أتى إعصار شاهين إلينا مثقلا محملا بالأسفار والهموم التي كبها على رؤوسنا لنتحمل نحن نتائجها بكل زخمها وصعوبة نتائجها الوخيمة التي نكافحها بكل ما أوتينا من قوة وجلد وصبر وعزم لا يستسلم ولا يتنازل عن حقه في إصلاح ما أفسده شاهين مهما كان الثمن غاليا فنحن نواجهه الآن بكل بطولة وإستبسال وبكل همة عالية لا تلين ولا تستكين ولا غرابة في ذلك إن الانتصار على شاهين ليس سهلا ولكن سننتصر وها هي العافية فينا تستعيد أنفاسها رويدا رويدا وشيئا فشيئا والحمد لله مدبر الأمر على كل حال !.
ورب صدفة خير من ألف ميعاد لربما أتى شاهين الإعصار بقضه وقضيضه ليعيد إلينا معاني اللحمة العمانية الوطنية ذات النسيج الإجتماعي الواحد فالشعب واحد والأرض واحدة والمصير واحد والهدف واحد والإحساس واحد والمشاعر واحدة نعم متحدين في كل شيء ولهذا فنحن في هذه الأيام نسجل لأنفسنا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية من أجل عمان !.
فمحافظة الباطنة بشقيها الشمالي والجنوبي في هذه الأيام تمسح عن وجه ثغرها العماني الباسم غبار وأتربة شاهين التي حاول بها طمس الحياة العمانية في ولايات المصنعة والسويق والخابورة وصحم ولكن الهبة العمانية الأبية الكبرى حالت بينما يريد شاهين ويشتهي وبين شهامتها وأصالتها اللتان صممتا على رفض البؤس والعوز والفقر والحرمان وقالت لمخلفات شاهين كلا !.
ومن هذا المنطلق فإن أبناء عمان الكرام الأوفيا قد هبوا هبة رجل واحد ولا يزالون يتوافدون على جنوب وشمال الباطنة نصرة لأهليهم وإخوتهم هناك ونجدة لهم في قوافل رهيبة مهيبة محملة بالإحتياجات الحياتية المعيشية اليومية بالإضافة إلى الحالة التطوعية لإعادة الحياة بشكلها الإعتيادي إلى نصابها في تلك الولايات الأربع فمن ظفار في أقصى الجنوب إلى مسندم في أقصى الشمال جموع العمانيين تجتمع في محافظة شمال وجنوب الباطنة لضرب أنبل وأجمل الأمثلة في الإصطفاف الشعبي الواحد في وجه الإعصار.
إن حالة اللحمة الوطنية واشتداد الأزر بالأزر بين الشقيق العماني وشقيقه العماني قد أرسى دعائمها المغفورة له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- فالحالة الأبوية التي كنا نشعر بها في عهده ولله الحمد والمنة هي التي رسخت فينا وبشكل شامخ هذا المفهوم العالي وها نحن نجني ثماره اليوم وقوفا صفا واحدا متراصا في وجه مخلفات الخراب الذي أحدثه إعصار شاهين لايتزعزع ولن يتزعزع بإذن الله -جل وعلى- ! مع إيماننا الكامل بقدر الله تعالى..(( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ )) صدق الله العظيم حفظ الله عمان والسلطان هيثم بن طارق المفدى وشعبه الأبي من كل سوء ومكروه – إنه سميع مجيب الدعاء
الكاتب الأستاذ / فاضل بن سالمين الهدابي