إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كُمول المياسم في ذبول المواسم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كُمول المياسم في ذبول المواسم

    ::
    ::

    الشعر، هو تلك اللغة التي تغني بعزفٍ منفرد، هو الجمال إذ تَخَلَّق جسداً مكتمل الأطراف، وتُنفخ في أوصاله روح الحياة والدفء .. والحُب، وقد تتناثر في خديه تارة لآلئ العبرات، وتارة أخرى تراه يقذِفُ بالنَّبل والجمرات، وتارة ثالثة يتجلبب الحزن ويكتسي بمعاطف الوجد والجوى. ذلك هو الشعر، كائن يتمخض عن أرواحنا، ويخلولق عبر مساماتنا، ويترعرع في أعماق جوانحنا، فينمو ويكبر في صدورنا حتى يزهر ويثمر. الشعر، يُهدي قلوبنا توأماً من رحم السماء، ومن يملك الشعر، كان ومن يملك الدنيا سواء.

    في هذه المندوحة، سأخوض عباب الشعر طارقاً أبوابه، سابراً أغواره، أقتطف من بساتينه زهراً وريحاناً، وأتنزه في جنباته الملتفة جناناً، أتذوق عذب فراته، وأستدفئ بضياء شعاعه، وأستظل بوارف ظلاله.
    ومن خلال عنوان هذه الساحة (كُمول المياسم في ذبول المواسم)، فإني وددت أن أتناول فيها قصيدة (ذبُلت من الأحزان كُل مواسمي)، والتي نشرتُها في أروقة هذا المنتدى الأزهر، متطرقاً إلى مواطن الشعر فيها، وبواطن الكلم في أبياتها، مسلطاً على أحرفها ضوء النقد والتذوق.

    ||::::: كُمول المياسم في ذبول المواسم :::::||

    بدءاً من العنوان، فإنه مقتطف من عنوان القصيدة البكر (ذبلت من الأحزان كل مواسمي)، أخذاً بمعنى الخبر المتحقق وهو ذبول المواسم، و(كمول المياسم) هو معنى يعبر عن أسلوب الشرح والإيضاح والتبيين، فالـ (كمول) هو مصدر (كَمَلَ)، وكَمَلَ الشيء كَمالاً وكُمولاً أي تمت أجزاؤه وصفاته وبلغت منتهاها وغايتها، والـ (مَياسِم) جمع (مِيْسَم)، وهو الأثر والعلامة، وله عدة معانٍ، ما نتوخاه منها هو أثر الحُسن والجمال، ومن هذا المصدر اشتق معنى (الوسامة)، ويقال: امرأةٌ ذات مِيسم، أي ذات بهاء وجمال، واستجماعاً لمعنى كلمتي (كمول المياسم)، يصبح المعنى المُرام هو اكتمال علامات الحسن وآثار الجمال.

    وقصيدة (ذبلت من الأحزان كل مواسمي) قد أنشدها (رماد كان عطراً) في صباح الثالث عشر من غرة أشهر العام الحادي عشر وألفين للميلاد [ 13-1-2011م ]، رغم أن بعض أبياتها كانت محفوظة في جعبته منذ أمد، فأعاد تنضيد القصيدة وترتيبها في ساعة تدفق الحس والشعور، وهي ساعة تنتاب القلبَ فُجاءة، فإما أن تفيض العين فيها دمعاً، وإما أن يفيض القلبُ فيها شعراً، وأحياناً يترافق كلا الحدثين معاً.
    ومثال ذلك، قصيدة عتيقة من بحر الوافر، دونتها منذ ما يربو على 6 أعوام، أذكر منها:

