أخبر رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – علياً بانه يفوز بالشهادة في سبيل الله ؛ ففي يوم احد تأسف الإمام أمير المؤمنين على حرمانه الشهادة في ذلك اليوم ؛ فقال له النبي الأكرم : انه من ورائك . كان الأمام علي – عليه السلام – قد بلغ ثلاثا وستين سنه من عمره ؛ و في الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان سنة كان إفطاره عند إبنته أم كلثوم ؛ فقدمت له فطوره في طبق فيه قرصان من خبز الشعير ؛ وقصعة فيها لبن حامض ؛ فأمر الامام إبنته أن ترفع اللبن ؛ وأكل قرصاً واحداً ؛ ثم حمد الله وأثنى عليه وقام الى الصلاة ولم يزل راكعاً وساجداً ؛ ثم رقد هنيئة وانتبه مرعوباً وجعل يمسح وجهه بثوبه ؛ وهو يقول : اللهم بارك لنا في لقائك ويكثر من قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ؛ ثم خرج الى صحن الدار يُقلب طرفه في السماء وينظر الى الكواكب وهو يقول : والله ما كذبت ولا كُذبت . تقول أم كلثوم فلما رأيته في تلك الليلة قلقاً متململاً قلت : ياأبتاه مالي أراك الليلة لا تذوق طعم الرقاد ؟ قال : يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة ؛ و كرر : إنا لله وانا اليه راجعون . ثم رجع الى صلاته ودعائه ؛ وعندما قرب وقت الأذان قام أبي من مصلاه ولبس ثيابه وهو يقول : اللهم بارك لنا في الموت ؛ اللهم بارك لنا في لقائك . فقلت : واغوثاه ياأبتاه أراك تنعى نفسك منذ الليلة ؛ قال : يابنية ما هو بنعاء ولكنها دلالات وعلامات للموت يتبع بعضها بعضاً ؛ ثم فتح الباب وخرج ؛ وسار الإمام الى المسجد ؛ فصلى النوافل ؛ ثم صعد المأذنة ووضع سبابته في أذنيه وتنحنح ؛ ثم أذن ؛ فلم يبقى في الكوفة بيت إلا اخترقه صوته ؛ ثم نزل عن المأذنة وهو يسبح الله ويقدسه ويكبره ؛ ويكثر من الصلاة على النبي – صلى الله عليه واله وسلم – وكان يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم : الصلاة ؛ يرحمك الله ؛ قم الى الصلاة المكتوبة ؛ يرحمك الله ويتلو ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) . ولم يزل الإمام يفعل ذلك حتى وصل الى عبد الرحمن بن ملجم وهو نائم على وجهه وقد أخفى سيفه تحت إزاره فقال له الإمام : يا هذا قم من نومك هذا فانها نومة يمقتها الله ؛ وهي نومة الشيطان ونومة أهل النار ؛ بل نم على يمينك فانها نومة العلماء ؛ أو على يسارك فانها نومة الحكماء ؛ أو نم على ظهرك فانها نومة الأنبياء . ثم اتجه الامام الى المحراب ؛ وقام قائماً يصلي وكان – عليه السلام – يطيل الركوع والسجود ؛ فقام المجرم ابن ملجم لإنجاز جريمته ؛ وأقبل مسرعاً يمشي حتى وقف بإزاء الاسطوانة التي كان الامام يصلي عليها ؛ فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها ؛ فتقدم الشقي وأخذ السيف ورفعه ثم هزه وضربه بكل قوته على رأسه الشريف فشقه نصفين ؛ فوقع الامام على وجهه قائلاً : بسم الله وعلى ملة رسول الله فزت ورب الكعبه ؛ نبع الدم كالميزاب من رأس الامام وسال على وجهه المنير ؛ وخضب لحيته الكريمة ؛ لم يفقد الامام وعيه وما انهارت أعصابه بالرغم من وصول الضربة الى جبهته وحاجبيه ؛ فجعل يشد الضربة بمئزه ويضع عليها التراب ؛ والدم يسيل على صدره وأزيامه وهو يقول : فزت ورب الكعبه ؛ هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله .
اللهم برحمتك في الصالحين فأدخلنا ؛ وليلة القدر وحج بيتك الحرام وقتلاً في سبيلك فوفق لنا ؛ ومن كل سوء يا لا اله الا أنت بحق لا اله الا أنت فنجنا .
اللهم برحمتك في الصالحين فأدخلنا ؛ وليلة القدر وحج بيتك الحرام وقتلاً في سبيلك فوفق لنا ؛ ومن كل سوء يا لا اله الا أنت بحق لا اله الا أنت فنجنا .
تعليق