عن أي أبطال تتحدثون؟
يلجأ الكثير من الكتّاب للحديث عن الزمان الماضي للمقارنة بين الأصيل والجميل في تلك الفترة والمستحدث والمؤذي والمفروض في هذه الفترة في جميع الأصعدة والنواحي ، لكون العديد من مظاهر الحياة والأخلاق والقيم الإنسانية التي اندثرت ولم تعد موجودة اليوم لذلك أصبح رثاءها والغناء عليها هو العزاء الوحيد وذكرها كنوع من التذكير بأن هناك حياة وأمم كانت لها طابعها وحياتها المستمدة من البيئة العربية التي كانت تميز العربي مهما ذهب ورحل وشاهد ، الاهتمام بالأخلاق والعادات والتقاليد كانت في مقدمة تلك الاهتمامات التي تمثلاً أسساً في مراحل التربية بعكس اليوم الذي أصبحت فيه التقنية هي الأساس بغض النظر إلى وأين ستنتهي، فما يمتلكه إنسان الأمس يفتقد إليه إنسان اليوم وقد يكون هو نفس الشخص لكن لتغير الحياة وظروفها وما طرأ عليه أستوجب عليه أن يتغير اختيارياً وليس إجبارياً.
فالتباهي بالأخلاق الحميدة وما يتصل بذلك من حسن التعامل والرقي في مخاطبة الآخر واختيار المفردات والاحترام من الأمور التي تميز المسلمين لأنها صفات أمر بها الإسلام وأكد عليها في كثير من المواضع، لذلك نجدها مرتبطة بالشخصية الإسلامية ، وأما خلاف ذلك فهو إنسان يفتقر للأخلاق ولم يتربى التربية الإسلامية الصحيحة.
لكن اليوم ونحن نعاصر الجيل الإلكتروني هناك الكثير من الأمور المفقودة أخلاقياً مع الإكتفاء بالتباهي باستخدام التقنية بأنواعها ، وأما ما يتصل بشخصية الفرد وأخلاقه فهذا أشياء تنمو معه حسب البيئة المحيطة وتكون مكتسبة سواء كانت سلباً أو إيجاباً وليست لها علاقة بالتربية التي أصبحت مهمشة ، فليس من المستغرب اليوم أن يُمجد شخصاً ما ويتوج بطلاً لكونه تمكن أن يتطاول بلسانه وألفاظه البذيئة وعدم احترامه لجهة معينة أو شخص بعينة أو حتى لبلد بأكمله ، فجراءته الزائده واختياره للألفاظ التي من العيب تقال علناً كفيلة بأن تكسبه شهره وشعبية ،فمجرد أنه تناول موضوع بشكل سلبي وإنتقاد لاذع محقراً ومهمشاً فهو بطل قومي بين صفحات الانترنت وأكوام المدونات التي أظهرت الصالح والطالح (وأي بطلاً هذا الناكر للجميل) فكل من أراد قول كلمه هابطة فالمجال مفتوح له ، أين هي الأخلاق التي تحدث عنها الإسلام وأين هي مباديء إحترام الأخر أم أن وجود مع وجود فضاء الانترنت الحر وعدم وجود الرادع البشري يعني أن نتنصل عن الكثير من مبادئنا الإسلامية والعربية ونسينا بأن هناك رادع أكبر يهز الضمير أن وجد ضمير ويراقب الأخلاق والتصرفات ، كان الواحد منا لا يجرأ على رفع رأسه أمام الأكبر منه سناً ومكانة من باب الاحترام والتقدير أما اليوم فهم كالسلعه الرديئة ينادي بها للتخلص منها ، (الصحافة الصفراء غزتنا بإرادتنا).
والأدهى من كل هذا وذاك عدد المؤيدين له (ومعظمهم بنفس العقلية)،والذين بدورهم يحفزون أفعاله تلك ويحثونه على المضي قدماً فهو في نظرهم الفاتح الذي سيخلص البلاد من الظلام وسينصر المظلومين ولا يدرون بأنها مجرد ثرثرات سطرها أحدهم في لحظة حزن وشعور باليأس ليس إلا ، أو إيماناً بمعتقد ليس له من الصحه وهو أنتقد وستتقد مالاً أي سيتم أغلاق فمك بما يكفيك من المال.
فهل أصبحنا مجتمعاً سلبياً نصفق بحرارة كلما وجدنا من ينتقد لمجرد كسب الشهرة وتأيد بعض العقول الصغيرة ؟ ، لماذا نُسخر كلماتنا الجميلة والمواهب الأدبية التي نمتلكها للهدم بدل من جعلها سلالم نرتقي بها فكراً ونهضةً؟ ، لماذا ينظر للشخص المتحدث عن الإيجابيات بأنه منافق مرتزق يراعي مصالحه أولاً وأخيراً، لماذا ولماذا والقائمة تطول
وأخيراً ... الإسلام هو نفسه وآخر رساله له هي القرآن الكريم ومن يمشي عليه سيظل بنفس أخلاقه وإلتزامة مهما مرت عليه السنون بما تحمله من تآثر فرضته حياة الآخر وأفكاره المستحدثه والمقنعه في كثير من الأحيان.
تعليق