::
::
الشعر، هو تلك اللغة التي تغني بعزفٍ منفرد، هو الجمال إذ تَخَلَّق جسداً مكتمل الأطراف، وتُنفخ في أوصاله روح الحياة والدفء .. والحُب، وقد تتناثر في خديه تارة لآلئ العبرات، وتارة أخرى تراه يقذِفُ بالنَّبل والجمرات، وتارة ثالثة يتجلبب الحزن ويكتسي بمعاطف الوجد والجوى. ذلك هو الشعر، كائن يتمخض عن أرواحنا، ويخلولق عبر مساماتنا، ويترعرع في أعماق جوانحنا، فينمو ويكبر في صدورنا حتى يزهر ويثمر. الشعر، يُهدي قلوبنا توأماً من رحم السماء، ومن يملك الشعر، كان ومن يملك الدنيا سواء.
في هذه المندوحة، سأخوض عباب الشعر طارقاً أبوابه، سابراً أغواره، أقتطف من بساتينه زهراً وريحاناً، وأتنزه في جنباته الملتفة جناناً، أتذوق عذب فراته، وأستدفئ بضياء شعاعه، وأستظل بوارف ظلاله.
ومن خلال عنوان هذه الساحة (كُمول المياسم في ذبول المواسم)، فإني وددت أن أتناول فيها قصيدة (ذبُلت من الأحزان كُل مواسمي)، والتي نشرتُها في أروقة هذا المنتدى الأزهر، متطرقاً إلى مواطن الشعر فيها، وبواطن الكلم في أبياتها، مسلطاً على أحرفها ضوء النقد والتذوق.
::
الشعر، هو تلك اللغة التي تغني بعزفٍ منفرد، هو الجمال إذ تَخَلَّق جسداً مكتمل الأطراف، وتُنفخ في أوصاله روح الحياة والدفء .. والحُب، وقد تتناثر في خديه تارة لآلئ العبرات، وتارة أخرى تراه يقذِفُ بالنَّبل والجمرات، وتارة ثالثة يتجلبب الحزن ويكتسي بمعاطف الوجد والجوى. ذلك هو الشعر، كائن يتمخض عن أرواحنا، ويخلولق عبر مساماتنا، ويترعرع في أعماق جوانحنا، فينمو ويكبر في صدورنا حتى يزهر ويثمر. الشعر، يُهدي قلوبنا توأماً من رحم السماء، ومن يملك الشعر، كان ومن يملك الدنيا سواء.
في هذه المندوحة، سأخوض عباب الشعر طارقاً أبوابه، سابراً أغواره، أقتطف من بساتينه زهراً وريحاناً، وأتنزه في جنباته الملتفة جناناً، أتذوق عذب فراته، وأستدفئ بضياء شعاعه، وأستظل بوارف ظلاله.
ومن خلال عنوان هذه الساحة (كُمول المياسم في ذبول المواسم)، فإني وددت أن أتناول فيها قصيدة (ذبُلت من الأحزان كُل مواسمي)، والتي نشرتُها في أروقة هذا المنتدى الأزهر، متطرقاً إلى مواطن الشعر فيها، وبواطن الكلم في أبياتها، مسلطاً على أحرفها ضوء النقد والتذوق.
||::::: كُمول المياسم في ذبول المواسم :::::||
بدءاً من العنوان، فإنه مقتطف من عنوان القصيدة البكر (ذبلت من الأحزان كل مواسمي)، أخذاً بمعنى الخبر المتحقق وهو ذبول المواسم، و(كمول المياسم) هو معنى يعبر عن أسلوب الشرح والإيضاح والتبيين، فالـ (كمول) هو مصدر (كَمَلَ)، وكَمَلَ الشيء كَمالاً وكُمولاً أي تمت أجزاؤه وصفاته وبلغت منتهاها وغايتها، والـ (مَياسِم) جمع (مِيْسَم)، وهو الأثر والعلامة، وله عدة معانٍ، ما نتوخاه منها هو أثر الحُسن والجمال، ومن هذا المصدر اشتق معنى (الوسامة)، ويقال: امرأةٌ ذات مِيسم، أي ذات بهاء وجمال، واستجماعاً لمعنى كلمتي (كمول المياسم)، يصبح المعنى المُرام هو اكتمال علامات الحسن وآثار الجمال.
وقصيدة (ذبلت من الأحزان كل مواسمي) قد أنشدها (رماد كان عطراً) في صباح الثالث عشر من غرة أشهر العام الحادي عشر وألفين للميلاد [ 13-1-2011م ]، رغم أن بعض أبياتها كانت محفوظة في جعبته منذ أمد، فأعاد تنضيد القصيدة وترتيبها في ساعة تدفق الحس والشعور، وهي ساعة تنتاب القلبَ فُجاءة، فإما أن تفيض العين فيها دمعاً، وإما أن يفيض القلبُ فيها شعراً، وأحياناً يترافق كلا الحدثين معاً.
