إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فقه الخلاف والأدلة الشرعية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فقه الخلاف والأدلة الشرعية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ما يرد في هذه الصفحات هو عن كتاب القواعد الفقهية عند الإباضية تنظيرا وتطبيقالمؤلفه هلال بن محمد بن ناصر الراشدي أ

    ================================================
    جعل الله خلاف العلماء رحمة للأمة ، ولا يعني هذا أن كل خلاف مقبول، وأن للإنسان أن يتحلل من التعاليم والقيم الثابتة ويأخذ بالأقوال الشاذة، وإنما يقصد بالخلاف الذي يعتد به هو الذي يصدر عن عالم أمين وأن لا يصادم دليلا قطعيا، وأن تحتمله القواعد و المبادئ الشرعية.
    وليس كل خلاف جاء معتبرا // إلا خلاف له حظ من النظر
    قال الزركشي : لمراعاة الخلاف شروط أحدها: أن يكون مأخذ المخالف قويا ، فإن كان واهيا لم يراع ..
    فإن تحققت فيه هذه الشروط فإنه لا يقطع عذر من أخذ بقول من أقوال المسلمين، وإن كان مخالفا لظاهر الكتاب والسنة، إن كان متأولا أو مخطيا أخذا بقاعدة " من أخذ بقول من أقوال المسلمين لا يهلك" ، إلا أن هذه القاعدة مقيدة بشرط أن لا يكون الآخذ منتهكا غير مبال بالحلال والحرام، فهذا يقطع عذره لا لمخالفته للدليل الظني ، وإنما لانتهاكه واستهزاءه، ولو أنه أصاب الحق ، هذا في الحكم الظاهر، أما عند الله فإن خالفه عن هوى نفسه فهو هالك وإلا فلا.
    وعليه لا يصح لأحد أن يلزم الناس بالأخذ برأيه أو برأي غيره ويقطع عذر من أبى، ومن قطع عذر أحد وبرئ منه أو ضلله بدليل ظني فإنه يبرأ منه.
    حكم ما اطمأنت إليه النفس:
    ما يجب على الإنسان القيام به من فعل أو ترك قد يتعلق بحق من حقوق الله أو حق من حقوق المخلوقين، فالحقوق المتعلقة بحق الله والتي لا مطالبة فيها للمخلوقين تكون طمأنينة النفس وسكون القلب حجة في إثباتها وبراءة الذمة في تأديتها والخلاص منها، بناءا على قاعدة " ما اطمأنت إليه النفس حجة فيما بينه وبين الله".
    فإن حصلت للإنسان طمأنينة القلب وسكون النفس إلى صحة ذلك الشيء جاز الأخذ به وإن ارتاب جاز تركه، وغلبة الظن حجة في كثير من العمليات ، والأصل في ذلك حديث وابصة بن معبد الأسدي :" أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال لوابصة: جئت تسأل عن البر والإثم ، قال :قلت: نعم، قال : فجمع أصابعه فضرب بها صدره، وقال: استفت نفسك استفت قلبك يا وابصة ثلاثا، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك".
    أما فيما بينه وبين غيره من المخلوقين فلا تبرأ ذمته من الحقوق إلا بالحجة المقبولة شرعا، والتي وردت بها الأدلة الشرعية، وقد بين الفقهاء شروطها وليس هذا محل بحثها.
    ويستثنى من الأخذ بالاطمئنان وما سكنت إليه النفس، إذا خالف الاطمئنان حكم الظاهر، وفي الحدود والقصاص.

    يتبع
    لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
    ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
    تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
    إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
    ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
    يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



    عمـــــــــان.............وأنا بعد

  • #2
    جاء في الحديث عن مخالفة الدليل:

    بما أنا ذكرنا ما تقوم به الحجة على المكلف فيتبادر إلى الذهن سؤال، وهو ما حكم من خالف الدليل وعمل بخلافه؟
    لمعرفة حكم ذلك يجب أولا فهم فقه الخلاف بين المسلمين فهما صحيحا، وضبطه بقواعد تحفظ من استغلاله استغلالا سيئا، فإن اساءة فهمه بالإفراط والتفريط إما أن يؤدي إلى انتشار البدع في الدين أو الشقاق والتنافر بين المسلمين، فلا يمكن فتح باب للخلاف ليكون منفذا للابتداع في الدين، ولا يمكن من جهة أخرى تقطيع أواصر المسلمين وتفريق كلمتهم بدعوى الابتداع ومخالفة النصوص، ومع هذا كله فإن المتأمل فيما وقع بين المسلمين يلاحظ أن هذه القواعد مفقودة في الواقع العملي عند التعرض لمسائل الخلاف، فلم يسلم مذهب من المذاهب من التضليل والتفسيق لأتباعه من قبل المذاهب الأخرى، والسب والشتم لم يقتصر بين المذاهب بل تعداه ليصل بين أصحاب المذهب الواحد.
    وسبب هذا إما الجهل بقواعد فقه الخلاف أو الجهل بمراد الخصم، حيث يُنقل للعالم صورة مشوهة عن أحد وينسب إليه ما هو برئ منه ، فيتسرع ذلك العالم فيصدر حكمه بناء على ما سمع دون تثبت، فيقلده أتباعه، وقد تكون للخصومات الشخصية، أو للسلطة السياسية دور كبير في إثارة الفتن بين المسلمين، مستغلين الخلاف كوسيلة لتشويه صورة الخصم.
    ونحاول أن نقرر قواعد الخلاف المتبعة في الحكم على المخالف للدليل ، فنجد أن هذا المخالف لا يخلوا إما أنيكون جاهلا أو متأولا أو منتهكا، ولكل من هذه الحالات حكم خاص.

    الفرع الأول : الجهل
    وهو الجزم بالشيء على خلاف ما هو عليه، ويطلق ويراد به عدم العلم، والأول يسمى الجهل المركب، والثاني الجهل البسيط.
    ينقسم الجهل كذلك إلى قسمين: إما أن يكون مما يميز بالعلم، أو مما لا يميز به.

    أولا الجهل الذي يميز بالعلم.
    وهو الجهل الذي يمكن أن يتوصل المكلف إلى معرفة الحقيقة إن طلبها.
    وينبغي عند الحكم على المخالف في هذا النوع من الجهل أن نرجع إلى الدليل الذي ثبت به الحكم الشرعي، فلا يخلو إما أن يكون الحكم ثابتا بالدليل الظني ، وإما أن يكون ثابتا بالدليل القطعي الذي لا يقبل الخلاف.
    ففي الصورة الأولى : يجب عذر المكلف ، ولا يصح تعنيفه ولا تضليله، لأن الحكم بذاته غير مقطوع به.
    وفي الصورة الثانية : والتي ثبت فيها الحكم بالدليل القطعي ، فإن الفقهاء اختلفوا في ذلك، فجمهور الإباضية لا يعذرونه أخذا بقاعدة:" لا جهل ولا تجاهل في الإسلام" ،وقالوا " يسع الناس جهل ما دانوا بتحريمه ما لم يركبوه أو يتولوا راكبه أو يبرؤوا من العلماء إذا برئوا من راكبه".
    فكل ما يدان بتحريمه أي يعتبر دينا يسع الناس جهله ما لم يفعلوه ، أو يتولوا من فعله أو يتبرؤوا من العلماء الذين تبروا من فاعله.
    ونقل صاحب بيان الشرع عن عمر بين الخطاب :" ليس للناس أن يركبوا معصية حسبوها طاعة ، ولا يتركوا طاعة حسبوها معصية، وقد بلغت الدعوة ، وقامت الحجة ، وانقطع العذر".
    وفصل بعضهم الحكم وعذر الجاهل إن كان بمكان منقطع لا يوجد به أحد من أهل العلم ، ولم تبلغه الحجة، كمن يعيش في صحراء، ولم يعذروا الجاهل الذي يعيش بين أهل العلم.
    وهذا يقرب من رأي الشافعية إذا لا يقبلون دعوى الجهل ممن جهل تحريم شيء مما اشترك في علمه أغلب الناس إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك، كتحريم الزنى والقتل والسرقة والخمر والكلام في الصلاة والأكل في الصوم. قال الزركشي : " إعذار الجاهل من باب التخفيف لا من حيث جهله ، ولو عذر الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيرا من العلم، إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف ويريح قلبه من ضروب التعنيف، فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ والتمكين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل".

