسة خشبي وأمامه طاولة خشبية بها مزهرية على شكل كأس تتوسطه وردة حمراء , والإضاءة كئيبة وكسولة.

    المشهد الأول /
    قاسم (بصوت خائف ومهزوز يجعله متماسك وقوي , ينط من فراشه):الثكنة الخامسة إنتبااااااااه ..تااااااهيه.. الجنود إلى الأمام سر.
    وببلاهة ينظر إلى الجدران مملوءة بالرموز ويتحسسها باطراف أصابعه ويلوح للهواء يلتقط ما يتطاير فيها خفية , يُتمتم بأشياء غير مفهومة كأنه يُحدث جيشاً لا يراه سواه قائلاً : واحد .. اثنان .. هيّا سيروا .. هيييييي أنت هناك حذاءك متسخْ .. وأنت أيها الأحمق ارفع ذقنك قليلاً ..
    وفجأة .. يشعر بإرتباك شديد , يعدو حول الغرفة واضعا يديه حول أذنيه , وبصوت لاهث : انفجااااااااااااااار خذوا الاااارض
    يسكُن لوهلة , مضطجعا عند احدى زوايا الغرفة , واضعا رأسه بين ركبتيه , ورويدا رويدا يرفع رأسه , تنتشر في عينيه إمارات الحزن والفزع المضطرب , ويتهدج صوتهُ : أرجوكم لااااا .. لاااا تصعقوني , لا أعرف الشفرة السريةْ.
    (في هذه الأثناء يدخل راشد)
    راشد(تحلق فوقه غمامة استفهام) : ما بكَ يا قاسم؟!
    انتشر صمت رهيب , دون أن ينبس أي منهما بكلمة وعيني راشد تتفحصان ملامح قاسم , في ترقب لإجابة ما !
    ابتسم راشد ابتسامة خبيثة , ولمعت عيناه ولعب معه الدور الآتي :
    راشد (بصوت جهوري) : قف أيها الجندي قاسم
    قاسم(وهو يُخرج رأسه من بين ركبتيه بعد ان ارجعه بينهما , ينظر يمنة ويسرة في خوف) : هااااه من .؟! من ؟! اتركوني أرجوكم ..
    راشد(والصوت يرتفع) : قلت قف أيها الجندي أمامك الكولونيل دي مورينو ..
    قاسم (ينتصب بإرتجاف) :من ..؟! الكولونيل (ينطق اسمه بتلعثم شاداً على بعض الحروف) دددددي مورينـــــ وووو
    راشد(واحدى حاجبيه مرفوع ويبتسم بدهاء) : أين موقع القيادة التعبوية أيها الأبلة
    قاسم (بانت عليه امارات الشرود والتيه)وبلا وعي ينظر للسقف : أغرب عن وجهي !
    راشد (صوته الغاضب يرتفع) : إذاً سنحقنك !
    (وتتحول ملامحه لشخص هادئ بخبث وبلا مبالاة وببرودة مشاعر) :تخيّل جسدك المليء بالثقوب جراء الحُقن ..؟!
    قاسم (ممسكٌ بيديه الإثنتين, ويعد اصابعه) : حقنة واحد , اثنان , ثلاثة , أربعة
    , حقن (ويرتفع الصوت تدريجيا)ً حُقن ..( ويرتفع أكثر) حقن , وينطق كلمة(ثُقب بإمتداد) : ثُقب !
    (واضعا نظره إلى الأعلى , واصبعه تُشير للسقف) : هنالك ثقب في السماء
    (يُقاطعه راشد بسخرية) : أووووه ثُقب إذاً مفزعٌ حقاً , (وهو يلوح بيده أمام عيني قاسم كالساحر) : ووووووووه!
    قاسم(وناظريه ملتصقان بالسقف , وذهنه شارد في شيء ما وبحزن) : ثُقب أُعد لنزول مخلوقات ملائكية !
    (يُقاطعه راشد يقهقهة هستيرية): ملاااااااائكية ..؟! قال ملائكية قال هاهاهاهاهاه