    رياحَ الشوقِ هُـبِّي واحملينا ------------
    ------------ إلى دار الأحبـة أرجعـينـا
    وما طمعـاً بدارهـمُ ولكن ------------
    ------------طمعنا فـي لـقاء الساكـنيـنا
    فـيا عجـباً أحبتنا جفونا ------------
    ------------ وما يـدرون ما فعلـوه فـينا
    فإن كانوا نسونا ما نسينا ------------
    ------------ وإن خـانوا فإنّـا لـن نخونا
    غروبُ شموسهمْ أضحى يقينا ------------
    ------------ وإن غربـوا سنبقى مشرقـينا
    وردنا ماءهـم من قبلُ صفوا ------------
    ------------ وبعـد رحيلهم قـد صار طيـنا
    لنا في اللـيل دمعٌ واحتـراق ------------
    ------------ وفي الاِصباح نبـقى ذاكـرينـا
    بكيـنا واشتـكينا وارتجـينا ------------
    ------------ عسى يومـاً قـلوبٌ أن تلـينـا
    فما لانَ الزمـانُ وما لقـينـا ------------
    ------------ سوى موتـاً تَعَجَّـل أن يحـينا
    فيجمعنا بمـن مات اشتـياقـا ------------
    ------------ ويلحـقـنا بفـوج العاشقـينـا

    فالشعر إذن نهرٌ متدفق، قد يجري مع بعضهم جريانَ الريح، وقد يكون لدى آخرين مسدوداً، حتى إذا عظُمَ اهتياج القلب وطغى التياعه، حَطَّم القيود وفجر السدود ودوت معه الرعود، وعن مراتب الشعراء قال (الحطيئة):
    [ الشعراءُ فاعلمن أربعة، شاعرٌ يَجري ولا يُجرى معه، وشاعرٌ ينشدُ وسطَ المعمعة، وشاعرٌ من حقه أن تسمعه، وشاعرٌ لا تستحي أن تصفعه ].
    وقد أجاد شاعرٌ وصف الشعر وتلازمه مع الشعور حين قال:
    الشـعر لسـتُ أقوله ... إلا كـما أنـا أشـعرُ
    والشعر ليس سوى الذي ... هو للشعور مصورُ
    والشـعـر مرآة بهـا ... صور الطبيعة تظـهر
    فمن غير المستحسن في الشعر كسوته بالغموض المفرط والإبهام المتطرف، بل يكثر جمال الشعر كلما اقترب من ملامسة الحس ومداعبة الشعور بكل انسجام ودون تكلف، إذ يظن بعض الشعراء أو ناظمي الشعر أن الشعر لا يكون شعراً إلا إذا صَعُب فهمُه، وعسُر هضمه، وتِيهَ في سرادقه، وهذا بالقطع مجانبٌ لجادَّة الصواب، بل إن شعراً هكذا سماته يُعد شعراً مستهجناً مُنكراً، فليس شعراً ذاك الذي لا تطربُ له النفس، ولا تتعانق مع كلماته الروح، وتنصهر في كلماته وتذوب في معانيه، وكما قال الشاعر:
    إذا الشعر لم يهززك عند سماعه ... فليس جديرا أن يقال له شعر

    وبعد هذه الفاتحة الطريفة، سنغوص في بحر الشعر، مستقصين دره ولآلئه، ومقتفين بهاءه ومحاسنه، آخذينه بالنقد والتذوق، وبالتبين والإيضاح، والتوجيه والإنصاح، مرافقين عبر أبياته روح المشاعر وأنفاس الأحاسيس التي أمطرت شعراً وقافية.

    ::
    ::

  • #2
    ايها العطر لا ادري لكني ارى انك نهر من البيان المتدفق
    في كل مرة تثبت انك إنسان عظيم
    بورك قلمك
    أمد كفي إلى ماء ليطفئني *** فيشعل الماء جوفي ويحترق

    ابو المؤيد

    تعليق


    • #3
      ::
      ::
      في كُل مرة، سنقتطع بيتاً من قصيدة (ذبلت من الأحزان كُل مواسمي)، مسلطين عليه ضوء النقد والذائقة الشعرية، نفسر نواحيه ونوضح نواديه، راسمين صورة مكتملة الملامح عما اختلج القصيدة من مشاعر وتخللها من أحاسيس. والقصيدة من بحر الكامل، وعدتها 35 بيتاً.