    ثانيا الجهل الذي لا يميز بالعلم:
    الجهل الذي لا يميز بالعلم إن وقع فيه المكلف فهو معذور ، سواء كان الجهل متعلقا بالمسائل القطعية أو الظنية، لأنه يقرب من الخطأ ولو قلنا بخلاف ذلك للزم التكليف بما لا يطاق، وهذا مما تأباه الشريعة السمحة.
    الفرع الثاني : التأويل
    وهو في الحقيقة القسم الثاني من الجهل ، والمصطلح عليه بالجهل بالمركب ، حيث يجهل الإنسان بحقيقة الشيء ويجهل أنه جاهل ، ويظن أنه على علم و صواب ، وهو بخلاف ذلك في الواقع، وهذا كذلك ينقسم إلى قسمين: إما أن يتعلق بالمسائل القطعية أو بالمسائل الظنية ، ونذكر أهم حكمين يتعلقان بهذا النوع من الجهل.

    يتبع
    لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
    ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
    تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
    إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
    ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
    يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



    عمـــــــــان.............وأنا بعد

    تعليق


    • #3
      الحكم الأول : التكفير والتضليل لمخالف الدليل
      المخالف للدليل يختلف حكمه باختلاف قوة الحجة التي تفيد القطع أو الظن.
      فالقسم الأول : وهو المتعلق بالمسائل القطعية، فالمخالف لها يفسق ويضلل ويقطع عذره، إلا أنه لا يجوز إخراجه من دائرة الإيمان وتكفيره ما دام متأولا غير راد للنص، ويحكم بفسقه وضلاله لخروجه وانحرافه عن مقتضى الحجة القطعية، والتي لم تترك مجالا لالتماس العذر له، بل تيقن أنه ما أراد إلا الضلال فحكم عليه به، وأما تكفيره كفر شرك فلا يحل ما دام متأولا ، وهو يصرح بكلمة التوحيد ومقتضاها ، والفرق بين التفسيق والتكفير كفر شرك كبير، فالتفسيق لا يخرجه من دائرة الإسلام فله جميع حقوق المسلمين، يناكح ويوارث ويدفن في مقابرهم وهو معصوم الدم إلا بموجب شرعي، ولا يحل غنم أمواله ولا سبي ذراريه ، والصلاة خلفه جائزة ، إلا أنه ترفع عنه العدالة، فلا تقبل شهادته ولا يدعى له بخير الآخرة، وأما المشرك فله نقيض تلك الأحكام.
      وهنا يجب الانتباه إلى أمرين اثنين وضبطهما حتى نتمكن من الحكم بالتفسيق أو التكفير :
      أحدهما : يجب الرجوع إلى قواعد حجية الدليل التي تفيد القطع أو الظن في المسألة ، ويجب الحذر من اطلاقات كثير من العلماء في هذه القضية، كتعبير كثير منهم أن مخالف الإجماع يقطع عذره، وأن الحديث المتواتر يوجب العلم، وينقلون الإجماع في كثير من المسائل ويحكمون على كثير من الروايات بالتواتر، مع أن هذا الإجماع المزعوم لا يسلم له كثير من العلماء ، وهذه الروايات قد يحكم بضعفها فريق آخر من المحدثين، فكيف يمكن التكفير والتفسيق اعتمادا على هذه الأدلة؟!
      قال الزركشي: " أطلق كثير من أئمتنا القول بتكفير جاحد المجمع عليه، قال النووي : وليس على إطلاقه، بل من جحد مجمعا عليه فيه نص وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام، كالصلاة والزكاة ونحوه فهو كافر ، ومن جحد مجمعا عليه لا يعرفه الخواص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب وغيره من الحوادث المجمع عليها فليس بكافر، قال: ومن جحد مجمعا عليه ظاهرا لا نص فيه ففي الحكم بتكفيره خلاف، ونقل الرافعي في باب حد الخمر عن الإمام أنه لم يستحسن إطلاق القول بتكفير مستحل الإجماع ، وقال كيف نكفر من خالف الإجماع ونحن لا نكفر من رد أصل الإجماع وإنما نبدعه ونضلله؟".