    (ويُكمل قاسم بنبرة أكثر وجع) : ها هي آتية .. أنظر (يمد يده إلى راشد ويضربه في كتفه) : حزم ضوئية تنشرها هذه المخلوقات.
    يعم الصمت كلاهما .. نظرات قاسم اشبه بحالم يترقب الرحمة وهو يركع , كأنه يُصلي للمسيح .. راشد ينظر بفضولٍ إلى قاسم وقد علت ثغره سخرية وبعد دقائق :
    راشد : يا لك من جندي معتووه
    (ودون أن يعيره قاسم أي انتباه ) : تعالي إليّ يا فراشاتي الملائكية ... اسقيني رحيقكِ إنني في عالمي الثكنة الخامسة .. تعالي !
    (فجأة يصبح قاسم رقيق المشاعر , يتحرك إلى أن يصل إلى الطاولة الخشبية ويلتقط الوردة يشتمها بنفس عميقٍ , واضعا نظره على راشد) : في الحب يحتاج الرجل أن يكون دفق المشاعر
    وبمحاولة من راشد يستفز فيها قاسم : وفي الحرب يحتاج الرجل أن يكون بلا مشاعر
    (يرتبك قاسم يُصاب بحالة نزق وتيه , وكأن صاعقةً قد اردتهُ مخبولاً)
    يزدردُ ريقه قائلاً : حــ .... ــرب , حـ ...... ـــرب !
    (وبنبرة مأساوية يُكمل) :قصفونا ! قصفوا الثكنة الخامسة
    (وينبطحُ أرضاً في حركة بطولية واضعا يديه على راسه حيث يشبك الاصابع على الراس والوردةُ ما زالت تتشبثُ بهِ , والخوف بادٍ على صوتهِ) : الثُقب انبلج حينها , دخلت كائناتٌ ملائكيةٌ .. فراشات ضوئيةٌ .. ماتوا جميعا لقد ماتو !
    (رشاد ولإستخفاف) : من هم الذين ماتوا؟!
    قاسم : جميع من كانوا في الثكنة الخامسة , يوسف , علي .. الجميع (يرتفع صوته الحزين) الجميع تركوني!
    (البُكاء المرير يُغطي صوت قاسم , الحشرجة تتعالي وبعد دقائق) : تضرجت الثكنة بالدماء , سقفها نصف مفتوحٍ الأجساد غارقة في هيبة الموتِ !
    (راشد وقد حرك الأسى شعور وبإللتفافة ود ) : هيّا صديقي لا تبتئس , ما رأيك أن تأخذ دوائك وتنام ؟!
    (قاسم والبلادةُ تُغطي ملامحهُ) : أنظر (يلتقط الوردة) : لقد سقوا الورود من دماء رفاقي
    (يشتم الوردة بنزق , ونفس حاد , يقطع اوراقها الواحدة تلو الآخرى , وهو يردد) : تحبني لا تحبني تحبني لا تحبني
    (ضوءٌ يلوح في المسرح .. يصمت قاسم . يرتعد قليلاً ويرجع للخلف , يهرول في أنحاء الغرفة , وبخبلٍ) : ها هن فراشاتي قد أتين حاملات نورهن الوضّاء .. دعيني أمسككِ , تعالي .. تعالي
    (راشد بعد أن فقد أعصابه) : كفى أيها المخبول .. لقد أصابني الصُداع بسببكَ
    (يتنبه قاسم لراشد وقد شعر بالخوف من صوته) : ولكن ... (ينظر يمين راشد .. ومن ثم يساره) : أين ذهبتِ إلى أين .؟!
    (ويستأنف مرة آُخرى ما بدأ به في الوردةِ): تُحبني .. لا تُحبني (وفي شرودٍ تام ينظر إلى الفراغ , يُلقي بالوردةِ , ويعدو في الغرفةِ وهو يقول ) : سأمسك بكِ صغيرتي !
    (يسكن فجأة من عدوهِ , ينظر إلى راشد بدهشةٍ) أين ذهبتْ ..؟! لقد دخلت فيكَ (يهز جسد راشد بعنف)
