( بسم الله نبدأ بأول قصة واقعية في هذه الحياة الفانية )
و نسأل الله أن ينفعنا بها ، وان نعتبر بما سنقرأ
( دقة بدقة )
* كان تاجراً كبيرا ، وكانت تجارته بين العراق و سورية ، و يبيع الحبوب في سورية ، و يستورد منها الصابون و الأقمشة ، و كان رجلاً مستقيماً في خلقه ، قوي التدين ، يزكي ماله و يغدق على الفقراء مما أفاء الله به عليه من خير ، و كان يقضي حاجات الناس ، لا يكاد يرد سائلاً ، وكان يقول : " زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات " .
و كان يعود مرضى محلته و يتفقدهم كل يوم تقريباً ، وكان يصلي المغرب و العشاء في مسجد صغير قرب داره ، فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه إلا وسأل عنه ، فإذا كان مريضاً عاده ، وإذا كان محتاجاً إلى المال أعطاه من ماله ، وإذا كان مسافراً خلفه في عياله .
وكان له ولد وابنة واحدة ، بلغا عمر الشباب ، وفي يوم من الأيام ، سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سورية بتجارته قائلاً له : " لقد كبرت يا ولدي ، فلا أقوي على السفر وقد أصبحت رجلاً و الحمد الله ، فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلب فبع ما معك ، واشتر بها صابوناً وقماشاً ثم عد إلينا ، و أوصيك بتقوى الله ، واطلب منك أن تحافظ على شرف أختك .
وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى ، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات ....
* و سافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة : يسهر على إدارة القافلة ، ويحرص على حماية ماله ، و يقوم على شؤون رجاله ، وفي حلب الشهباء ، باع حبوبه ، و اشترى بثمنها من صابونها الممتاز و قماشها الفاخر ، ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء .
وفي يوم من الأيام قبيل عودته من حلب ، رأى شابة جميلة تخطر بغلالة من اللاذ في طريق مقفر بعد غروب الشمس ، فراودته نفسه الأمارة بالسوء على تقبيلها ، وسرعان ما اختطف منها قبلة ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة ، وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا واخذ يؤنب نفسه وندم على فعلته ولات ساعة مندم ، وكتم أمره عن أصحابه ، ولم يبح بسره لاحد ، وبعد أيام عاد إلى بلده .
وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار ، حين طرق الباب السقاء ، فهرعت ابنته إلى الباب تفتحه له ، وحمل السقاء قربته وصبها في الحب ، وأخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار ، عاد السقاء بقربته الفارغة ، فلما مر بالفتاة قبلها ، ثم هرب لا يلوي على شئ ، ولمح أبوها من نافذة غرفته ماحدث ، فردد من صميم قلبه : " لا حول ولا قوة ألا بالله " . ، ولم يقل الأب شيئاً ، ولم تقل الفتاة شيئاً ...
وعاد السقاء في اليوم الثاني إلى الدار الرجل كالمعتاد ، وكان مطأطئ الرأس خجلاً ، وفتحت له الفتاة الباب ، ولكنه لم يعد إلى فعلته مرة أخرى ، لقد كان هذا السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين ، كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء ، ولم يكن في يوم من الأيام موضع ريبه ، ولم يحدث له أن ينظر إلى محارم الناس نظرة سوء ، وكان في العقد الخامس من عمرة وقد ولى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور ...
* وقدم الفتى الموصل ، موفور الصحة ، وافر المال .
ولم يفرح والده بالصحة و لا بالمال ، لم يسأل ولده عن تجارته ولا عن سفره ، ولا عن أصحابه التجار في حلب .
" لقد سأل الفتى يسرد قصة تجارته ، فقاطعه أبوه متسائلا : " هل قبلت فتاة ؟ ، ومتى وأين " فسقط في يد الشباب ، ثم أنكر ، واحمر وجه الفتى وتلعثم ، واطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنه صخرة من صخور الجبال لا يتحرك ولا يريم ، وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن ، ولكنه كان كأنه الدهر .
* وأخيراً قال أبوه : لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل ، وقص عليه قصة أخته وكيف قبلها السقاء ، فلا بد إن تلك بتلك القبلة وفاء لدين عليك (( و نهار الفتى ، واعترف بالحقيقة )) .
وقال له أبوه مشفقاُ عليه وعلى أخته وعلى نفسه : (( أني لاعلم إنني لم اكشف ذيلي في حرام ، وكنت أصون عرضي حين كنت أصون أعراض الناس ، ولا اذكر أن لي خيانة في عرض أو سقطة من فاحشة ، أرجو ألا أكون مديناً لله بشيء من ذلك ، وحين قبل السقاء أختك تيقنت انك قبلت فتاة ما ، فأدت أختك عنك دينك ، لقد كانت "دقة بدقة " ، وان زدت زاد السقا .....
و هنا نقول ( من تعقب عورات الناس ، تعقب الله عورته ) .
( ومن تعقب الله عورته ، فضحه ولو كان في جوف رحم )
ومن كان يحرص على عرضه ، فليحرص على أعراض الناس
ومن أراد أن يهتك عرضه ، فليهتك أعراض الناس
لذة ساعة تجعلك في عذاب إلى يوم الساعة
و الذين يفرحون باللذة الحرام قليلاً ، سيبكون على ما جنت أيديهم كثيراً
و الذين يخونون حرمات الناس ، يخونون حرماتهم أولاً ، ولكنهم غافلون عن أمرهم ، لأنهم آخر من يعلمون ، ولو علموا الحق ، لتواروا عن البشر خجلاً وعاراً
(( إن ربك لبالمرصاد )) ،، وانه أعدل العادلين .