      ثانيهما : لا يصح الحكم على المسلم بالردة والكفر بمجرد تأويلنا أن قوله أو فعله أو اعتقاده يقتضي تكذيب الرسول أو رد ما جاء به القرآن ، قال الغزالي: وقد وقع التكفير لطوائف من المسلمين يكفر بعضها بعضا ، فالأشعري يكفر المعتزلي ، زاعما أنه كذب الرسول في رؤية الله تعالى وفي إثبات العلم والقدرة والصفات وفي القول بخلق القرآن ، والمعتزلي يكفر الأشعري زاعما أنه كذب الرسول في التوحيد، فإن إثبات الصفات يستلزم تعدد القدماء، قال : والسبب في هذه الورطة الجهل بموقع التصديق والتكذيب ، ووجهه ان كل من نزل قولا من أقوال الشرع على شيء من الدرجات العقلية التي لا تحقق نقصا فهو من التعبد، وإنما الكذب أن ينفي جميع هذه المعاني ، ويزعم أن ما قاله لا معنى له وإنما هو كذب محض، وذلك الكفر المحض ، ولهذا لا يكفر المبتدع المتأول ما دام ملازما لقانون التأويل لقيام البرهان عنده على استحالة الظواهر.
      وقال الغزالي: ذهب طائفة إلى تكفير عوام المسلمين لعدم معرفتهم أصول العقائد بأدلتها وهو بعيد عقلا ونقلا، وليس الإيمان عبارة عما اصطلح عليه النظار ، بل هو نور يقذفه الله في القلب، فلا يمكن التعبير عنه كما قال الله تعالي : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام"، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم أن من تكلم بلفظة التوحيد أجري عليه أحكام المسلمين ، وثبت بهذا أن مأخذ التكفير من الشرع لا عقلي ، خلافا لما ظنه بعض الناس.

      القسم الثاني : المتعلق بالمسائل الظنية، وهذا لا يحل تفسيق ولا تضليل ولا تكفير صاحبه ، وهو معذور وإن لم يوافق الصواب ، وهذا في حكم الظاهر أما فيما يتعلق بينه وبين الله فهو سالم ما لم يظهر له الحق ويتعمد مخالفته.


      يتبع
      لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
      ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
      تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
      إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
      ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
      يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



      عمـــــــــان.............وأنا بعد

      تعليق


      • #4
        تعليق:
        إن قاعدة الأخذ بالأحوط لا يمكن اعتمادها على إطلاقها، والأخذ بها في كل الحالات ، وإلا لترتب عليها من المفاسد ما لا يحمد عقباها ، ولكن مع النظر إلى هذا المبدأ يجب النظر كذلك إلى مبدأ " النهي عن مشادة الدين" أو الإفراط الذي يؤدي إلى تحريم الحلال ، فيجب الموازنة بين المبدأين لضمان الأخذ بالوسطية والاعتدال، والسلامة من الوقوع في الإفراط والتفريط، ومن قواعده " من حظر المباح كمن أباح المحظور" فما روي عنه صلوات الله وسلامه عليه من روايات تفيد الاحتياط في الدين كقوله " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" وقوله " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس" ، فهذه الروايات لا يصح أن تستغل في تحريم الحلال والطيبات بحجة أنها تلهي عن العبادة، فيتصادم مع قول الله عز وجل" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" ، وروي أنه جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم اللذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".
        كما أن على المسلم أن يحذر الشيطان أن يدخله من باب الاحتياط، فيملي عليه من الأقوال الباطلة ، والأفكار الفاسدة ،و الشبهات المنحرفة ليفسد عليه دينه، أو يدخله في ارتكاب النهي من حيث لا يشعر ، فقد روي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا ، فأشكل خرج منه شيء أو لم يخرج ، فلا يخرجن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا".