    (يبدأ بملامسة وجه راشد , وينظر إليه بحنان متأبطاً ذراعهُ)
    أحبيني .. بلا عقد
    وضيعي في خطوط يدي
    أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
    فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
    (ويُحاول أن يُراقصهُ , حينها يشعر راشد بالحنق الشديد , محاولا الإفلات منهُ) : اتركني أيها الأبله , يا ربي أي احمق قد تورطتُ معهُ ..؟!
    (بعد أن يفلت راشد من قبضة قاسم , يتصرف بحركة سريعة وذكية ماسحا رأس قاسم بهدوء) : هيّا يا عزيزي استرحْ وخذ دوائكَ
    (بإيماءة رضية من قاسم يقبل الأمر يأخذ الدواء يتظاهر بإبتلاعه , يشرب الماء , يأوي إلى فراشه , ويخرج راشد من غرفة قاسم ينطفى النور في المسرح قليلاً , وتُصبح الغرفة شبه معتمة )
    (يصدر صرير ريحٍ في المسرح , تلتقطه أذني قاسم , يثبُ من سريرهِ في حركة بهلوانيةٍ , يبصقُ على حبة الدواءِ , ويُردد) : يظنني أبله لآكل حبة الدواء وأنام .. يُريدون أن يجروني للحرب .. (وبحزنٍ) : للثكنة الخامسةِ ..!
    (صريرُ الريح ما زال مستمراً , يستمع إليه قاسم بوجل , يذهب للزاوية حيث الطاولة , يآخذ المزهرية , وكأنه يُحدث أحداً على الهاتف ) حوّل .. حوّل هنا الجندي قاسم .. حوّل !!
    (يضرب بالمزهرية عرض الحائط) : إنها لا تعمل .. لا يسمعوني ! القيادة لا تجيب)
    (يهدأ بالتدريج , يُحاول أن يأخذ نفسا عميقاً , والمزهريةُ في يدهِ , يسير بخطوات متثاقلةٍ نحو سريرهِ , فجأة ينبطحْ أسفل السرير) : انفجااااااااااااااااااااار .. إننا نتعرض للقصف سيوبيدوننا عن بكرة ابينا .. حوّوووووول
    (يصمت قليلاً ثم) : حوّل أرسلو لنا القوة المساندة.. الثكنة الخامسة تتعرض للقصفْ !
    (يُهرول في أنحاء الغرفةِ وهو يقول ): سيأتون الآن , سيصعقوني .. التعذييييييييب .. سأهرب الآنْ
    (يُكمل هرولته , دون هداية , ومن ثم يضرب رأسه بالحائط حينها يدخل راشد والغضب قد غطى على ملامحهِ) : ما بكَ ..؟!
    (وبصمت مُهيبٍ ينتصب قاسم بحركة عسكرية رافعا يده لتحية عسكرية)
    (يزداد حنق راشد) : أجبني أيها الغبي .. هل أكل القط لسانك..؟!
    (قاسم وبحزم يُنادي) : الله ..الثكنة الخامسة.. القائد ..
    (ويرق قلبهُ وعيناه تبدو عليهما الحزن) : وليلى !
    (يكررها في هستريا تامة , مرات عديدةٍ ) : الله .. الثكنة الخامسة .. القائد .. وليلى !
    (فجأة يتلقى لطمة من راشد قائلاً لهُ ) : هلا سكتت أيها الجرذ الغبي ..؟!
    (يزحف قاسم بوهن إلى سريرهُ ويُلقي نفسهُ فيهِ) ليلى .. غاليتي لقد خلفوكِ أشلاء جسدٍ !
    (راشد وبإستغراب وعطف) : ومن تكون ليلى هذهِ ..؟!
    (قاسم والبُكاء يغطي صوته) : ليلى غاليتي .. ليلى المسافة ما بين برزخي وبعثي !
    (ويقفُ في اجلالٍ كشاعر أرهقتهُ الحروفُ والقصيدُ ليتلو ):
    ليلى ابادوكِ ..!
    بسم من ..؟!
    بسم من فعلوا ذلكَ !
    شكرا لكم .. شكرا ايها الغُزاةُ
    أخذوكِ حبيبتي
    ما أحفلهم بمأتمكِ
    فليشربوا نخبَ موتكِ
    دعوني أغني لها
    إلى أينَ أخذوكِ
    وأنتِ ما زلتِ تتراقصينَ في دمائي
    الليلُ يا حبيبتي يعطشُ
    والحب
    والأمنياتُ
    حتّى السماء
    حين زرعو القنابل في الماءِ !
    كيفَ لي أن أفنّد شروحاتي
    والقصيد يتيمٌ من بعدكِ !!
    (يُصفقُ راشد قاطعا على قاسم الجو المأساوي الذي كان يعيشهُ ليقول): إذاً أنتَ شاعرٌ ..؟!
    (يضرب على كتفِ قاسم عدة ضربات): هدئ من روعك يا أبن الملوح) !!
    (قاسم وبإبتسامةٍ حزينةٍ) : أخذوها يا رفيقي .. لقد أتت الفراشاتُ الضوئيةُ من لثُقْ , ...
    (يُقاطعهُ راشد في مللٍ مزمجراً) : ها قد عُدنا لموضوعِ الثُقب مرة أُخرى
    (قاسم وبتلعثم) : ولكن ... ولكن الفراشاتُ أخذن روح ليلى إلى السماء من خلال الثقب
    (راشد وهو يُحاول أن يُمسك أعصابهُ) طيّب .. هلا شرحتَ لي حكاية ليلى والثقب ..؟!
    (قاسم قد رسمت السعادة نفسها على مُحيّاهُ) : رايتُ للى تمشي على حبل الصراطِ عروسا مزدانةً .. والفراشاتُ وصيفاتها يُحلقن في فرحٍ !
    (يُمسكُ يديه على بعضٍ وبعينيهِ الحالمتينِ): آهٍ غاليتي كم كنتِ جميلةً .. فلتهنئي .. سآتيكِ قريباً
    (راشد وقد فقد أعصابهُ) : ياللللللللللللللللللللله!
    (قاسم وفي فزعٍ ينتصبُ) : من .. من ..؟! الكولونيل دي لومينو أس .. أعني دي مورينو !
    (يرفعُ يده مائلاً ويهتف) : الله الوطن .. القائد و ... و .. لا شيء (بإبتسامةٍ خائفة)
    (راشد والتعب قد أكل ملامحهُ) : أكادُ أجن .. حتما سأجن إن أكملتُ هذهِ الليلةَ معكَ .. ولكنني مجبر على مراقبتكَ َ
    (قاسم وهو يلتمس الحائط) : ليلى آه يا ليلى .. أُقبل ذا الجدار .. وذاك الجدارِ
    راشد: حسنا يا قيس زمانك. أرقد , حتى يتسنى لي أن استريح
    (قاسم وهو راكعٌ أمام راشد) : أتوسلكَ دعني أذهب إلى الثكنة الخامسةِ . هناك ليلى بين الأنقاضِ .. تستغيثُ بي ..!
    (راشد فاقداً لأعصابهِ ويركلهُ) : اللعنة على الثكنة وليلى والثقب...
    (ينقضُ قاسم على راشد بحركه هستيرية ليطيح به أرضاً) : أريد أن اذهب إلى ليلى !
    (راشد والفزعُ ملتصقٌ بعينيهِ) : اهدأ يا صاااح .. سآخذك إلى ليلى فقط ابعد يديكَ عن عنقي !
    (يهدأ قاسم رويداً رويداً , يضطجع واضعا راسهُ بين ركبتيهِ) : ليلى سيحرموني منكِ .. لا ارجوكم لا تفعلوا ذلكَ !
    (في حين يقف راشد يُعدل من هندامهِ , ويركل قاسم في حنقٍ عدة ركلات): ايها الغبي المعتوه كدت أن تقتلني
    (قاسم لا يُحرك ساكناً)
    (يخفتُ المسرحُ تنتشر موسيقى حزينة , ويُغلق السِتار !)

