ففى إطار الفكر الدينى التسليمى يؤمن كل طرف دينى بأنه هو الشعب المختار أو أنه هو الضامن للسماء أو هو خير أمة أخرجت للناس، وهذا طبيعى فى إطار الإيمان الدينى للمتدين بأى دين. ولكن فى المقابل، والذى يهم كل هؤلاء، ليس الحصول على الجنة والسماء ولكن الأهم هو حرمان الآخر من هذه الجنة، ناسين رحمة الله على كل عباده الذين خلقهم.. ومن نتائج ذلك العقل التسليمى نجد الصراعات الدموية، وليست الفكرية، بين أبناء الدين الواحد التى مورست عبر التاريخ بأساليب يندى لها الجبين، وكله، وللأسف، باسم الدين، والدين من كل هذا برىء. ذلك الصراع الذى لا يزال وسيظل بين الطوائف وفى الدين الواحد، والكل وبعقل تسليمى متخلف يتصور أنه يمتلك الحقيقة المطلقة دون سواه، مبررًا هذا فى عقله الباطن بهذا التسليم وذلك التسليمى، وهذا ينسحب على كل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. فأصبحت العادات والتقاليد المصرية الأصيلة والمميزة للهوية المصرية الجامعة هى تقاليد وثنية، واستبدلت بتقاليد وهابية لا علاقة لها بالدين ولكنها التقاليد الاجتماعية النابعة من واقع مكانها وزمانها مثل تلك التقاليد المصرية.
وكان من الطبيعى، ونتيجة لسيطرة هذا العقل التسليمى، أن يفقد الحوار جدواه ويتحول إلى صراع صفرى ينفى الآخر، هنا عندما يغيب الحوار فيغيب أى فكر آخر يوضح الصورة وينير الطريق فنكون نحن الخاسرين جميعًا.. هنا، وفى ظل الحوار الوطنى، وعلى ضوء ما نعيشه من واقع اجتماعى سقطت فيه القيم وتلاشت الأخلاق وانتشرت السلوكيات التى لا علاقة لها بأى قيمة دينية، مطلوب فورًا أن يقوم الجميع، مؤسسات دينية وتعليمية وإعلامية ومجتمعية والأهم الأسرة، بتربية وتنشئة ذلك العقل الناقد، وليس ذلك العقل التسليمى، حتى نستطيع أن نضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح.. حمى الله مصر وشعبها العظيم.