مقالٌ جميلٌ أحببتُ أن أشارككموه..
.
[align=center][/align]
[align=right]في الذكرى العشرين لرحيله[/align]
[align=center]من قتل ناجي العلي؟!!"[/align]
نصر جميل شعث من غزة: قبل شهر من الضربة العسكرية التي هزمت بها حركة حماس حركة فتح في قطاع غزة، كنت رفقة صديق في زيارة لبيت شاعر فلسطيني مشهور، وأهم ما اشتهر به أنه كاتب معظم أغاني الثورة الفلسطينية. وكان في نيتي عمل حوار معه. لكن الشاعر المظلوم من المؤسسة الثقافية الفلسطينية؛ كان مشغولا، أمام مقدمات القتال الفلسطيني، بالبحث عمن يشتري آثاث منزله(بالايجار)، الكائن في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، التي قرّر مغادرتها للاستقرار مع عائلته في مصر، وقد غادرها بالفعل!
[align=center][/align]
وعلى الرغم من أن زيارتي لبيت الشاعر المؤقت، لم تكن ملائمة لإجراء حوار؛ إلا أنّ مناخ انشغاله بالتخلص من آثات المنزل وغزة؛ كان مناسبة دعته للغضب الشديد أمامنا، من حرب الأخوة على الساحة الفلسطينية. وأما ثقافيا، فلم يطرح عليه أي سؤال بخصوص الماضي الفلسطيني، عندما انطلق يتحدث بمعلومات حساسة ولها أصداء دائمة، نظرًا لقربه أيام تونس، من الرئيس ياسر عرفات. من جملة ما ذكره الشاعر، قاصدًا عدم الإسهاب في ذلك، هو علاقة عرفات بعشيقته رشيدة مهران، التي كان يرقبها هو وأصدقائه. وغضب العشيق، في حينه، من كاريكاتور بيد الفنان الراحل ناجي العلي، بعنوان ( النكتة)، التي نشرته جريدة الأوبز يرفور اللندنية الشهيرة، وكلف الرسام حياته. حيث اغتيل على يد مجهول، فى لندن، تموز(يوليو)1987. ففي الكاريكاتور المذكور ( يسأل الأول الثاني: بتعرف رشيده مهران؟ الثاني يجيب: لا... يسأل الأول سامع فيها..؟ يجيب الثاني :لا... الأول يقول للثاني: ما بتعرف رشيده مهران ولا سامع فيها..!!! وكيف صرت عضو بالأمانه العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين؟.. لكان مين يللي داعمك بهالمنظمه يا أخو الشليته !!)
وقد دفع الغضب بعرفات إلى إجراء اتصالاته( والشاعر هنا لم يفصح عن أسماء، إذ ملأني فضول الصحفي الثائر وراء لعبة التأدب أمام الشاعر).. قال عرفات في اتصالاته الكثير مما يفهم من سؤاله الاستنكاري، باللهجة المصرية : "إيه ده اللي بيعملو ناجي". وكما ذكر الشاعر، كاتب معظم أغاني الثورة الفلسطينية والمشارك مع درويش ودحبور وغيرهما، في كتابة خطابات عرفات التي كان يلقيها، أنه في ذلك الوقت كان ومن معه يخشى على مصير ناجي العلي؛ لأنه- كما يقول: " صرنا نفهم أسلوب عرفات.. فإذا أرخى شفتيه وتدلت، من شدة الغضب، كان حينها يفكر في اتخاذ قرار حاسم، ولا أحد كان يستطيع أن ينطق بكلمة في حضوره ". ولم يمض وقت طويل حتى اغتيل ناجي العلي!
[align=center][align=center][/align][/align]
من قتل ناجي العلي ؟؟!