    يُتَبّعْ :كاشخ:

    ثَمةَ صَرَاْصيْر تُحَاْوِلُ اْلعَبَثَ , فَـ مَاْلي غَيْرَ اْلـ(بف باف) حَلاً !

  • #2

    المشهد الثاني /
    وصف المسرح /
    اضاءة معتمة , فقط ضوء يُسلط على قاسم
    (قاسم نائم على سريره , ويصحو بعد دقائق , في حالة خُدر وسُكر , يتفحص المكان بناظريهِ , يشعر بإرتباكٍ شديدٍ , يلمس الجدران في حالة هستيريةٍ على مراحل من فوق إلى أسف , وبالعكس وفجأة تبدأ الجدرانُ بالتحرك , تتقارب فيما بينها , يفرك قاسم عيني بدهشة ومن ثم يعقبه صراخٌ منه ) : ستطبق الجدارن على بعضها سأمووووت .. أنقذوني .. لااااااااه
    (يهرول هنا وهناك , وما زال يلهج ببعض الكلماتِ) : الثقب , الفرشات الضوئيةُ , حوّل حوّل , الخنازير تطير فوقنااااااااااا .. ليلىىىىىى
    (يسكن فجأة في مكانه , يسمع عويل مواء وأصواتا مخيفة كالدباباتِ والمدافعِ والرشاشات يُحاول أن يتجاهلها , يُطبقُ على أذنيهِ , يضطجع , ويُردفُ ) : كفىىىىىىىىىى !
    (وفي هذه أثناء صراخه ترجع الجدران إلى الوراء , ويعود الوضع إلى طبيعته يُضيءُ المكانُ يهدئ كل شيء إلا من صراخ قاسم , يدخل راشد ) : ياااااااالله نصبح على صُراخك ونمسي عليه ايضاً .. ماذا بك الآن ..؟ يا خصب الخيال
    (قاسم وقد تنبه لراشد اصطنع ابتسامةً وقال) : الجدران .. إنها الجدران ..(يتلعثم ويصمت وهو يُشير إلى الجدران)
    (راشد بصوت مرتفعٍ) : أكمل .. لماذا صمتت ..؟ ما بها الجدران..؟!
    (قاسم وهو يُتمتمُ مع نفسهِ) لا .. لن يُصدقني الأفضل أن أسكت !
    (راشد وهو يدق بقدمه الأرض) : هيّا تحدث ما بالكَ ..؟ وكأن غراب الشؤم نقر على رأسكَ ..؟!
    (قاسم وبشيءٍ من الحنقِ) : حسناً سأخبركَ
    (راشد والحنقُ المصطنعُ قد رسم على وجهه يمد ذراعه لقاسم ) كلي آذانٌ مصغيةٌ
    (قاسم ساهمٌ ومضربٌ) : رايتُ حلما غريباً !
    (راشد بشيءٍ من الإنتباهِ) : حسنا أطلعني عليهِ
    قاسم : رأيتُ الحرب تُلقحُ نفسها (ذهاباً وإياباً وهو يدق على رأسهِ) لا لا بل تُخصب نفسها (ويستمر في ضرب رأسهِ ) : لا لا لستُ أدري !
    (يصمت قليلاً , وبحركات مجنونةٍ يُحاول أن يُمسكَ الهواءَ ويُكمل) : الهواء مُفرّغٌ من التجسيدِ , الريحُ تزوجت الهواء فأـنجبا الأصوات!
    (راشد يضرب أخماس بأسداس) : ما هذا ..؟!
    (يُقاطعه قاسم بصرخة قائلاً) : وجدتها .. وجدت التفسيرَ ..!
    راشد : أخبرنا يا عبقري زمانكَ!
    (قاسم وقد وضع يده على جيبه ويتصرف بعقلانية) : تتكاثر .. الرشاشاتُ والمدافع والصواريخُ من لُقاح الحربِ
    (ويُكمل بعد أن صمت قليلاً) : الآن حرب قائمةٌ في أقصى الكرة الأرضيةِ !هل تريد أن تعرف كيف علمت ..؟!
    (رشاد وقد شابه الملل وبتثاؤبٍ) : وكيف علمتَ يا قارئ الغيبِ ..؟!
    (قاسم, وقد لمعت عيناه فرحاً من اهتمام راشد المزعوم) : الريح أتت بأصواتهم , والهواء سربهُ لي !
    (راشد وهو يُحاول أن يُمسك ضحكتهُ واضعا يده على فمه) حقاً ..؟!
    قاسم مؤكد .. دعني أكمل لكَ
    ويردف: أتتني ليلى من الثقب .. سرب الهواء صوتها !
    (راشد والإنزعاج بادٍ عليهِ) : ها هي حليمةُ .. عادت لعادتها القديمة .. مرة آٌخرى ليلى !!
    (قاسم دون أن يُعير راشد انتباهاً) : ليلى خطبت ود ظلي .. فوافقتُ .. وكنتُ المأذون !
    (راشد وقد شد على شفاهه ممتضعاً) : حسناً ولمَ لم تخطبك أنتَ ..؟!
    (قاسم وهو كسيرٌ) ليلى تُريد شيئاً غير محسوس ترحل معه تحليقاً !
    راشد , أذاً فلتحلقٍ بكَ ..!