      [ 1 ]
      ذَبُلَتْ من الأحزانِ كُلُّ مواسِمي ... وغَدتْ كأجنحةِ الظلامِ مَعالمِي

      تستهل القصيدة أبياتها بتكوين قاعدة شعورية يُؤسس عليها الحس المتلاحق في توالي الأبيات، وهذه القاعدة الشعورية تُمكِّن المعنى المُنشود من إيجاد موطئ قدمٍ في الذهن بأسرع وسيلة ممكنة، وبأقل سبيلٍ للتكلف، فالملاحظ أن شطر البيت الأول مكتمل النصاب من حيث المعنى، فهو قابل للوقف والاقتطاع من وصلة شطره الثاني مع الإبقاء على كمول معناه وشموله، [ ذبلت من الأحزان كُل مواسمي ]، فالشطر الأول على حدة يُعطي صورة تامة الوصف عما يُرادُ إيصاله أو التعبير عنه، دون أن يحتاج إلى استكمال معناه في الشطر الثاني.
      وقد استفتحت القصيدة بكلمة [ ذبلت ]، والذبول هو اليَبس والجفاف، والشيء لا يذبل إلا بعد أن كان ندياً طرياً تدب في أوصاله الحياة، فالمعنى المُراد إيصاله هو حصول الموت من بعد حصول الحياة، وهذا يدل على تحقق أسباب الموت ودواعيه، وهذه الأسباب عُيَِنت بالأحزان [ ذبلت من الأحزان ]، فالحُزن المُجتمع هو سبب الذبول والجفاف واليبس المؤدي إلى الفناء والذويان، ثم يُؤكَّدُ المعنى أكثر بشمول هذا الذبول كُلَّ ألوان الحياة، وذلك في تعبير [ كُلُّ مواسمي ]، والموسم هو وقت ظهور الشيء بكثرة، والمقصود هنا هو فصول السنة، من شتاءٍ وخريف وربيع وصيف وما يعتريها من أحداث مختلفة من برد وحر ومطرٍ وثلوج وينوع وإثمار، فالمُرادُ هو أن كل هذه الفصول المختلفة وبكل ما فيها من أحداث متباينة، فإنها كُلها قد أصابها الذبول واليبس والجفاف، وكأن الذبول هو الموسم الوحيد لكل السنة، فلا وجود للمواسم المألوفة إلا موسم الذبول يتكرر على مر العام، وهذا معنى في غاية وصف الحُزن، الذي هو سبب ذبول كُل ما في الحياة، وذات هذا المعنى قد أبدعَ في وصفه سلطان الشعراء، المتنبي يوم قال:
      وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عندهُ الأنوارُ والظلُمُ

      أما الشطر الثاني [ وغدت كأجنحة الظلام معالمي ]، فإنه يرسم صورة أخرى لذات الشعور، فالشطر الأول عبر عن معنى ذبول الحياة في كل مواسم العمر ومراحله، والشطر الثاني عبر عن ديمومة الظلام وانتفاء الضياء، والظلام كناية عن الحُزن والبؤس والمصائب والشرور، بخلاف الضياء الذي يُكنى به الأمل والتفاؤل وبهجة الحياة وغضارتها، ولذا فإن الشطر الثاني أرادَ التعبير عن تغشي الظلام كُلَّ وجوه الحياة، بصبحها وليلها، فليست الأيامُ إلا عتمة دامسة مدلهمة، وقد جاء تعبير [ كأجنحة الظلام ]، وأجنحة الظلام هي جوانبه المعتمة، وهي إشارة إلى امتداد الليل واستطالته، وقد استُعمل الظلام الممتد في وصف الموصوف وهو المعالم، فكأن القول: وغدت معالمي كأجنحة الظلام، والمعالم هي العلامات التي يُعرف بها الشيء، ولذا فإن المعنى الذي يسوقه هذا الشطر يعطي صورة قاتمة أخرى لبؤس الحال واسوداد المآل، فهو يصور المعالم التي يُعرف بها الإنسان كملمح الوجه والعينين واليدين والقامة ونبرة الصوت، يصورها بأنها قد أخفاها الظلام وعفاها، جاعلا من الإنسان شخصاً غريباً مجهولا بلا ملامح ولا يعرفه أحد ينظر إليه أو يستمع لصوته، ففي الظلام تختفي معالم كل شيء وكأنه غير موجود، وهذا هو المعنى المنشود الذي أراد الشطر الثاني التعبير عنه.