المعلومات التي أتت على لسان شاعر كان مقربّا من عرفات، وترد الآن بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لاغتيال ناجي العلي، ليست جديده في مضمونها على الفلسطينيين والعرب الذين أشاروا بأصبع الاتهام المباشر والمصبوغ بأحمر اليقين، إلى ياسر عرفات ومحمود درويش. ويعتبر كتاب د. شاكر النابلسي الذي منعه عرفات في حياته، مرجعًا مهما بهذا الشأن. وكان ناجي العلي، صديق غسان كنفاني، ومبدع شخصية " حنظلة" الكاريكاتورية أيقونة روح الراحل، وبوصلته إلى فلسطين؛ ينتمي لليسار الفلسطيني متمثلاً بأبرز قواه في منظمة التحرير، وهي الجبهة الشعبية، الفصيل الثاني، بقيادة جورج حيش، في إطار بيت الثورة الفلسطينية. حيث ظل عرفات يغلق الباب علي هذا الفصيل الثاني، ويحاصره بأساليب الدكتاتور القهقير. وكان حذر الكثير من المثقفين والسياسيين الناقمين منهم والمحبين الفنان الراحل من خطورة الاستمرار في انتقاد قيادة فتح، بهذه اللغة الساخرة والقوية التي لن يتحملها ولن يسمح بها عرفات. وبات متداولا لدى الأوساط الثقافية ما جاء في مجلة الأزمنة العربية التي كان يصدرها في قبرص الشهيد غانم غباش والتي مثلت وجهة نظر المعارضة في الإمارات.. فنشرت بعد اغتيال ناجي وفي عددها 170 الصادر في آب 1987 لقاءا صحفيا كانت قد أجرته مع ناجي العلي قبل اغتياله بيومين في منزله بلندن وبحضور زوجته أم خالد.... جاء فيه أن عرفات وقف عام 1975 في مدرسة عبد الله السالم في الكويت ليخطب في الطلبة قائلا: ومن هو ناجي العلي هذا؟ قولوا له إن لم يتوقف عن رسومه لأضع أصابعه في الأسيد.. كاتب اللقاء غانم غباش نقل عن ناجي العلي قوله : هل تعرفون رشيده مهران؟ لا تظنوا إنها احدي الفدائيات.. رشيده مهران سيدة مهمة تركب الطائرة الخاصة لرئيس منظمة التحرير وتسكن قصرا في تونس وتقرب وتبعد في المنظمة وهيئاتها.. رسمت عن رشيده مهران وبعدها انهالت علي التهديدات والتهاني والتعاطف.. تصوروا أن واحدا من طرف أبو إياد أبلغني سروره من الرسم وقال أني فعلت الشيء الذي عجز عنه الكبار في المنظمة عن فعله.. لكنه أضاف أنني بهذا قد تجاوزت الخطوط الحمر وأنه خائف علي وأنه يجب أن أنتبه على حالي. فقلت له: يا أخي لو انتبهت لحالي لما بقي لديّ وقت أنتبه فيه اليكم...
ومنذ إقدام مجهول على اغتياله في لندن، بتاريخ 22 / 7 / 1987 ومفارقته الحياة في 29/ 8/ 1987، ولغاية الآن، والتأكيد القويّ لدى الأطر الثقافية والنخبوية الفلسطينية والعربية: أنّه بالإضافة إلى الرسمة الكاريكاتورية التي رسمها ناجي بخصوص عشيقة عرفات، قام العلي برسم لوحة أخرى عن محمود درويش بعنوان: " درويش خيبتنا الأخيرة"، وعلى إثرها بدا الخلاف عميقا بين ناجي العلي نصير الفقراء والهامش والمحافظ على المبادئ الوطنية، وبين شاعر السلطة والسياسة البراغماتي درويش. فعلى خلفية كاريكاتور: "درويش خيبتنا الأخيرة"، اتصل درويش بالعلي تليفونيا وهدده، وفضح العلى تفاصيل المكالمة الهاتفية في حديث مع مجلة "الأزمنة العربية"، فبعد حوار ودى قصير وصل سريعا إلى ما هو متوقع منه قال درويش (مهددا) آه.. بس إنت مش قدي يا ناجى..!
العلى(مستعبطا): شو يعنى.. مش فاهم..الشغلة صارت قدود.. قدك وقد غيرك..والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا..وانت عارف يا محمود..؟!
درويش(بعصبية): بقلك يا ناجى انت مش قدى..أفهمها..!
العلى(مدعيا عدم الفهم): والله ما انت فاهم إشى.. بطلت أفهم اشى هاليومين.. أسلاكى ضربت.. وصار عندي شورت.. شو يعنى فسر..؟!
