هكذا الدنيا تسير .. وهكذا الأعمار تنقضي .. وهكذا قافلة الرحيل الأبدي تمشي ، خطوات في طابور الحياة ، تخطو بنا إلى النهايات الحتمية .. متى ما وصلنا إلى نقطة النهاية رحلنا .. أنه الحق الذي لا مفر منه .. وها هي بلدة الرديدة تفقد أطيب رجالاتها . الشاطيء ومجلس البلدة واللعبة الشعبية المفضلة لديك ( الحواليس ) سيفتقدونك يا العم ( ناصر ) وأنا سأفتقد كلمتك عندما تناديني بلقب عائلتي ( ولد بن دولة ) والإبتسامة لا تفارق محياك .
العم ناصر منذ سنوات وأهالي الرديدة صغارها وكبارها .. رجالها ونسائها تسمع ذلك الصوت الشجي الذي تطرب له الآذان ، صوت يصدح في سماء الرديدة وما حولها بكلمة التوحيد (أشهد ألاّ إله إلا الله .. أشهد أن محمدًا رسول الله) ومعلنًا بدخول وقت الصلاة (حي على الصلاة.. حي على الفلاح ) أن هلموا ياعباد الله إلى التي هي راحة لكم وسكينة لكم من تعب الدنيا وشقاءها .
العم ناصر كم كانوا أبناء الرديدة يسمعون هذا الصوت الشجي .. كانوا في رمضان لا يفطرون إلا على سماع هذا الصوت ، لأنهم يعرفون دقته في مواعيد الأذان ، وها هو اليوم ذلك الصوت انقطع بعد أن نقش صداه في أذان كثير ممن سكنوا هذه البلدة .. لنفقد صاحب الصوت الذي كان أبًا للجميع وقدوةً لهم ، إذ هو من أوائل من يدخلون للمسجد وآخرهم خروجًا منه ، فهو والله توفيق من الله لك . . فهنيئاً لك في عباده الصالحين ، نحسبه كذلك والله حسيبه ، ولا نزكي على الله أحدًا .
فقد رحل المؤذن العم ناصر المحاربي وغادر الحياة وانتقل إلى جوار ربه لينقطع ذلك الصوت الذي كان يبهج من يسمعه ويشجيهم سماعه ويدعوهم للصلاة خلف إمام مسجده .. رحلت يا ” أبا سعيد ” ولم يرحل صدى صوتك من أسماع الذين يجاورون مسجد ” الفلاح ” أبشر بخير كثير تجده أمامك إن شاء الله ، فالرسول الكريم بشر المؤذنين من سمع صوتهم في الدنيا بأنهم يُعرفون بين الناس لطول أعناقهم .. شهادة من الشفيع النذير ” محمد ” صلَ الله عليه وسلم ، فما أعظمها من شهادة .. رحمك الله وغفرلك وأدخلك الجنة يا ” أبا سعيد “
خليفة البلوشي