[align=left]ذكرى إنتحار الياسمينة[/align]
[align=center]السلام عليك أيتها الياسمينة ...
هكذا صار قدرنا .. حين أكون جارك ويكون ( الحال من بعضه ) .. فأني أصبحتُ في عداد الأموات أيضاً . وقبل أن آتي إلى هنا أخبرت الجميع قبل موتي برغبتي أن أكون جارك في القبر .
وهي فرصة طويلة أن نتكلم فيها عن الموت ... الذي تركت أهالي الحارة يحتفلون بمناسبته ، وقد أنقضى على ذكرى إنتحارك أكثر من أربعة فصول ، فودعت جيراني وأصدقائي في الحارة .. وأنتحرت .
على الرغم من كل شيء .. إلا أنني أحييك على قرارك في الأنتحار .. أحسن لك !! .. ، وأظن أنه كان خير وسيلة للثبات ، وربما تكوني قد آمنتي بأن " بعض السقوط علو " كما قال صديقي " سليمان المعمري " .
آآه .. يالثرثرتي ... نسيت أكليل الزهور !!!! .. فقبل أن آتي إلى هنا حـمّلني أهالي الحارة هذا الإكليل ، ويبلغونك السلام ويتمنون لك موتاً هانئاً .
والكل هناك كان يسأل .. لماذا أنتحرت الياسمينة ؟!! .
أليس من حقي أن أسأل أنا .. حتى وإن كلفني ذلك موتي لإعرف الجواب ؟! .
* * * *
" جاكوب " الذي يخاف الا تجدد له إقامته ... رأيته حينها منتحباً أمام صاحب الحديقة ويقسم أنه كان يسقيك بإنتظام .. وكان لا يحرمك الأسمدة . ثم شهد على ذلك شاهد من أهله حين تفحص المهندس الزراعي التربة وما حولها فوجد أن " جاكوب " كان وفياً .
* * * *
أتذكر أنه في يوم إنتحارك كان صديقي " نزار " قلقاً لمجيء مولودته الأولى ذلك اليوم .. فهو لم يكن يدري إن كانت مولودته التي جاءت بسببه .. هل ستكون حزينة بسببه أم سعيدة بسببه أيضاً !!! ، قال لي : حين لا أعرف أجوبة كثيرة في هذا العالم .. كيف سأجيب عليها لو سألتني أياها إبنتي ؟!! ، وواصل حديثه ليسأل : ترى هل ستواجه الموت .. أم ستواجه الحياة ؟!! .. هل تراني وضعت هذه الإنسانة في المكان المثالي ؟!! .. ثم راح يبحث في الأجوبة عنه .. ولم يجده .
وأنتي يا ياسمينة .. أكـنتِ كـ " نزار " ؟ ... تبحثين عن المكان المثالي .. لتصعدتي للطابق الثالث ؟ ... أم أنه كان صعود للبحث عن المكان المناسب للموت ؟ .
* * * *
لا أخفيك شعوراً كان في نفسي .. حين يختلط الحسد والغيرة في قلبي ، عندما أشاهدك في المكان الذي كنتِ فيه !!! .. يكفي أن تكوني أول من يلامس الشمس أصابعها ، وأول ما تقطفك النواعم أناملها .. بينما أكون أول من يستيقظ على صرخات قلبي المنتحرة .. وأول من يلامس حذائي القديم ، وأول من يحاول تشغيل سيارتي .. ثم أحاول .. وأحاول .. ثم تتبرع بالإشتغال .. لتذكرني أن توصيلي لعملي هو مجرد تبرع منها أيضاً .
ولكني وبالرغم من ذلك فأنا واثق بأن الحسد لا يسبب الإنتحار !! .
* * * *
وكنت أستبعد أن يكون إنتحارك من شدة الغيظ على إبنة الجيران التي تقاسمك الجمال .. تلك التي عندما سقطت إحدى ياسميناتك ذات مرة .. فأسرعت وأبدلتها بياسمينة من قلبها .
