الدار البيضاء، في 5 أبريل/ العمانية/ صدر حديثا عن مؤسسة “بتانة” الثقافية كتاب
قصصي للكاتب المغربي أنيس الرافعي، يحمل عنوان “صانع الاختفاءات”.
يضم الكتاب الذي يقع في 120 صفحة ثماني قصص مطولة يفصل بينها “وقت
مستقطع”، هي: رجل العلبة، رجل الأكياس، رجل البانتوميم، رجل الأعداد، رجل
الأوركسترا، رجل الفنار، سيدة المكواة، ورجل العصافير.
ففي أحشاء مدينة “كازابلانكا” المستقبليّة، التي أضحت فجائعيّة بلا روح، وبين حنايا
وإحداثيات ساحة وهميّة هي جناس تصحيفيّ لساحة “السراغنة” الحقيقيّة، وفي الآن نفسه
تمثيل هندسيّ لـ”مكعّب روبيك” بأبعاده الميكانيكيّة وسحره التصميميّ واحتمالاته
الرياضيّة كافة، يعمد شخص – ليس معلوماً على وجه اليقين؛ إن كان ساردا مخاتلا، أو
رجلا مختلّا، أو مؤلفا مخفقا – لمخطوطة غامضة وغير مكتملة تحمل عنوان “مخلوقات
المفكّرة”، إلى تأسيس “وكالة وطنيّة للمساعدة على الاختفاء الطوعيّ”.
وفي الأحداث، يطفق البطل، بوصفه ماحي هويّات متلاشيّة، وبائع أرواح متهالكة،
ومبتكر تنكّرات متسلسل، وأستاذا للتبدّد الفائق، ونحّاتا للأفول، من خلال شركته
الغرائبيّة، في إعادة تدوير متلاشيات المصائر المعطوبة والحيوات السيّئة، و”تهريب”
أجساد مَن وقع عليهم الاختيار ومَن تردّت أرواحهم في الدرك الأسفل من كثافة الحضور،
نحو الضفة الأخرى للتواري .
بيد أنّ الأحداث في الكتاب الذي زينته رسومات ساخرة أنجزها الفنان العراقي برهان
المفتي، ستسلك مسارا آخر غير متوقّع، حينما أقدم مدير الوكالة إلى اتّخاذ مساعد له في
مهمّته يكنّى ﺑ”سانشو”، إذ سيشهر المساعد في وجهه راية العصيان، ويسعى بالسبل شتى
لتقويض مشروعه المحتشد بأحلام اليقظة، واضطرابات الهذيان، وقوائم المعَدّين للانطفاء
في السديم .
في هذا الكتاب الذي صمم غلافه عبد الرحمن الصواف، يندفع المتلقي إلى القراءة ببطء
وفق “إيقاع جديد” بحسب تعبير رولان بارت، أمام كناية رمزيّة مضمّخة بالكوميديا
السوداء، ومتوالية سرديّة جهنميّة تعدّ نموذجاً لـ”الميتا-فيكشن”، مزوّدة بنصين مرشدين،
أحدهما قبليّ والآخر بعديّ، تستضمر بتقنية فنّية “نظريّةَ الألعاب”، وتقدّم لنا محرقة
جماليّة آسرة لصهر الأجناس والأنواع، وشرارة معرفية لنسف الجسور المصطنعة بين
السجّلات والفنون والمرجعيات.
/العمانية /174