درويش(متحديا) إنت بتعرف أنا مين.. ؟!
العلى: محمود درويش الشاعر على سن ورمح. درويش(بانفعال): وغير هيك..؟!
العلى(بلا مبالاة): ما بعرف..(مستدركا) ليش فى إيش جديد هاليومين.. لا يكون صرت قائد جيش يا محمود.. وإحنا ما معانا خبر..؟!
درويش(بتحد) : هلا مش وقت مزح.. بدى ياك تفهم يا ناجى منيح اليوم.. إنى أنا محمود درويش.. اللى قادر يخرجك من لندن في أية لحظة...!
ومنذ تاريخ اغتياله وإلى الآن، لا يزال سؤال : "من قتل ناجي العلي؟!!" حيّا ويتكرر كإدانة للقتلة، وكبحث عن تفاصيل الحقيقة، في الوقت نفسه.
ناجي العلي في سطور
ولد ناجي سليم حسين العلي، الملقب بضمير الثورة، في قرية "الشجرة" عام 1936، وهي قرية تقع بين "الناصرة" و "طبريا" في الجليل الشمالي من فلسطين. يقال إنها أعطيت هذا الاسم، لأن السيد المسيح عليه السلام، استظل فيء شجرة في أرضها. نزح الراحل سنة 1947 مع عائلته إلى جنوب لبنان، حيث استقر بهم المقام في مخيم عين الحلوة... تلقى دروسه الابتدائية في عين الحلوة، و كان يضطر لقطع الدراسة كي يعمل في بساتين الليمون و في وقت لاحق حصل على دبلوم في الميكانيك من مدرسة مهنية في طرابلس شمال لبنان.. في أواخر الخمسينات، التحق بأكاديمية الفنون فببيروت...تمت ملاحقته مرارا من قبل المخابرات اللبنانية و دخل السجن مرات عديدة، حالا دون إتمامه لدراسته، فنتقل إلى صور، حيث عمل مدرسا للرسم في الكلية الجعفرية... وفي عام 1963 سافر إلى الكويت، وعمل في مجلة الطليعة، ثم انتقل إلى جريدة السياسة حتى عام 1975، ومنها عاد إلى بيروت للعمل في جريدة السفير. و في سنة1977 عاد إلى "السياسة" الكويتية ثم ترك الكويت إلى بيروت عام 1983 ليراسل منها جريدة الوطن الكويتية، ثم رجع إلى الكويت ليعمل في القدس إلى أن تم إبعاده من الكويت، و يروى أن ذلك تم بطلب من ياسر عرفات سنة 1985، فطار إلى لندن ليعمل في مكتب القدس، وكانت النقطة الرابطة بين كل هذه الصحف التي اشتغل بها ناجي العلي أنها كانت تقرأ ابتداء من الصفحة الأخيرة حيث رسوماته، بالرغم من المعلومات الغنية التي تحفل بها الجريدة. حتى أطلقوا النار عليه عند خروجه من مقر الجريدة و ظل يصارع الموت في المستشفى إلى أن توفي متأثرا بإصابته في 29 آب 1987، تاركا وراءه أكثر من أربعين ألف رسم كاريكاتوري و ثلاثة كتب و ملايين العشاق الذين بكوه على طول خريطة العالم العربي.. وفي حوار شهير أجرته معه د. رضوى عاشور قال ناجي العلي عن الرسم الكاريكاتوري: "الرسم بالنسبة لي مهنة و وظيفة و هواية و رغم أنني أعمل رساماً منذ عشرين سنة إلا أنني لم أشعر أبداً بالرضا عن عملي. أشعر بالعجز عن توظيف هذه اللغة التعبيرية في نقل همي لأن همي كبير , و الرسم هو الذي يحقق لي توازني الداخلي , هو عزائي و لكنه أيضاً يشكل لي عذاباً. أحياناً أقول أن هذا الكاريكاتور الذي أرسمه يجعل حظي أفضل من غيري لأنه يتيح لي إمكانية تنفيس همي و أن الآخرين قد يموتون كمداً وقهراً من ذلك الهم الذي يجثم على قلوبهم و ينفث سمه اليومي فيهم أنا اعرف أن الرسم يعزيني".