      [ تمت قراءة البيت الأول ]
      ::
      ::

      تعليق


      • #4
        رماد.....او ربما عطر ينشر الابداع في كل مكان ..

        بصراحه اقف عندك تعجبا .....ابداع وثقافه جدا رائعه ....

        تقبل مروري ......

        عابرة سبيل
        ممكن طلب ؟؟!!

        http://farm3.static.flickr.com/2215/...6476e22477.jpgباقي من العمر سااااااعة!!

        تعليق


        • #5
          .
          .


          قرأت القصيدة مذ كانت معلّقة في السماءِ ولاتزال ..
          ربما لم اشأ أن أخدش جمالها بثرثرةٍ لن تضيف إلا عتمةً متوارية !
          هنا فقط .. أردتُ أن أقول أنني هنا ..

          وإن لازمني الصمت .. فأنا هنا ..
          رغما عنيّ ..
          .
          .

          يا رماد الذي استحال عطراً ..!
          انتَ تضطرّني لـ لعن ِ اللغة التي توهّمتُ أني أملك !
          دمتَ كذلك ..
          ودمنا في الظل نقرأ بصمتِ العاجزين !
          http://upload.omanlover.org/out.php/...ahi8-lamar.jpg
          .
          .
          ثـ ....ــكرا ً " لمــار " بلـــثغةِ الطفل ساعة مطر

          تعليق


          • #6
            ::
            ::
            [ 2 ]
            وتشابهتْ أيامُ عُمري في الأسَى ... فكـأنما الأيـامُ محضُ تـوائمِ

            في هذا البيت، يعيد (رماد) عرض صورة الحزن وتداعياته بلوحة أخرى، فمن الذبول الذي اعترى كافة أحوال حياته وفصول عمره، والكأباء التي خيمت على وجهه كظلامٍ محلولك أرخى سدوله طامساً معالم وجهه ومطلمساً ملامحه فبات غريباً مجهولاً غارقاً في لجج وَحدته وعتمته، ينتقل بنا إلى مشهدٍ آخر يصور فيه تواصل أشجانه وأحزانه على سائر الأيام، فكل يومٍ يأتي لا يكون إلا شبهاً ونسخةً مطابقة لليوم الذي سبقه [ وتشابهت أيامُ عمري في الأسى ]، وكأن دارة الزمن قد توقفت لديه وساعات الدنيا تصلبت وأصابها الشلل والعطب، فلا تحمل الأيام إلا ذاتَ الأسى والجوى والشجن، فكل الأيام متشابهة لأن الأسى يطغي عليها جميعاً.

            والشطر الثاني من البيت الثاني يؤكد الصورة التي سبقته في الشطر الأول، فمادامت كل الأيام متشابهة في تكرار الحُزن وابتعاثه، تكون الأيام لشدة تماثلها وتشاكلها كأنها توائم يشبه كل منها الآخر [ فكأنما الأيام محض توائم ]، فقد كنى الأيام بالتوائم راسماً في مخيلتنا صورة الأسى وكأنه الرحم التي تتمخض عنها الأيام مراراً وتكراراً، فكل يوم يتنفس يكون مولوداً للأسى وطفلا له، يكبر منذ ولادته في الصباح حتى يشب في الليل ليلقي جرانه وآلامه على الصدر كل ليلة، ثم يشيخ في وقت الفجر حتى ما يكاد ينقضي إلا وقد تخلَّق حُزن جديد يولد مع ولادة صباح يوم جديد، وهكذا دواليك، يستمر الأسى ويتتابع كترادف الليل والنهار.