إلا أنني توقعت .. وهذا ما أخبرت به أهالي الحارة أيضاً ... أن " الدشات " الراكزة في الطابق الثالث .. هي سبب إنتحارك ، فربما كانت ياسميناتك تلتقط في مسمعها " كوكتيلاً " من الأغاني اللي في بالي وبالك .. والأكاذيب الواضحة ........ .
وقبل أن أسترسل في حديثي قاطعني أحدهم قائلاً :
يا رجال شوه درا الياسمينة بالأغاني والكذب والأفلام !!! .
قلت له : رآيك ؟!!! ..
رد عليّ : أكيد يا أبو الشباب أكيد .
سكت بعدها .. وأقسم أنني كنت أعتقد نفسي سأكتشف لغزاً خطيراً ، فقد كنت معداً لحديث سيقنع الأهالي .... لكني لم أجد من يسمعني .
لم أجد ما أفعل .. فسكت فعلاً ... ورحنا جميعاً نتابع في التلفزيون حديثاً كان مع ناشطة سياسية عربية الأصل .. وأخبرت بأنها ذهبت لإسرائيل وقالت لهم " جئت إليكم لأعلن أنني أنا جئت أسامحكم على دم والدي وأطلب منكم المغفرة والسماح على الإرهاب والقتل من ناحيتنا " ، وشرحت بإن مثل هذا التسامح سيعطيهم الأمان ليأتوا للصلح معنا .
أفففففففففف .. إسرائيل إسرائيل إسرائيل .. والياسمينة لماذا انتحرت .. الا يجيب التلفزيون أيضاً ؟!!!! .
هكذا سألت نفسي .. ولم أجب على نفسي أيضاً !! .
غير أني وقبل أن أنتحر .. أرسلت لجريدة " الوطن " ، وكتب مقالاً للناس أسألهم :
- لماذا ينتحر الياسمين ؟! . [/align]
[align=center]السلام عليك أيتها الياسمينة ...
هكذا صار قدرنا .. حين أكون جارك ويكون ( الحال من بعضه ) .. فأني أصبحتُ في عداد الأموات أيضاً . وقبل أن آتي إلى هنا أخبرت الجميع قبل موتي برغبتي أن أكون جارك في القبر .
وهي فرصة طويلة أن نتكلم فيها عن الموت ... الذي تركت أهالي الحارة يحتفلون بمناسبته ، وقد أنقضى على ذكرى إنتحارك أكثر من أربعة فصول ، فودعت جيراني وأصدقائي في الحارة .. وأنتحرت .
على الرغم من كل شيء .. إلا أنني أحييك على قرارك في الأنتحار .. أحسن لك !! .. ، وأظن أنه كان خير وسيلة للثبات ، وربما تكوني قد آمنتي بأن " بعض السقوط علو " كما قال صديقي " سليمان المعمري " .
آآه .. يالثرثرتي ... نسيت أكليل الزهور !!!! .. فقبل أن آتي إلى هنا حـمّلني أهالي الحارة هذا الإكليل ، ويبلغونك السلام ويتمنون لك موتاً هانئاً .
والكل هناك كان يسأل .. لماذا أنتحرت الياسمينة ؟!! .
أليس من حقي أن أسأل أنا .. حتى وإن كلفني ذلك موتي لإعرف الجواب ؟! .
* * * *
" جاكوب " الذي يخاف الا تجدد له إقامته ... رأيته حينها منتحباً أمام صاحب الحديقة ويقسم أنه كان يسقيك بإنتظام .. وكان لا يحرمك الأسمدة . ثم شهد على ذلك شاهد من أهله حين تفحص المهندس الزراعي التربة وما حولها فوجد أن " جاكوب " كان وفياً .