المصدرُ
.
[align=center][/align]
[align=right]في الذكرى العشرين لرحيله[/align]
[align=center]من قتل ناجي العلي؟!!"[/align]
نصر جميل شعث من غزة: قبل شهر من الضربة العسكرية التي هزمت بها حركة حماس حركة فتح في قطاع غزة، كنت رفقة صديق في زيارة لبيت شاعر فلسطيني مشهور، وأهم ما اشتهر به أنه كاتب معظم أغاني الثورة الفلسطينية. وكان في نيتي عمل حوار معه. لكن الشاعر المظلوم من المؤسسة الثقافية الفلسطينية؛ كان مشغولا، أمام مقدمات القتال الفلسطيني، بالبحث عمن يشتري آثاث منزله(بالايجار)، الكائن في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، التي قرّر مغادرتها للاستقرار مع عائلته في مصر، وقد غادرها بالفعل!
[align=center][/align]
وعلى الرغم من أن زيارتي لبيت الشاعر المؤقت، لم تكن ملائمة لإجراء حوار؛ إلا أنّ مناخ انشغاله بالتخلص من آثات المنزل وغزة؛ كان مناسبة دعته للغضب الشديد أمامنا، من حرب الأخوة على الساحة الفلسطينية. وأما ثقافيا، فلم يطرح عليه أي سؤال بخصوص الماضي الفلسطيني، عندما انطلق يتحدث بمعلومات حساسة ولها أصداء دائمة، نظرًا لقربه أيام تونس، من الرئيس ياسر عرفات. من جملة ما ذكره الشاعر، قاصدًا عدم الإسهاب في ذلك، هو علاقة عرفات بعشيقته رشيدة مهران، التي كان يرقبها هو وأصدقائه. وغضب العشيق، في حينه، من كاريكاتور بيد الفنان الراحل ناجي العلي، بعنوان ( النكتة)، التي نشرته جريدة الأوبز يرفور اللندنية الشهيرة، وكلف الرسام حياته. حيث اغتيل على يد مجهول، فى لندن، تموز(يوليو)1987. ففي الكاريكاتور المذكور ( يسأل الأول الثاني: بتعرف رشيده مهران؟ الثاني يجيب: لا... يسأل الأول سامع فيها..؟ يجيب الثاني :لا... الأول يقول للثاني: ما بتعرف رشيده مهران ولا سامع فيها..!!! وكيف صرت عضو بالأمانه العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين؟.. لكان مين يللي داعمك بهالمنظمه يا أخو الشليته !!)
وقد دفع الغضب بعرفات إلى إجراء اتصالاته( والشاعر هنا لم يفصح عن أسماء، إذ ملأني فضول الصحفي الثائر وراء لعبة التأدب أمام الشاعر).. قال عرفات في اتصالاته الكثير مما يفهم من سؤاله الاستنكاري، باللهجة المصرية : "إيه ده اللي بيعملو ناجي". وكما ذكر الشاعر، كاتب معظم أغاني الثورة الفلسطينية والمشارك مع درويش ودحبور وغيرهما، في كتابة خطابات عرفات التي كان يلقيها، أنه في ذلك الوقت كان ومن معه يخشى على مصير ناجي العلي؛ لأنه- كما يقول: " صرنا نفهم أسلوب عرفات.. فإذا أرخى شفتيه وتدلت، من شدة الغضب، كان حينها يفكر في اتخاذ قرار حاسم، ولا أحد كان يستطيع أن ينطق بكلمة في حضوره ". ولم يمض وقت طويل حتى اغتيل ناجي العلي!
[align=center][align=center][/align][/align]
من قتل ناجي العلي ؟؟!