            [ تمت قراءة البيت الثاني ]
            ::
            ::

            تعليق


            • #7
              ::
              ::

              [ 3 ]
              وتَقطَّعتْ سُبُلي وأضحى مَرتَعاً ... قلبي ، يُؤاوي خَيبتِي وهَزائمِي

              تُرى ماذا يبقى للمرء بعد أن يفقد أحلامه، وتذوي أمام عينيه أمانيه، ويهجره أخلته وأحبابه. في البيت الثالث، يتراءى أمامنا مشهد كئيب آخر، فبعد الذبول والعتمة واستطالة الأسى، تتهاوى مُراغَمُ الخلاص، وتضيع طرائق النجاة، فلا ملجأ من الحُزن، ولا موئل من الضيق والشجن، هذا ما يصوره الشطر الأول [ وتقطعت سُبلي ]، فغدت السبل كالحبال المقطوعة، لا تهدي إلى مرافئ النور والدفء، ولا تقود إلى شواطئ السكينة والأمان، كمن فقد خرائطه وسط صحراء تعصف بها الريح.

              وفي البيت الثالث، تتخلق في خواطرنا مفارقة مؤلمة وخانقة، فمن جهة، تتقطع سبل النجاة والخلاص، وفي ذات الوقت، تهتدي الآلام والأحزان والانكسارات إلى القلب، أليس هذا ما يحدث للذي تتشظى أضلعه من الأسى؟ تضيق عليه الدنيا بما رحبت، وتختفي من أمام ناظريه الطرقات والأزقة والمهارب، وفي الوقت عينه، تتوافد حشود الجراح على القلب كموسم حج لا تنقضي مناسكه ولا تنتهي!

              هذا ما عبر عنه الشطر الثاني من البيت متداخلا مع الشطر الأول [ وأضحى مرتعاً قلبي ]، أي: وأضحى قلبي مرتعاً، والمرتع هو مكان واسع وخصب تُرعى فيه الماشية، فأراد أن يشبه قلبه بالمكان الواسع والخصب الذي ترعى فيه الأحزان وتنعم، وهذا هو الوجه الثاني للمفارقة، حيث إن الوجه الأول هو اختناق الروح وانقباض القلب بسبب انقطاع الطرق وغياب المسالك التي تمنح الفؤاد فرصة التنفس واللجوء إلى حضن يؤاوي وحبيب يأسو ويداوي، ويقابله احتشاد المآسي والنكبات في عمق الصدر [ قلبي يؤاوي خيبتي وهزائمي ]، وكأن الأضلع طرق تحمل النكسات والانكسارات إليه، فتجتمع فيه الخيبات وتزدحم الهزائم التي مُنيت بها الروح في صراعها من الحياة، مع الحب، مع الحُلم والأمل، كُلها خسائر تتراكم في القلب، وكأنه مرتع يأويها ويكلؤها، فتتقوَّتُ عليه الآلام والأحزان والمآسي، دون أن يجد سبيلاً تخلصه من مصائبه وتطفئ لهيب عذابه.

              [ تمت قراءة البيت الثالث ]

              ::
              ::

              تعليق


              • #8
                لها الأعلى حتمًا

                أقرؤكَ بصمت
                .
                .
                هــدنـة

                تعليق


                • #9
                  مــــتـــــابع



                  يا سيدي القاضي :
                  أنا رجــــــل حــالــم

                  مـن بعض انقاضي
                  بنـيت لــي عالــــم

                  لـــكــن .. أنا راضي
                  بــحكــمك الـظالـم !

