غادرنا الأستاذ العلامة، الحجة والمحقق الثبت، الدكتور محمد أحمد الدالي، مفخرة أهل الشام وعلمائها، الذي بذل حياته لطلابه وتلاميذه، من تلقّى عنه وقد رغب في العلم اختصر له الراحل علم نصف قرن، فإن جدَّ ودرس وحصَّل أمهات المصادر كان أهلاً لأن يكونَ من تلامذة الأستاذ الإمام. وأول ما تتعلَّمه منه رحمه الله أخلاقُ العلماء، ويدلُّك على مفاتيح العلوم. وأنَّى لك بمثله، ولا يُذكَر أكثر من تعرف و من لا تعرف معه.
الراحل، محقق لغوي تراثي، وعضو مجمع اللغة العربية، حقق عشرات الكتب في التراث واللغة ولغة القرآن كما حقق كتب منها، الباقولي، الأصبهاني، وشرحها وأهمها جامع العلوم وسفر السعادة للسخاوي، وشرح اللمع لابن جني، وجواهر القرآن والخصائل والكامل للمبرد.
لقد مضى الراحل فيما سلف من أعمال على جادة لاحبة وطريقة قويمة هي امتداد لمنهج الأكابر من المحققين؛ أبي عبد الله النفّاخ، وأبي فهر محمود محمّد شاكر، وعبد العزيز الميمني الراجكوتي، ولو سبرت صنيعه وحواشيه فهو ينسج على منوال من التثبّت التام في كل ما يخطُّ قلمه، حتى إنه عارض كل كتاب من مصنفات جامع العلوم التي أخرجها حرفاً حرفاً بغيرها من مؤلَّفاته، وبمواردها من كتب أبي علي وابن جني ومن قبلهم إمام النحاة سيبويه، وغيرهم من أئمة الصنعة وجلة شيوخ العربية.
الراحل من مدينة مصياف في ريف حماة – سوريا، غادرنا عن عمر 70 عاماً، نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه، (إنا لله وإنا إليه راجعون).
د. عبدالعزيز بن بدر القطان