المعلومات التي أتت على لسان شاعر كان مقربّا من عرفات، وترد الآن بمناسبة الذكرى السنوية العشرين لاغتيال ناجي العلي، ليست جديده في مضمونها على الفلسطينيين والعرب الذين أشاروا بأصبع الاتهام المباشر والمصبوغ بأحمر اليقين، إلى ياسر عرفات ومحمود درويش. ويعتبر كتاب د. شاكر النابلسي الذي منعه عرفات في حياته، مرجعًا مهما بهذا الشأن. وكان ناجي العلي، صديق غسان كنفاني، ومبدع شخصية " حنظلة" الكاريكاتورية أيقونة روح الراحل، وبوصلته إلى فلسطين؛ ينتمي لليسار الفلسطيني متمثلاً بأبرز قواه في منظمة التحرير، وهي الجبهة الشعبية، الفصيل الثاني، بقيادة جورج حيش، في إطار بيت الثورة الفلسطينية. حيث ظل عرفات يغلق الباب علي هذا الفصيل الثاني، ويحاصره بأساليب الدكتاتور القهقير. وكان حذر الكثير من المثقفين والسياسيين الناقمين منهم والمحبين الفنان الراحل من خطورة الاستمرار في انتقاد قيادة فتح، بهذه اللغة الساخرة والقوية التي لن يتحملها ولن يسمح بها عرفات. وبات متداولا لدى الأوساط الثقافية ما جاء في مجلة الأزمنة العربية التي كان يصدرها في قبرص الشهيد غانم غباش والتي مثلت وجهة نظر المعارضة في الإمارات.. فنشرت بعد اغتيال ناجي وفي عددها 170 الصادر في آب 1987 لقاءا صحفيا كانت قد أجرته مع ناجي العلي قبل اغتياله بيومين في منزله بلندن وبحضور زوجته أم خالد.... جاء فيه أن عرفات وقف عام 1975 في مدرسة عبد الله السالم في الكويت ليخطب في الطلبة قائلا: ومن هو ناجي العلي هذا؟ قولوا له إن لم يتوقف عن رسومه لأضع أصابعه في الأسيد.. كاتب اللقاء غانم غباش نقل عن ناجي العلي قوله : هل تعرفون رشيده مهران؟ لا تظنوا إنها احدي الفدائيات.. رشيده مهران سيدة مهمة تركب الطائرة الخاصة لرئيس منظمة التحرير وتسكن قصرا في تونس وتقرب وتبعد في المنظمة وهيئاتها.. رسمت عن رشيده مهران وبعدها انهالت علي التهديدات والتهاني والتعاطف.. تصوروا أن واحدا من طرف أبو إياد أبلغني سروره من الرسم وقال أني فعلت الشيء الذي عجز عنه الكبار في المنظمة عن فعله.. لكنه أضاف أنني بهذا قد تجاوزت الخطوط الحمر وأنه خائف علي وأنه يجب أن أنتبه على حالي. فقلت له: يا أخي لو انتبهت لحالي لما بقي لديّ وقت أنتبه فيه اليكم...
ومنذ إقدام مجهول على اغتياله في لندن، بتاريخ 22 / 7 / 1987 ومفارقته الحياة في 29/ 8/ 1987، ولغاية الآن، والتأكيد القويّ لدى الأطر الثقافية والنخبوية الفلسطينية والعربية: أنّه بالإضافة إلى الرسمة الكاريكاتورية التي رسمها ناجي بخصوص عشيقة عرفات، قام العلي برسم لوحة أخرى عن محمود درويش بعنوان: " درويش خيبتنا الأخيرة"، وعلى إثرها بدا الخلاف عميقا بين ناجي العلي نصير الفقراء والهامش والمحافظ على المبادئ الوطنية، وبين شاعر السلطة والسياسة البراغماتي درويش. فعلى خلفية كاريكاتور: "درويش خيبتنا الأخيرة"، اتصل درويش بالعلي تليفونيا وهدده، وفضح العلى تفاصيل المكالمة الهاتفية في حديث مع مجلة "الأزمنة العربية"، فبعد حوار ودى قصير وصل سريعا إلى ما هو متوقع منه قال درويش (مهددا) آه.. بس إنت مش قدي يا ناجى..!
العلى(مستعبطا): شو يعنى.. مش فاهم..الشغلة صارت قدود.. قدك وقد غيرك..والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا..وانت عارف يا محمود..؟!
درويش(بعصبية): بقلك يا ناجى انت مش قدى..أفهمها..!
العلى(مدعيا عدم الفهم): والله ما انت فاهم إشى.. بطلت أفهم اشى هاليومين.. أسلاكى ضربت.. وصار عندي شورت.. شو يعنى فسر..؟!
