تخرج النحلة التي أتخيلها (سوار العسل او نحول) من خليتها لتسعى في رزقها اليومي وتجمع رحيق الأزهار وأثناء ذلك تصادف الفراشة التي تنال نصيبها من القول بأنها لا فائدة منها فترد على النحلة ببساطة : أنا أمتص الرحيق مثلك!
ما فتىء يردد بعض الزملاء مدربو التنمية البشرية وعلم التخطيط بإن الكثير من الأناسي ليس لديهم أهداف في حياتهم – وتلك خدعة تسويقية لطيفة – فالحقيقة أن الكل لديه أهداف ولكن يختلف أثرها في ذواتهم والآخرين فالنحلة والفراشة تمتصان الرحيق ولكن الفرق يكمن في الأثر الذي تتركه النحلة بصنعها للعسل بعكس الفراشة التي نصف عملها بأنه جيد أيضا . الأثر بحد ذاته أمر يصعب اعطاءه قيمة عادلة من الجميع ذلك أن الأثر قد لا يشعر به إلا صاحبه – وذلك نجاح بلا شك – وقد يشعر به الآخرون وقد يكون مزجا (متجانسا أو غير متجانس) ومن مزايا النحلة أن تحركاتها بين الأزهار مركزة فهي لا تتحرك كثيرا هنا وهناك بل تركز على زهرة معينة بنمط الهدف المحدد بعكس الفراشة التي تشابه حركتها حركة (الزنبرك الهزاز) الذي يتأرجح مترددا ونؤكد أيضا أن ذلك التأرجح عمل جيد ولكن العبرة تبقى بالأثر المركز في مجال معين وتذكر دائما أنك لن تصلح جميع مشكلات العالم ولو عشت ألف سنة.
أتذكر دائما تعليقا لأحد المعارف حيث يقول : إن التخطيط الشخصي بالشكل المنهجي هو أقرب لممارسة حياة الدراسة والبحوث والتقارير . في الحقيقة ذلك قيد داخلي من النفس الأمارة بالسوء ولأجل خاطر أصدقاءنا متعصبي فريقي (ريال مدريد وبرشلونة) فإن التخطيط أشبه بمباراة في كرة القدم قد تفوز فيها وقد تخسر أيضا لكنك تحقق بعض المكاسب بلا شك وذلك هو متعة التخطيط الذي لا يقيد بنموذج معين وعليك أن تصنع نموذجك وخطتك الخاصة – المكتوبة طبعا – وأن تبدأ في تنفيذها وما من مناسبة أقرب للبدء في ذلك من اطلالة العام الميلادي الجديد بعد أيام من أجل أن تضع نفسك في عالم جديد تستشعر فيه الإنجازات ولا تنس استمتاعك فيها.
أستحضر أمامي مشهدا للفنان الخالد عبدالحسين عبدالرضا في مسرحيته (على هامان يا فرعون) عندما ذكر بأن لكل واحد منا في هذه الحياة أمر يؤمن به ويقوم به ويتبع شغفه فيه وذلك من درر النجاح الجميلة. من الجيد أن تتذكر دائما بأنك لست فاشلا إن لم تكن لديك خطة ممنهجة وفق تحليل (سوات) أو نموذج (هيرمان) ولكنك بحاجة إلى أن تضع أهدافك التي تتناسب مع شخصيتك ومهاراتك وقدراتك لتصل نحو الأثر الذي تريده في هذه الحياة.
(في الحركة بركة) دائما ما نستحضر تلك المقولة ونحن نسترجع ذكريات النصح والإرشاد عندما كنا صغارا ولكننا للأسف نركز على الحركة ونتغافل قليلا عن البركة وعليه فإن متعة ما نقوم به يجب أن يسبقه تحديد الهدف وأن يتبعه التنفيذ واستشعار لفرحة الإنجاز التي لا تقدر بثمن وبذلك يتحقق معنى أن يكون الإنسان خليفة الله في الأرض ليعمرها وليكون مثل النحلة مؤثرا وليس كالفراشة متأرجحا.
محمد سيفان الشحي
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠ م