هو تلك البوصلة التي اودعها الله في قلوبنا ، هذه البوصلة التي لا تخطىء والتي اسمها الفطرة ، وهي غير قابلة للتبديل والتشويه ، لأنها محور الوجود ومحور الحياة ، وعليها تقوم كل المعارف والعلوم .
لقد احتارالفلاسفة والفقهاء وارباب العشق وارباب الفكر والأدب ، في تعريف هذه الكلمة ، وكل منهم كانت له فلسفته الخاصة في تعريفه .
ولكن الامر الذي لا يختلف فيه اثنين ، هو ان الحب حاجة فطرية في كل انسان وفي كل مخلوق فيه روح وبحاجة اليه .
النبتة في الصحراء مثلا ، لا تستطيع ان تحيا دون تكيف ، الذي هو نوع من انواع الراحة لها ، تأنس بها ويكتمل نموها بوجودها .
كذلك الطفل في بطن أمه ، فهو يحتاج الى الحب ، فاذا كانت الام هادئه ، ينعكس هذا الهدوء على الطفل في بطنها ويسكن اليها ويرتاح ، واذا كانت الام مضطربة ، ينعكس هذا على نفسية الجنين فيحدث اضطرابات عند الجنين وبالتالي يؤذي الام .
عندما تضع الام يدها على بطنها ، تتحول هذه اللمسات الى طاقة ايجابية وتتفاعل مع الجنين في بطنها ، فيشعر بالسعادة والاطمئنان .
اختلف الكثير على ان الحب حلال ام حرام ، هذا السؤال الذي يطرح نفسه دائما في كل مكان وزمان .
كيف يكون الحب حرام ومن مقوماته كل الصفات الجميلة .
فهو يشمل الوفاء والصدق والاخلاص والتضحية .
هو ارتياح الفطرة الى فطرة اخرى تأنس بها وتكتمل بوجودها .
حين ندرك ما هو الحب ، نكون مستعدين الى نعطي وكلما اعطينا كلما امتلكناه اكثر ، فهو هبة رب العالمين الينا .
عندما نتقبل بعضنا البعض ونمتلك القدرة على التسامح والغفران ، نستطيع عندها ان نساند بعضنا به دون كلل او ملل .
ابن القيم الجوزية ، كان من افضل علماء دمشق ، وله مؤلف في هذا المجال وكتاب اسمه ( روضة المحبين ونزهة المشتاقين ) ، استغرقت كتابته سنتين ، وهذا اثر سؤال له عن نظرية الحب وهل هو حلال ام حرام .
الحب هو حاجة وكل انسان يفلسف هذه الحاجة بحسب بيئته وثقافته وتصوراته .
كيف يكون الحب حرام ، فلا يعقل الا ان يكون حلال .
لان الحب هو سر الوجود وهو سر البقاء والاستمرارية في الحياة ، اذ بدونه نصبح كالروابي الذابلات .
الكل يعلم قصة قيس وليلى والعشق الذي كان بينهما .
فقد قيل ان قيس لم يكن مغرم فقط بليلى وعاشق لها ، بل كان مهووس بها الى درجة المرض .
حالته المرضية اجبرت ابيه ان يصطحبه معه الى بيت الله الحرام ، لعله ينسى ليلى ويعود الى عقله ، وما ان وصلوا هناك ومسكوا باستار الكعبة ، قال له ابوه ان يردد ورائه ، اللهم انسني حب ليلى ، فرد بقوله اللهم زدني حب ليلى ، وعندما انتهوا من الطواف قال قيس : اصلي ، اذا ما ذكرتها ، اثنتين صليت الضحى ام ثمانية ؟
هذه حالة جذب غير محمودة وحالة مرضية ، لان قيس لغى بها ذاته ، وهذا محظور من ناحية وجدانية وعقلية .
في خلاصة القول ، علينا ان نسيطر على عواطفنا فالزيادة في الشيء والمبالغة فيه أشد من نقصانه ، وكلما تمسكنا في الشيء ملنا الى فقدانه بشكل اسرع .
عبدالعزيز بن بدر القطان