                  حمود المخيني


                  twitter : @hamoodalmukhini

                  تعليق


                  • #10
                    ::
                    ::

                    [ 4 ]
                    والدَّمعُ مِدرارٌ يفيضُ كـأنهُ ... نَبعٌ تَـحَدَّر من حِياضِ غَمائمِ

                    أن تفقد شيئا تحبه، فذاك أمرٌ مؤسف، ولكن أن تفقد عينين أودعت فيهما الروح والحياة، فتلك وأيم الله فاجعة! حينما يبكي الرجل في زوايا وَحدته وانفراده، متجلببا عتمة الليل وظلامه، فتلك حالة من التشظي الروحي، وخدر يجتاح الجوارح، هي حالة المحارب الذي انفل سيفه وتمزع مجنأه في معركة حامية الوطيس، في معركة لا تقبل القسمة إلا على شطري الحياة والموت. الدموع المهدودرة، ألائكُ الحُزن المتأجج، ورسائل الشوق المخنوق بالبين والفراق، كما قال (ابن المعتز):
                    أشكو إلى اللهِ أنّ الدمعَ قد نفدا ... وأنّني هالكٌ من حُبّـكم كَمَدا

                    فالدمع هو الملاذ الأخير، حين يكثر التفاتنا دون أن يلوح في أعيننا وجه من نُحب، وكذا أنشد (أبو ذؤيب الهذلي):
                    فالعينُ بَعدَهُمُ كأَنَّ حِداقَها ... سُمِلتْ بشَوكٍ فَهِيَ عُوْرٌ تدمعُ

                    فالبكاء هو نزيف القلب، يفيض عبر عينين مغرورقتين بالعبرات والحسرات، وتلك الدموع تحمل في جوفها حُرقة الفؤاد ولهيبه، كما قال شاعر:
                    الخدُّ يعلمُ ما في الدمعِ من حَرق ... وليس تعلمُ ما فيه المناديلُ

                    وبعد أن يتأجج الأسى، ويتهيج في جوانحنا الجوى، تتفجر مآقينا بالدموع، وينصب منها الهُموع، فتخفف عن الأنفاس اختناقها، وعن الأضلاع انقباضها، وكذا قال الشاعر:
                    غرَّهُ البينُ فاستراح إلى الدمـ ... ـعِ وفي الدمعِ راحة للقلوبِ

                    وهذا ما عبر عنه البيت الرابع من القصيدة [ والدمعُ مِدرارٌ ]، ومدرار صفة مشتقة من الدر، ودَرَّ الشيء دَرَّاً كثر صبه وانهماره، ثم شبه سيلانه وشدة جريانه بقوله: [ يفيضُ كأنه نبعٌ تحدَّر من حياض غمائم ]، والنبع هنا بمعنى الينبوع، أي الماء المتدفق، وهذا الماء الدافق [ تحدَّر ]، أي انحدر ونزل، [ من حياض غمائم ]، والحياض جمع من جموع حوض وهو مكان تجمع الماء، والغمائم جمع من جموع الغمامة، وهي السحابة، سميت غمامة لأنها تغم الشمس أي تسترها وتحجبها.
                    وهذه صورة توحي بشدة بَضِّ العين وهميانها وامتلائها بالدمع حتى تفيض كالسيل الهابط من السحاب هبوطاً وابلاً متواصلاً، وهذا تعبير عن رُونِ الحال واشتداد الألم والوجع حتى تفجر الدمع كالينابيع الهاطلة من حياض السماء.