        وللوصول إلى الاعتدال والتوازن يجب تقييد قاعدة الاحتياط بالتالي:
        أ/ يؤخذ بالإحتياط في المواضع التي لم يرد فيها نص، أو ورد فيها نصان متعارضان، إذ الأخذ بما دل عليه الدليل أولى من الأخذ بالإحتياط، وهذه المسألة وقع الخلاف فيها، فقيل: الأخذ بالسنة أولى، وقيل الأخذ بالإحتياط ، قال السيوطي: شكك بعض المحققين في قولنا بأفضلية الخروج من الخلاف، فقال الأولوية والأفضلية إنما تكون حيث السنة الثابتة، وإذا اختلفت الأمة في حرمة شيء وحليته واحتاط المستبرئ لدينه وجرى على الترك حذرا من ورطات الحرمة لا يكون فعله ذلك سنة ؛ لأن القول بأن هذا الفعل يتعلق به الثواب من غير العقاب على الترك لم يقل به أحد، والأئمة كما ترى بين قائل بالإباحة وقائل بالتحريم ، فمن أين الأفضلية؟ وأجاب ابن السبكي: بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة، بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين وهو مطلوب شرعا مطلقا، فكان القول بأن الخروج من الخلاف أفضل ثابت من حيث العموم واعتماده من الورع المطلوب شرعا.
        وفقهاء الإباضية يشترطون لعمل المكلف بالاحتياط أن لا يعتقد وجوبه ، إذ لا يحل للمكلف اعتقاد ما ليس بواجب واجبا
        ب/ ليس كل خلاف يندب الخروج منه، فهنالك بعض الأقوال لا يحسب لها وزن لمخالفتها صريح الأدلة، فهذه لا يلتفت إليها ، وقيل : يندب اعتبارها.
        أما العادات والبدع التي ابتدعها عوام الناس وجهلتهم ، وتمسكوا بها ، وليس لها أصل في شرع الله ، فهذه يجب إنكارها على من جاء بها، كالبدع التي تعمل بها النساء في حالة وفاة أزواجهن ، وغيرها من البدع في العبادات.


        يتبع
        لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
        ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
        تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
        إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
        ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
        يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



        عمـــــــــان.............وأنا بعد

        تعليق


        • #5
          تعليق:
          إن قاعدة الأخذ بالأحوط لا يمكن اعتمادها على إطلاقها، والأخذ بها في كل الحالات ، وإلا لترتب عليها من المفاسد ما لا يحمد عقباها ، ولكن مع النظر إلى هذا المبدأ يجب النظر كذلك إلى مبدأ " النهي عن مشادة الدين" أو الإفراط الذي يؤدي إلى تحريم الحلال ، فيجب الموازنة بين المبدأين لضمان الأخذ بالوسطية والاعتدال، والسلامة من الوقوع في الإفراط والتفريط، ومن قواعده " من حظر المباح كمن أباح المحظور" فما روي عنه صلوات الله وسلامه عليه من روايات تفيد الاحتياط في الدين كقوله " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" وقوله " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس" ، فهذه الروايات لا يصح أن تستغل في تحريم الحلال والطيبات بحجة أنها تلهي عن العبادة، فيتصادم مع قول الله عز وجل" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" ، وروي أنه جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم اللذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".
          كما أن على المسلم أن يحذر الشيطان أن يدخله من باب الاحتياط، فيملي عليه من الأقوال الباطلة ، والأفكار الفاسدة ،و الشبهات المنحرفة ليفسد عليه دينه، أو يدخله في ارتكاب النهي من حيث لا يشعر ، فقد روي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا ، فأشكل خرج منه شيء أو لم يخرج ، فلا يخرجن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا".

