في كل مجتمع، هناك وجه مشرق يتباهى به الجميع التقدم، التعاون، والإنجازات. لكن، كما للنور ظل، هناك جانب مظلم يختبئ خلف الستار، يتغذى على الصمت والإهمال. هذا الجانب ليس مجرد عيوب عابرة، بل هو انعكاس لتحديات عميقة تؤثر على نسيج المجتمع.
و يتجلى بوضوح في اللامساواة الاجتماعية. فجوات الثروة، التعليم، والفرص تتسع يوما بعد يوم. في عالم يمتلك فيه البعض كل شيء، يعيش آخرون على هامش الحياة، محرومين من أبسط الحقوق. هذه الفجوة ليست مجرد أرقام، بل قصص إنسانية عن أحلام مكسورة وآمال مدفونة.
من مظاهر هذا الجانب، الصمت الذي يغلف الظلم. سواء كان ذلك تجاه التمييز العرقي، أو الطبقي، فإن التغاضي يعزز من قوة هذه الآفات. المجتمعات التي تتجنب مواجهة مشاكلها تزرع بذور انهيارها الداخلي، لأن الظلم المكبوت لا يختفي، بل يتراكم حتى ينفجر.
في عصر الثورة الرقمية، أصبحت التكنولوجيا سلاحا ذا حدين. بينما فتحت آفاقا للتواصل والتعليم، خلقت أيضا عزلة اجتماعية وإدمانا رقميا. وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان ينظر إليها كجسر للتقارب، تحولت في كثير من الأحيان إلى منصات للتنمر، نشر الكراهية، وتضخيم الانقسامات.
مواجهته ليست مستحيلة، لكنها تتطلب شجاعة وإرادة. أولاً، يجب تعزيز التعليم كأداة للتمكين، لأن العقول المستنيرة هي التي تبني مجتمعات عادلة. ثانيًا، الحوار المفتوح حول القضايا المحظورة، مثل التمييز والفقر، يمكن أن يكسر حاجز الصمت. أخيرا، استخدام التكنولوجيا بحكمة، بما يخدم الإنسانية ويقلل من آثارها السلبية، هو خطوة حاسمة.
الجانب المظلم ليس قدرا محتوما، بل هو تحدى ينتظر منا أن نتصدى له. إن الاعتراف بوجوده هو الخطوة الأولى نحو تغييره. بقليل من الوعي والكثير من العمل الجماعي، يمكننا أن نجعل الضوء يعم، ليس فقط على واجهة المجتمع، بل في أعماقه أيضا.
د. لولوة البورشيد