    قاسم : جثتي مادة .. متزوجةٌ أنا .. أنا هي روحي .. المادةٌ تُريد أن تعيش في الأنا , وأنا تُريد الإنعتاق من جثتي !!
    (راشد وهو يُسكُ رأسهُ) : يا إللهي إنك مجنونٌ لا محالةً .. كل أنواعِ الجنون مكردسةٌ فيكَ يا صاح !
    (قاسم يثبُ إلى أسفل يتمون على الــpush up واحد .. اثنان .. ثلاثة ..
    (راشد يلطم خده) : وما أنت فاعل الآن ..؟!
    (قاسم يقف ويحرك قدميه في جري ثابت ) : ليلى ستأتي لتزورني !
    راشد : متى ..؟!
    (قاسم بإبتسامة): بعد أن تفرغ من الحوم حول الثكنة
    (ومن ثم يركع بإحدى قدميه وينشد) :
    وزائرتي كأن بها حياء فليست تزور إلا في الظلام
    فرشت لها المطارح والحشايا فعافتها وباتت في ظلي !
    (راشد بإندهاشٍ يبتسم) : ظلي ..! عظامي .. عظامي وليس ظلي !
    (قاسم بغضب) : لا ظلي قلت لك أنها تزوجت ظلي !
    (راشد وهو ينظر إلى ساعته) : حسنا كما تشاء .. سأذهب لآتي بدوائك .. حان موعده الآن الساعة الخامسة !
    (قاسم بفزعٍ وهو يرى أصابعه الخمسة!) : الخامسة !! يا إللهي كل شيء يدور حول الخامسة
    (ويعدد بأصابعهِ) : الثكنة الخامسة , العشاء في الخامسة , يُمنع التغوط بعد الخامسة , قيام الحرب في الخامسة ,, والآن دوائي في الخامسة !!
    (وفي هذه الأثناء يدخل راشد بصينية فيها كأس ماء وقرص الدواء , ناوله لقاسم وطفق قاسم ينظر لقرص الدواء بتعجب) : حتى الدواء على شكل رقم (5) إلا من التجويف!
    (راشد وهو يضع الصحن على الطاولة) رجاء يكفيني مغبة أقولك .. هيّا إلى فراشكَ
    قاسم : حسناً (يتمدد في فراشه)
    (يجلس راشد على الكرسي يهدئ المكان , يخفت الضوء في المسرح , يعم الصمت لدقائق ومن ثم قاسم يهذي : 9 الجاذبية طلقت الأرض .. الأجساد تتطاير .. الرشاشاتُ تصرخْ !
    (ينهض من فرشاه , يمشي في خط مستقيمٍ إلى أن يصل إلى راشد حينها ينتبه إليه راشد بعد أن غفى , وما زالت صحوته كسولةً ليفزّ من مكانه ويرجع لخلف وقاسم باد عليه الغضب يدفع راشد للوراء وهو يقول ) : هيّا ايها الموت الجبان خذني !
    (يتلعثم راشد) : ما .. ما بكَ ..؟!
    (يُقاطعه قاسم في حزمٍ): ها أنذا جئتك بروح شجاعةٍ خذني !!
    راشد ماذا تُريد ؟
    (يُقهقهة قاسم بشدة ويضرب بكفه عرض الحائط) : هاهاهاها ليلى يا ليلى الموتُ يهابني
    (فجأة يأتي صوت دوي مدفعٍ من الخارج يسمعه قاسم فقط في مخيلته , وراشد ساهم على وجهه يرجع للخلفْ حتى يصطدم بالحائط) : الحرب .. الحرب لقد وضعت أبناءها !سُتمطر أشلاء أجسادٍ !
    (يعفر قاسم بقدميه على أرضية المسرح , ويُحاول الرجوع للخلف أكثر دون جدوى) : أرى الموت من بؤرة سقوطهم !
    (يأتي راشد بفزع لُيشارك قاسم فزعه , ويجلس بجانبهِ) : أينهم ..؟! أينهم لا أرى شيئاً !
    (قاسم وهو يُشير إلى الفراغِ ) : ها هُم يتساقطون !
    (راشد وقد تحوّل إلى معتوهٍ يذهب إلى منتصف الفراغِ وهو يتحسس جسداً لا يراهُ سواهُ ويتشكل في يديهِ) : أنظر صديقكَ يوسف أهلا يوسف اين كنت ..؟!
    (يأتي قاسم ويضرب راشد على مؤخرة راسه) : ما بالكَ هل أنت مجنون ..؟!
    (راشد يدفع قاسم) : بل أنت مجنون
    (قاسم يدفع راشد) : بل أنتَ المعتوه الأخرق
    (راشد وهو يصفق بكلتا يديهِ) : حسناً لن نختلف نحن الإثنان مجنونان
    (قاسم وهو يُطرق راسه ليُفكر) : وما الجنون ..؟!
    (راشد بكل تبجح) : الجنون .. أمممممم أنه الجزء العاطل من المُخ !
    قاسم : إذاً الحرب مجنونةٌ !
    (راشد بدهشة) .: كيف ..؟!