          وللوصول إلى الاعتدال والتوازن يجب تقييد قاعدة الاحتياط بالتالي:
          أ/ يؤخذ بالإحتياط في المواضع التي لم يرد فيها نص، أو ورد فيها نصان متعارضان، إذ الأخذ بما دل عليه الدليل أولى من الأخذ بالإحتياط، وهذه المسألة وقع الخلاف فيها، فقيل: الأخذ بالسنة أولى، وقيل الأخذ بالإحتياط ، قال السيوطي: شكك بعض المحققين في قولنا بأفضلية الخروج من الخلاف، فقال الأولوية والأفضلية إنما تكون حيث السنة الثابتة، وإذا اختلفت الأمة في حرمة شيء وحليته واحتاط المستبرئ لدينه وجرى على الترك حذرا من ورطات الحرمة لا يكون فعله ذلك سنة ؛ لأن القول بأن هذا الفعل يتعلق به الثواب من غير العقاب على الترك لم يقل به أحد، والأئمة كما ترى بين قائل بالإباحة وقائل بالتحريم ، فمن أين الأفضلية؟ وأجاب ابن السبكي: بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة، بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين وهو مطلوب شرعا مطلقا، فكان القول بأن الخروج من الخلاف أفضل ثابت من حيث العموم واعتماده من الورع المطلوب شرعا.
          وفقهاء الإباضية يشترطون لعمل المكلف بالاحتياط أن لا يعتقد وجوبه ، إذ لا يحل للمكلف اعتقاد ما ليس بواجب واجبا
          ب/ ليس كل خلاف يندب الخروج منه، فهنالك بعض الأقوال لا يحسب لها وزن لمخالفتها صريح الأدلة، فهذه لا يلتفت إليها ، وقيل : يندب اعتبارها.
          أما العادات والبدع التي ابتدعها عوام الناس وجهلتهم ، وتمسكوا بها ، وليس لها أصل في شرع الله ، فهذه يجب إنكارها على من جاء بها، كالبدع التي تعمل بها النساء في حالة وفاة أزواجهن ، وغيرها من البدع في العبادات.


          يتبع
          لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
          ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
          تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
          إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
          ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
          يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



          عمـــــــــان.............وأنا بعد

          تعليق


          • #6
            وذكر بعض العلماء لمراعاة الخلاف شروطا :
            الأول : أن لا يوقع مراعاته في خلاف آخر ، ومن ثم كان فصل الوتر أفضل من وصله، ولم يراع خلاف أبي حنيفة ، لأن من العلماء من لا يجيز الوصل.
            الثاني: أن لا يخالف سنة ثابتة، ومن ثم جاز التوضؤ بماء البحر ، لقوله صلى الله عليه وسلم" هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، ولا يلتفت إلى خلاف من منع ذلك، وتوجد علة أخرى تمنع مراعاة الخلاف في هذا المثال وهي أن مراعاته تدخل في خلاف آخر ، حيث إنه من أجاز الوضوء بماء البحر منع من التيمم عند وجوده.
            وهكذا إن عارض الإجماع ، فلا يلتفت إلى إنكار ابن تيمية مشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بعد موته.

            الثالث: أن يقوى مدركه بحيث لا يعد هفوة أو ضعيف المأخذ، ومن ثم كان الصوم في السفر أفضل لمن قوي عليه ، ولا يعتد بقول داؤود إنه لا يصح ، فلا يقام لخلاف أهل الظاهر وزن، وقيل يراعى الخلاف وإن ضعف المأخذ، إذا كان فيه احتياط وهو ظاهر القفال ، ومن هذا ما قاله المتولي في استحباب التحجيل في التيمم ، لأن عند الزهري مسح جميع اليد واجب ليخرج بذلك من الخلاف، هذا مع ثبوت الأحاديث الصحيحة بالإقتار على الكفين.
            د/ الأخذ بالاحتياط فيما لا يتعلق به حق غيره
            يجب على الحاكم أو المفتي أن يتحرى الأعدل والأصح من الأقوال إذا تعلق الأمر بحق المتخاصمين ، ولا يؤخذ بقاعدة الأحوط ، لتضرر الطرف الآخر بذهاب حقه.

            يتبع
            لكم اللحظة والدنيا لنا // ولنا الفردوس طابت سكنا
            ولنا في كل صبر نشوة // ولكم في كل بؤس حزنا
            تطلب الحب فلا تبصره // وطلبناه فجائتنا المنى
            إنما الإنسان شئ باهر // إن تحدى باليقين الوهنا
            ولنا كالطير في أسرابه// أغنيات تتمنى الوطنا
            يا رفيق الدرب لا يشغلني // غير أن تمتد فينا زمنا



            عمـــــــــان.............وأنا بعد

            تعليق

            يعمل...
            X