                    [ تمت قراءة البيت الرابع ]

                    ::

                    ::

                    تعليق


                    • #11
                      ::
                      ::

                      [ 5 ]
                      فإذا أصابَ الدَّمعَ شُحُّ نَفادِهِ ... فَارتْ دِمائي مِثلَ مُزْنٍ سَاجِمِ

                      كم تُراها تلك الأوانات التي يعجز فيها الدمعُ المنساح على الخدين والجيد والأضلاع كجدول نهرٍ دافق ٍعن تخفيف حُرقة الألم الذي يتسعَّرُ ويغلي في أكبادنا، كم من المرات التي لا تعد المآقي تسعفنا في امتلاخ الأسى القابع في أغوار صدورنا، واجتثاث الجوى الكامن في أعماق جوانحنا، هناك، وهناك فقط، تتنحى الدموع وتستحوذ على مجاريها الدماء المتهيجة ألماً في أوصالنا، وكأنها بحر مائج تمده من ورائه وترفده سبعة أبحر من الأوجاع والانكسارات التي نخرت العظم ومخرته.
                      هذا الحس المتشظي هو ما طغى على ملمح البيت الخامس، فهو يحكي عما إذا انقطع الدمع وانزاح لكثرة انهماره وسيلانه [ فإذا أصابَ الدمعَ شُحُّ نفادِه ]، والشح مصدر شحَّ، أي قلَّ وعسُر وانقبض، ومنه سُمي البُخلُ شُحَّاً والبخيل شحيحاً لأنه يقل أو ينقبض عطاؤه وإنفاقه، فالشطر الأول إذن يعبر عن انقطاع الدمع بسبب نفاد مخازنه وجفاف أحواضه حتى قلَّ جريانه وتدفقه.

                      ثم يجيء الشطر الثاني ليصور لنا أن مُحُولَ الدمع لا يعني انقضاء الحُزن وانقطاع النزيف، بل يصبح الدم حينها هو الدمع الفائر الثائر المتدفق كالمطر الوابل [ فارَتْ دمائي مثلَ مُزنٍ ساجم ]، وفارت من فار الشيء فَوْراً وفَوَراناً أي تدفق وتفجر وغلى غلياناً، والمُزنُ جمع مُزنة وهو السحاب الحامل للماء، وساجمٍ أي سيَّالٍ مستمر الهطول، من سجم الشيء سُجوماً وسِجاماً أي سال وجرى، والسحابة الساجمة هي التي يدوم مطرها، وهذا المعنى هو ما توخاه الشطر الثاني، حيث أراد انبجاس الدم وانفجاره بدلاً من الدموع وكأنه مطرُ سحابٍ دائم الهطول.

                      [ تمت قراءة البيت الخامس ]
                      ::
                      ::

                      تعليق


                      • #12
                        لا اعتقد انك رماد بل بالعكس

                        عطرتي اجواء هذه الردهة

                        وزن جميل ومضبوط

                        ايضا انتقاء رائع للكلمات

                        بوركتي
                        No body stupid I have brain and u have brain the difference is how to use it...

                        http://upload.omanlover.org/out.php/i11063_new1.gif

                        اسمحولي ترى ما اعرف اوقع
                        خخخخخخخخخ

                        تعليق


                        • #13
                          وااااو

                          أول مره اشوف كذا
                          !
                          ...

                          تعليق


                          • #14
                            ::
                            ::

                            [ 6 ]

                            يا راحلاً والجُرحُ يَخرِمُ مُهجتِي ... أوَمَا رَفِقتَ بِنزفيَ المُتـفاقمِ

                            إنه الرحيل، أوان انقباض الأوداج، وغليان الروح وتهيجها حتى تكاد تنبجس من الأضلع، وكأنها غريق يفر من الاختناق لاهثا وراء فسحة هواء يملأ به رئتيه، ويستعيد عبره أنفاسه. إنه الرحيل، الجرح الذي يشق القلب ويقدده آراباً وأشلاء، ومعارك الموت المؤرخة في الأضلاع وكأنها صفحات تاريخ قديم، وما الأيام إلا قراءة في دفتيه، تبعث من مقابره قوافل الآلام والأحزان وكأنها حية ترزق، قوافل لا يكاد يميز مبتداها من منتهاها، وكما قال الشاعر:
                            ألاَ إنّ قَلْبي مَعَ الظاعِنينا ... حَزِينٌ فمَن ذا يُعَزِّي الحَزِينا
                            فيالكِ من رَوْعةٍ يومَ بانُوا ... بمَن كنتُ أحسَبُ أَلاَّ يَبِينا