    (قاسم يضطجع على السرير واضعا رجلا على رجل) : إذ هي عاطلة عن نشر السعادة والفرح !
    (راشد وهو يُتمتم) : تحليل منطقي .. من اين لك هذه البراعة ..؟!
    (قاسم وهو يُشير إلى مخه) : من هنا !
    (راشد بإستخفافٍ) : وماذا هناك ..؟!
    (قاسم وبإستخفافٍ أكثر) : الجزء العاطل ..!
    راشد :: أمممم وأي عُطل ..؟!
    (قاسم وبدهاء) : الحرب ..!
    راشد آهاااااااااا .. الحرب .. آهٍ اتتني فكرة !
    (قاسم بفضول يُصغي) : وما هي فكرتكَ ..؟!
    (رشاد بفرحٍ) : ما رأيك أن نلعب غُميضة الحرب ..؟!
    (قاسم بدهشة) : غُميضة الحرب(يحك رأسهُ) لم اسمع بها ..!
    (راشد والفرح يزداد ويسحب يد قاسم) : حسنا سأعلّمك إياها
    قاسم : حسناً هات ما عندك
    راشد : سيضع احدنا رأسه على الحائط ويعُد والآخر يختبئ , لحين انتهاء العد !
    قاسم : وماذا بعد ذلكَ ..؟!
    راشد : فور انتهاء العد يبحث عن الآخر المُختبئ إذا ما وجدهُ عاقبه بعقاب حربي !
    قاسم : حسنا وكيف يكون العقاب الحربي..؟!
    راشد : لا تقلق سنتباحث فيه اثناء اللعب
    قاسم : لا بأس كما تشاء , انا اعد وانت تختبئ ..!
    راشد : موافق ..
    (قاسم واضعا رأسه على الحائط يعد) ليلى .. يوسف .. علي ..
    (يٌقاطعه راشد في حنق ) : هي .. هي .. هيييييي أنت ما هذا العد ..؟!
    (قاسم وهو يلتفت إلى الوراء) : ما بي ..؟! إنني أعد الأشياء المفضلة عندي !
    (راشد والحنق يزداد وهو يُتمتم) : يا إللهي أين كنت يوم وزع الرحمن الذكاء على البشر ..؟!
    (قاسم بإستخفاف) : كنت معك !ألا تذكر ..؟!
    راشد : حسنا لا داعي لسخريتك أكمل
    (قاسم يعدو إلى وضعيته) : فراشاتي , الثقب , الثكنة الخامسة .. العشاء في الخامسة ..
    (وفي هذه الأثناء يُحاول راشد أن يبحث عن مكان للإختباء ليستقر رأيه تحت السرير)
    (ينتهي قاسم من العد ويبدأ بالبحث عن راشد ليجده) : ها قد وجدتكَ أيها الجرذ القبيحُ !
    (يُمسكه من مقدمة شعره ويجره إلى الخارج و وراشد يتأوه ويشتم قاسم بتمتمات تكاد لا تُسمع )
    قاسم : ماذا قُلت ..؟!
    راشد : لا .. لا شيء إطلاقاً
    قاسم : حسناً أحكم على نفسكَ ..
    (راشد بفزعٍ مصطنعٍ) : بماذا أحكم على نفسي ..؟!
    (قاسم بغضبٍ شديدٍ) : بماذا هاااااااه حسناً سأُعاقبكَ بنفسي ! سأربط يديكَ بملاءةِ السرير
    (يربط قاسم يد راشد ) : أخبرني ايها الخائن ما هي أمنيك الأخيرة
    (راشد يزداد غيضاً) : ان تزداد جنوناً
    قاسم : مجنون ..؟! أمممم يعني عاطل ..!
    عاطل يعني أفقد ادراكي .. الذي يجسده صمتي ومن ثم فرح الموت ..؟!
    (راشد بإبتسامة خبيثة) : الموت .. نعم الموت !
    قاسم : الموت .. ولكن ما بال رضابك يسيل .. وماذا في لذة الموتِ ..؟!
    (راشد يزدرد ريقهُ) : الموت يعني ليلى !
    (قاسم بفرحٍ حزينٍ) : نعم ليلى .. آه يا ليلى !
    راشد : إذاً عليك بالجنون !
    (قاسم يذرع المسرح جيئة وذهاباً) : ولكن كيف السبيل إلى الموت كيف ..؟!
    (وبعد الذهاب والإياب لدقائق) : وجدتها !
    راشد : ماذا ..؟! قبلها حل وثاقي !
    قاسم : (فلتذهب ايها المموه الصحراوي**) .. ليلى إنني قادم إليكِ
    راشد : ما هذا بحق السماءِ
    (قاسم ينتصب ويُقدم تحيته العسكريةَ أمام راشد) احترامي أيها الموت ..!
    (ويذهب في خط مستقيم إلى أن يصل إلى الحائط ويظل يدق رأسهُ حتى يفقد وعيهُ وهو يُردد) : ادفنوني تحت الثكنة الخامسة !