درويش(متحديا) إنت بتعرف أنا مين.. ؟!
العلى: محمود درويش الشاعر على سن ورمح. درويش(بانفعال): وغير هيك..؟!
العلى(بلا مبالاة): ما بعرف..(مستدركا) ليش فى إيش جديد هاليومين.. لا يكون صرت قائد جيش يا محمود.. وإحنا ما معانا خبر..؟!
درويش(بتحد) : هلا مش وقت مزح.. بدى ياك تفهم يا ناجى منيح اليوم.. إنى أنا محمود درويش.. اللى قادر يخرجك من لندن في أية لحظة...!
ومنذ تاريخ اغتياله وإلى الآن، لا يزال سؤال : "من قتل ناجي العلي؟!!" حيّا ويتكرر كإدانة للقتلة، وكبحث عن تفاصيل الحقيقة، في الوقت نفسه.
ناجي العلي في سطور
ولد ناجي سليم حسين العلي، الملقب بضمير الثورة، في قرية "الشجرة" عام 1936، وهي قرية تقع بين "الناصرة" و "طبريا" في الجليل الشمالي من فلسطين. يقال إنها أعطيت هذا الاسم، لأن السيد المسيح عليه السلام، استظل فيء شجرة في أرضها. نزح الراحل سنة 1947 مع عائلته إلى جنوب لبنان، حيث استقر بهم المقام في مخيم عين الحلوة... تلقى دروسه الابتدائية في عين الحلوة، و كان يضطر لقطع الدراسة كي يعمل في بساتين الليمون و في وقت لاحق حصل على دبلوم في الميكانيك من مدرسة مهنية في طرابلس شمال لبنان.. في أواخر الخمسينات، التحق بأكاديمية الفنون فببيروت...تمت ملاحقته مرارا من قبل المخابرات اللبنانية و دخل السجن مرات عديدة، حالا دون إتمامه لدراسته، فنتقل إلى صور، حيث عمل مدرسا للرسم في الكلية الجعفرية... وفي عام 1963 سافر إلى الكويت، وعمل في مجلة الطليعة، ثم انتقل إلى جريدة السياسة حتى عام 1975، ومنها عاد إلى بيروت للعمل في جريدة السفير. و في سنة1977 عاد إلى "السياسة" الكويتية ثم ترك الكويت إلى بيروت عام 1983 ليراسل منها جريدة الوطن الكويتية، ثم رجع إلى الكويت ليعمل في القدس إلى أن تم إبعاده من الكويت، و يروى أن ذلك تم بطلب من ياسر عرفات سنة 1985، فطار إلى لندن ليعمل في مكتب القدس، وكانت النقطة الرابطة بين كل هذه الصحف التي اشتغل بها ناجي العلي أنها كانت تقرأ ابتداء من الصفحة الأخيرة حيث رسوماته، بالرغم من المعلومات الغنية التي تحفل بها الجريدة. حتى أطلقوا النار عليه عند خروجه من مقر الجريدة و ظل يصارع الموت في المستشفى إلى أن توفي متأثرا بإصابته في 29 آب 1987، تاركا وراءه أكثر من أربعين ألف رسم كاريكاتوري و ثلاثة كتب و ملايين العشاق الذين بكوه على طول خريطة العالم العربي.. وفي حوار شهير أجرته معه د. رضوى عاشور قال ناجي العلي عن الرسم الكاريكاتوري: "الرسم بالنسبة لي مهنة و وظيفة و هواية و رغم أنني أعمل رساماً منذ عشرين سنة إلا أنني لم أشعر أبداً بالرضا عن عملي. أشعر بالعجز عن توظيف هذه اللغة التعبيرية في نقل همي لأن همي كبير , و الرسم هو الذي يحقق لي توازني الداخلي , هو عزائي و لكنه أيضاً يشكل لي عذاباً. أحياناً أقول أن هذا الكاريكاتور الذي أرسمه يجعل حظي أفضل من غيري لأنه يتيح لي إمكانية تنفيس همي و أن الآخرين قد يموتون كمداً وقهراً من ذلك الهم الذي يجثم على قلوبهم و ينفث سمه اليومي فيهم أنا اعرف أن الرسم يعزيني".
المصدرُ
تعليق