(( فما كان الله ليظلمهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي:أختكم الماسه
انتظروا القصص الواقعية التالية
و نسأل الله أن ينفعنا بها ، وان نعتبر بما سنقرأ
( دقة بدقة )
* كان تاجراً كبيرا ، وكانت تجارته بين العراق و سورية ، و يبيع الحبوب في سورية ، و يستورد منها الصابون و الأقمشة ، و كان رجلاً مستقيماً في خلقه ، قوي التدين ، يزكي ماله و يغدق على الفقراء مما أفاء الله به عليه من خير ، و كان يقضي حاجات الناس ، لا يكاد يرد سائلاً ، وكان يقول : " زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات " .
و كان يعود مرضى محلته و يتفقدهم كل يوم تقريباً ، وكان يصلي المغرب و العشاء في مسجد صغير قرب داره ، فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه إلا وسأل عنه ، فإذا كان مريضاً عاده ، وإذا كان محتاجاً إلى المال أعطاه من ماله ، وإذا كان مسافراً خلفه في عياله .
وكان له ولد وابنة واحدة ، بلغا عمر الشباب ، وفي يوم من الأيام ، سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سورية بتجارته قائلاً له : " لقد كبرت يا ولدي ، فلا أقوي على السفر وقد أصبحت رجلاً و الحمد الله ، فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلب فبع ما معك ، واشتر بها صابوناً وقماشاً ثم عد إلينا ، و أوصيك بتقوى الله ، واطلب منك أن تحافظ على شرف أختك .
وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى ، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات ....
* و سافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة : يسهر على إدارة القافلة ، ويحرص على حماية ماله ، و يقوم على شؤون رجاله ، وفي حلب الشهباء ، باع حبوبه ، و اشترى بثمنها من صابونها الممتاز و قماشها الفاخر ، ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء .
وفي يوم من الأيام قبيل عودته من حلب ، رأى شابة جميلة تخطر بغلالة من اللاذ في طريق مقفر بعد غروب الشمس ، فراودته نفسه الأمارة بالسوء على تقبيلها ، وسرعان ما اختطف منها قبلة ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة ، وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا واخذ يؤنب نفسه وندم على فعلته ولات ساعة مندم ، وكتم أمره عن أصحابه ، ولم يبح بسره لاحد ، وبعد أيام عاد إلى بلده .
وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار ، حين طرق الباب السقاء ، فهرعت ابنته إلى الباب تفتحه له ، وحمل السقاء قربته وصبها في الحب ، وأخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار ، عاد السقاء بقربته الفارغة ، فلما مر بالفتاة قبلها ، ثم هرب لا يلوي على شئ ، ولمح أبوها من نافذة غرفته ماحدث ، فردد من صميم قلبه : " لا حول ولا قوة ألا بالله " . ، ولم يقل الأب شيئاً ، ولم تقل الفتاة شيئاً ...
وعاد السقاء في اليوم الثاني إلى الدار الرجل كالمعتاد ، وكان مطأطئ الرأس خجلاً ، وفتحت له الفتاة الباب ، ولكنه لم يعد إلى فعلته مرة أخرى ، لقد كان هذا السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين ، كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء ، ولم يكن في يوم من الأيام موضع ريبه ، ولم يحدث له أن ينظر إلى محارم الناس نظرة سوء ، وكان في العقد الخامس من عمرة وقد ولى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور ...
* وقدم الفتى الموصل ، موفور الصحة ، وافر المال .
ولم يفرح والده بالصحة و لا بالمال ، لم يسأل ولده عن تجارته ولا عن سفره ، ولا عن أصحابه التجار في حلب .
" لقد سأل الفتى يسرد قصة تجارته ، فقاطعه أبوه متسائلا : " هل قبلت فتاة ؟ ، ومتى وأين " فسقط في يد الشباب ، ثم أنكر ، واحمر وجه الفتى وتلعثم ، واطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنه صخرة من صخور الجبال لا يتحرك ولا يريم ، وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن ، ولكنه كان كأنه الدهر .
* وأخيراً قال أبوه : لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل ، وقص عليه قصة أخته وكيف قبلها السقاء ، فلا بد إن تلك بتلك القبلة وفاء لدين عليك (( و نهار الفتى ، واعترف بالحقيقة )) .
وقال له أبوه مشفقاُ عليه وعلى أخته وعلى نفسه : (( أني لاعلم إنني لم اكشف ذيلي في حرام ، وكنت أصون عرضي حين كنت أصون أعراض الناس ، ولا اذكر أن لي خيانة في عرض أو سقطة من فاحشة ، أرجو ألا أكون مديناً لله بشيء من ذلك ، وحين قبل السقاء أختك تيقنت انك قبلت فتاة ما ، فأدت أختك عنك دينك ، لقد كانت "دقة بدقة " ، وان زدت زاد السقا .....
و هنا نقول ( من تعقب عورات الناس ، تعقب الله عورته ) .
( ومن تعقب الله عورته ، فضحه ولو كان في جوف رحم )
ومن كان يحرص على عرضه ، فليحرص على أعراض الناس
ومن أراد أن يهتك عرضه ، فليهتك أعراض الناس
لذة ساعة تجعلك في عذاب إلى يوم الساعة
و الذين يفرحون باللذة الحرام قليلاً ، سيبكون على ما جنت أيديهم كثيراً
و الذين يخونون حرمات الناس ، يخونون حرماتهم أولاً ، ولكنهم غافلون عن أمرهم ، لأنهم آخر من يعلمون ، ولو علموا الحق ، لتواروا عن البشر خجلاً وعاراً
(( إن ربك لبالمرصاد )) ،، وانه أعدل العادلين .
(( فما كان الله ليظلمهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي:أختكم الماسه
انتظروا القصص الواقعية التالية
تعليق