ومثال ذلك، قصيدة عتيقة من بحر الوافر، دونتها منذ ما يربو على 6 أعوام، أذكر منها:رياحَ الشوقِ هُـبِّي واحملينا ------------
------------ إلى دار الأحبـة أرجعـينـا
وما طمعـاً بدارهـمُ ولكن ------------
------------طمعنا فـي لـقاء الساكـنيـنا
فـيا عجـباً أحبتنا جفونا ------------
------------ وما يـدرون ما فعلـوه فـينا
فإن كانوا نسونا ما نسينا ------------
------------ وإن خـانوا فإنّـا لـن نخونا
غروبُ شموسهمْ أضحى يقينا ------------
------------ وإن غربـوا سنبقى مشرقـينا
وردنا ماءهـم من قبلُ صفوا ------------
------------ وبعـد رحيلهم قـد صار طيـنا
لنا في اللـيل دمعٌ واحتـراق ------------
------------ وفي الاِصباح نبـقى ذاكـرينـا
بكيـنا واشتـكينا وارتجـينا ------------
------------ عسى يومـاً قـلوبٌ أن تلـينـا
فما لانَ الزمـانُ وما لقـينـا ------------
------------ سوى موتـاً تَعَجَّـل أن يحـينا
فيجمعنا بمـن مات اشتـياقـا ------------
------------ ويلحـقـنا بفـوج العاشقـينـا
------------ إلى دار الأحبـة أرجعـينـا
وما طمعـاً بدارهـمُ ولكن ------------
------------طمعنا فـي لـقاء الساكـنيـنا
فـيا عجـباً أحبتنا جفونا ------------
------------ وما يـدرون ما فعلـوه فـينا
فإن كانوا نسونا ما نسينا ------------
------------ وإن خـانوا فإنّـا لـن نخونا
غروبُ شموسهمْ أضحى يقينا ------------
------------ وإن غربـوا سنبقى مشرقـينا
وردنا ماءهـم من قبلُ صفوا ------------
------------ وبعـد رحيلهم قـد صار طيـنا
لنا في اللـيل دمعٌ واحتـراق ------------
------------ وفي الاِصباح نبـقى ذاكـرينـا
بكيـنا واشتـكينا وارتجـينا ------------
------------ عسى يومـاً قـلوبٌ أن تلـينـا
فما لانَ الزمـانُ وما لقـينـا ------------
------------ سوى موتـاً تَعَجَّـل أن يحـينا
فيجمعنا بمـن مات اشتـياقـا ------------
------------ ويلحـقـنا بفـوج العاشقـينـا
فالشعر إذن نهرٌ متدفق، قد يجري مع بعضهم جريانَ الريح، وقد يكون لدى آخرين مسدوداً، حتى إذا عظُمَ اهتياج القلب وطغى التياعه، حَطَّم القيود وفجر السدود ودوت معه الرعود، وعن مراتب الشعراء قال (الحطيئة):
[ الشعراءُ فاعلمن أربعة، شاعرٌ يَجري ولا يُجرى معه، وشاعرٌ ينشدُ وسطَ المعمعة، وشاعرٌ من حقه أن تسمعه، وشاعرٌ لا تستحي أن تصفعه ].
وقد أجاد شاعرٌ وصف الشعر وتلازمه مع الشعور حين قال:
[ الشعراءُ فاعلمن أربعة، شاعرٌ يَجري ولا يُجرى معه، وشاعرٌ ينشدُ وسطَ المعمعة، وشاعرٌ من حقه أن تسمعه، وشاعرٌ لا تستحي أن تصفعه ].
وقد أجاد شاعرٌ وصف الشعر وتلازمه مع الشعور حين قال:
الشـعر لسـتُ أقوله ... إلا كـما أنـا أشـعرُ
والشعر ليس سوى الذي ... هو للشعور مصورُ
والشـعـر مرآة بهـا ... صور الطبيعة تظـهر
والشعر ليس سوى الذي ... هو للشعور مصورُ
والشـعـر مرآة بهـا ... صور الطبيعة تظـهر
فمن غير المستحسن في الشعر كسوته بالغموض المفرط والإبهام المتطرف، بل يكثر جمال الشعر كلما اقترب من ملامسة الحس ومداعبة الشعور بكل انسجام ودون تكلف، إذ يظن بعض الشعراء أو ناظمي الشعر أن الشعر لا يكون شعراً إلا إذا صَعُب فهمُه، وعسُر هضمه، وتِيهَ في سرادقه، وهذا بالقطع مجانبٌ لجادَّة الصواب، بل إن شعراً هكذا سماته يُعد شعراً مستهجناً مُنكراً، فليس شعراً ذاك الذي لا تطربُ له النفس، ولا تتعانق مع كلماته الروح، وتنصهر في كلماته وتذوب في معانيه، وكما قال الشاعر:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه ... فليس جديرا أن يقال له شعر
وبعد هذه الفاتحة الطريفة، سنغوص في بحر الشعر، مستقصين دره ولآلئه، ومقتفين بهاءه ومحاسنه، آخذينه بالنقد والتذوق، وبالتبين والإيضاح، والتوجيه والإنصاح، مرافقين عبر أبياته روح المشاعر وأنفاس الأحاسيس التي أمطرت شعراً وقافية.
::
::
::
تعليق