* * * *
أتذكر أنه في يوم إنتحارك كان صديقي " نزار " قلقاً لمجيء مولودته الأولى ذلك اليوم .. فهو لم يكن يدري إن كانت مولودته التي جاءت بسببه .. هل ستكون حزينة بسببه أم سعيدة بسببه أيضاً !!! ، قال لي : حين لا أعرف أجوبة كثيرة في هذا العالم .. كيف سأجيب عليها لو سألتني أياها إبنتي ؟!! ، وواصل حديثه ليسأل : ترى هل ستواجه الموت .. أم ستواجه الحياة ؟!! .. هل تراني وضعت هذه الإنسانة في المكان المثالي ؟!! .. ثم راح يبحث في الأجوبة عنه .. ولم يجده .
وأنتي يا ياسمينة .. أكـنتِ كـ " نزار " ؟ ... تبحثين عن المكان المثالي .. لتصعدتي للطابق الثالث ؟ ... أم أنه كان صعود للبحث عن المكان المناسب للموت ؟ .
* * * *
لا أخفيك شعوراً كان في نفسي .. حين يختلط الحسد والغيرة في قلبي ، عندما أشاهدك في المكان الذي كنتِ فيه !!! .. يكفي أن تكوني أول من يلامس الشمس أصابعها ، وأول ما تقطفك النواعم أناملها .. بينما أكون أول من يستيقظ على صرخات قلبي المنتحرة .. وأول من يلامس حذائي القديم ، وأول من يحاول تشغيل سيارتي .. ثم أحاول .. وأحاول .. ثم تتبرع بالإشتغال .. لتذكرني أن توصيلي لعملي هو مجرد تبرع منها أيضاً .
ولكني وبالرغم من ذلك فأنا واثق بأن الحسد لا يسبب الإنتحار !! .
* * * *
وكنت أستبعد أن يكون إنتحارك من شدة الغيظ على إبنة الجيران التي تقاسمك الجمال .. تلك التي عندما سقطت إحدى ياسميناتك ذات مرة .. فأسرعت وأبدلتها بياسمينة من قلبها .
إلا أنني توقعت .. وهذا ما أخبرت به أهالي الحارة أيضاً ... أن " الدشات " الراكزة في الطابق الثالث .. هي سبب إنتحارك ، فربما كانت ياسميناتك تلتقط في مسمعها " كوكتيلاً " من الأغاني اللي في بالي وبالك .. والأكاذيب الواضحة ........ .
وقبل أن أسترسل في حديثي قاطعني أحدهم قائلاً :
يا رجال شوه درا الياسمينة بالأغاني والكذب والأفلام !!! .
قلت له : رآيك ؟!!! ..
رد عليّ : أكيد يا أبو الشباب أكيد .
سكت بعدها .. وأقسم أنني كنت أعتقد نفسي سأكتشف لغزاً خطيراً ، فقد كنت معداً لحديث سيقنع الأهالي .... لكني لم أجد من يسمعني .
لم أجد ما أفعل .. فسكت فعلاً ... ورحنا جميعاً نتابع في التلفزيون حديثاً كان مع ناشطة سياسية عربية الأصل .. وأخبرت بأنها ذهبت لإسرائيل وقالت لهم " جئت إليكم لأعلن أنني أنا جئت أسامحكم على دم والدي وأطلب منكم المغفرة والسماح على الإرهاب والقتل من ناحيتنا " ، وشرحت بإن مثل هذا التسامح سيعطيهم الأمان ليأتوا للصلح معنا .
أفففففففففف .. إسرائيل إسرائيل إسرائيل .. والياسمينة لماذا انتحرت .. الا يجيب التلفزيون أيضاً ؟!!!! .
هكذا سألت نفسي .. ولم أجب على نفسي أيضاً !! .
غير أني وقبل أن أنتحر .. أرسلت لجريدة " الوطن " ، وكتب مقالاً للناس أسألهم :
- لماذا ينتحر الياسمين ؟! . [/align]
تعليق