“لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”، هكذا أثنى الرسول الكريم على أهل عمان، ولا غرابة ان يشهد لهم بذلك لفضلهم ولما رآه منهم من حسن خلق وفضيلة، عمان الحبيبة، هي تلك الأم التي تحتضن أبناءها الأوفياء، هي السماء والأرض، السهل والجبل، الصحراء والوادي والبحر، والعماني هو ذلك الابن البار الذي سخر نفسه لعمان، فكل قطرة عرق سالت تروي لنا قصصا وفي كل شاهد لنا مع المجتمع العماني وقفة إخلاص وتفان، ذلك المجتمع الذي أقل ما يقال عنه روح وجسد واحد. فالمجتمع هو مجموعة من الأفراد الذين تربطهم علاقات مشتركة فيما بينهم، ولكن المجتمع العماني هو ذلك المجتمع الذي تربطه الوحدة الإنسانية أولا، وتحفه الأصالة والتمسك بالقيم والعادات والتقاليد، ويحذوه التراث العماني فيعكس ذلك على الشخصية العمانية عراقة الماضي وحداثة الحاضر. ومنذ قديم العصور عرف المجتمع العماني برحلاته التاريخية مع الحضارات القديمة للتبادل التجاري والثقافي واكتساب المعرفة، فانتشرت سمعة المجتمع العماني في أوساط هذه الحضارات لاسيما البابلية والسومرية والفرعونية فانعكس ذلك على الشخصية العمانية التي استفادت من هذه الحضارات دون التخلي عن سمات المجتمع العماني.
أسهمت الكتاتيب في الماضي في غرس العلم والقيم والثقافة في المجتمع العماني، ولم تتوقف عند ذلك الحد فالأسرة العمانية لها دور كبير في تأصيل الشخصية العمانية المتزنة، وأما اللبنة الأساسية فهي القرآن الكريم والذي يتضح جليا في تصرفات المجتمع العماني، الذي يشد أزر بعضه البعض، ففي الأزمات تظهر معادن الرجال، وهذا ما نراه في المجتمع العماني في النوائب والمحن. هناك العديد من المظاهر التي أثبتت أن المجتمع العماني هو يد واحدة مثل الصدقة والزكاة، فعندما يخرج الإنسان الصدقة في سبيل إعانة أخيه المسلم يؤدي ذلك إلى سد حاجته، والمجتمع العماني حريص على ذلك من خلال الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة المختلفة التي تسهم بشكل كبير في مد يد العون للأسر المحتاجة، وكما يعد إكرام الضيف من مظاهر الألفة في المجتمع العماني، لما يظهره من كرم وعطاء دون اسراف وبذخ، ويعد التعليم من مظاهر التعاون والتكاتف المجتمعي في سلطنة عمان وذلك من خلال الندوات والمحاضرات التي تقام في المساجد والمدارس والمجالس البلدية وذلك من أجل إثراء المعرفة لأبناء وبنات هذا الوطن الذين يحملون على عاتقهم أمانة عظيمة وهي النهوض بهذا الوطن المعطاء ومواصلة التنمية والتطوير.
ومن أبرز ملامح التكاتف والتعاون المجتمعي لأبناء عمان هي الأنواء المناخية التي تعرضت لها السلطنة (إعصار شاهين) فقد دأب الشعب الوفي من كل بقاع عمان ملبين النداء لمساعدة اخوانهم المتضررين جراء الحالة المدارية، فتضافرت الجموع، فرأينا الكهل قبل الشاب والتمسنا الخير من الأيادي البيضاء ومن الجهات الحكومية والعسكرية التي لبت النداء على أكمل وجه دون كلل أو ملل، فعكس ذلك جليا اللحمة الوطنية لأبناء المجتمع العماني الذي وقف كالبنيان المرصوص في وجه الخسائر والخراب الذي خلفته الحالة المدارية، والبسمة هي شعار تلك المرحلة.
عمر المعني