    (يخفت الضوء شيئا فشيئا حتى ينتهي كل شيء بنغمة حزينة! )
    _تمت_
    **/ اقتباس من نص للكاتب فارع العميري
    ثَمةَ صَرَاْصيْر تُحَاْوِلُ اْلعَبَثَ , فَـ مَاْلي غَيْرَ اْلـ(بف باف) حَلاً !

    تعليق


    • #3
      كنت حابه أقرأ النص بس الخط لعوزني

      تعليق


      • #4
        شي جميل صراحه

        الف مبروووك
        هي الدنيا تأخذ منا بريق الذهب..أينما حل الانسان فيها أو ذهب


        اعتذر من كل شخص اخطأت في حقه في عاشق عمان
        وليعذرني البقية ..
        ولن ادخل بهذا المعرف نهائيا..
        كل التحايا ...فتروس

        تعليق


        • #5
          ناااااااااااااااااااااايس

          قريت نص للأمااانه
          ¨°o.O (http://graphics.hotmail.com/i.p.emrose.gifقد يختفي الأمل...لكن لا يموت) O.o°¨


          تعليق


          • #6
            أورسولا ،،

            النص جميل جدا وينم عن متانة في المعاني وإتقان في الصياغة، ويستحق أن يحتل صدارة النصوص في ليالي نزوى المسرحية.

            تحية لك على إبداعك ..

            فقط وجب عليّ الاعتذار لأني عندما نشرت النتائج للصحف كتبت اسم النص "الثكلى الخامسة" وحينها كنت قد كتبته نقلا عمّن كان جالسا بقربي، ولكن بادرني أحد الأخوة الأعزاء منوها على الخطأ الذي وقع فقمت بعمل متابعة أخرى للصحف التي تهتم بالمتابعات وفيه التعديل "الثكنة الخامسة" على أمل أن يتم نشرها في أقرب الفرص.

            خالص احترامي وتقديري
            التواضع سيّد الأخلاق..

            تعليق


            • #7
              مبروكين يستاهلوا

              موفقين
              I CHOOSE TO BE WHAT IS ME


              تعليق


              • #8
                اورسولا

                //

                التجربة الأولى

                والفوز كان حليفك

                //

                رائع ما قمت به..حاولت تخيل المشهد امامي اثناء القراءة


                بعد أذنك ..سأقوم بنسخ الموضوع لــ قسم الفكر والثقافة ..حتى يجد النص نصيبه من الملاحظات..

                : )

                واصل مشوراك

                وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا

                تعليق

                يعمل...
                X