                            حينما تفجع بخبر الرحيل، رحيل وجهٍ أودعت في كفيه روحك وأنفاسك، وقلدت جيده أحلامك وأمنياتك، تشعر ببدء احتقان في ثبج الصدر، وكأن ثُقبا خُرِمَ في عمق جوانحك، لا يلبث هنيهة حتى تحس بتسارع وتيرة اتساعه وتضخمه، حتى يكاد يفجر الأضلع ويبددها. وهذا الاحساس هو ما عبر عنه البيت السادس [ يا راحلاً والجرحُ يخرم مهجتي ]، فالجرح الذي تداعى من أثر الرحيل قد خرم المهجة، وخرمَ الشيءَ يخرمه خَرْماً أي يقطعه ويشقه، والمهجة مشتقة من الفعل (مَهَجَ) مَهْجاً، أي نَقِه وخَلُصَ، والمراد بالمهجة هي خلاصة الإنسان وهي روحه، فأراد الشطر الأول تصوير الجرح الذي أحدثه رحيل الحبيب بالشق الذي أصاب عمق الروح.

                            أما الشطر الثاني، فعليه مسحة من الاسترحام والترقق، حيث ينشد مخاطباً الحبيب الراحل بقوله: [ أوما رفقت بنزفي المتفاقم ]، وفيه دلالة على أن الحبيب رغم أنه شاهد عاشقه ينزف إلا أنه أعرض عنه ولم يكترث بجراحه، فيقول له عاشقه متألماً: ألم يرفق قلبك بهذا الجرح الذي تشهد نزفه يتفاقم ويتعاظم؟ ألم يَحن فؤادك ويشفق على سيلان دمي وجريانه، فيتلمسه ويضمده ويأسوه بقربه وحنانه؟ هلا رفقت بجرحي فعدلت عن الرحيل وعدت إليَّ؟

                            وهذا تصوير لشدة الانكسار وخيبة الأمل، حيث إن الحبيب الراحل لم يشفق حتى على جراح عاشقه وما قفل راجعاً إليه وما جعله ذاك النزف المتفاقم يحن فيعدل عن رحيله، وهذا مشهد يرسم في خواطرنا حجم الأسى الذي يزلزل الروح يوم يعرض الحبيب عن جراحك ولا يلتفت إليك ولا يهمه أمرك، فيواصل مسيره ويدبر عنك لا يلوي عليك، ويبقيك بجراحك ونزفك وأوجاعك وحيداً دون أن ترق عليك عين من تحب وتحنو عليك أصابعه.

                            [ تمت قراءة البيت السادس ]
                            ::
                            ::

                            تعليق


                            • #15
                              رماد كان عطرا ...
                              الروائح لا تحترق !!!
                              كيف احتال العطر رمادا ؟

                              ....
                              بعد قراءتك ...
                              أيقنت أن للرماد عطرا لاتشبهه رائحة !
                              ...
                              سأكتفي بالصمت ،و انحناءة طويلة أمام هيبة لغتك .
                              قال البحرللسمكة :لماذا أخطأت الطريق؟
                              -إنها تياراتك سيدي.
                              قال البحر للسمكة :لماذا التهمت ماليس لك؟
                              -إنها مجاعتك سيدي.
                              قال البحر للسمكة:لماذا جبنت أحيانا عن قول الصدق؟
                              -إنها أسماك قرشك سيدي.
                              قال البحر للسمكة:ولماذا هاجرت من كهف إلى آخر؟
                              -كنت أفتش عن الشمس سيدي.
                              قال البحر للسمكة :يالك من مخلوق غريب غامض!
                              -أنا ابنتك سيدي.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X