الدعاء عبادة، وهو تعبير عملي عن يقظة الضمير، والشعور بالحاجة إلى تأييد الله وعونه، قال تبارك وتعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية)، وورد الدعاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، الدعاء عبادة لله وحده لا يجوز أبداً صرفها إلي سواه. والدعاء هو الحلقة الأخيرة التي تصل سلسلة من الأسباب بغاية الخير.
الأدعية والأذكار، كثيرة جداً، ومتنوعة، ويمكن تقسيم المؤلفات في هذا الموضوع إلى قسمين: أصول، وفروع، الأصول: هي التي يُخرِّج أصحابها الأحاديث بسندهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأما مؤلفات الفروع: هي التي يجمع أصحابها مؤلفاتهم من كتب السابقين مع حذف الأسانيد، أو بعضها، أو اختصار لتلك الكتب، أو ينتقون منها، ويجمعون.
(ادعوني استجب لكم)، الغاية من دعاء العبد هي الاستجابة من الله تبارك وتعالى، بالتالي، الدعاء لغةً: دعوت فلاناً أي صحت به واستدعيته، ونلاحظ الثراء اللغوي لكلمة (دعاء) في القرآن الكريم لجهة أن الدعاء هو التضرع والتذلل لله تعالى وهو ما اسماه ابن قيم الجوزية بدعاء المسألة، أي الدعاء الصادر من العبد إلى ربه للمسألة يراد به أمران لا ثالث لهما، إما طلب منفعة وخير، أو كشف ضرر ودفعه.
وأما الذكر فهو عبادة واجبة على كل مسلم خاصة أن لا مشقة فيها ولا عناء، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
إنّ الكثير ـ وربما أغلب ـ الأدعية الواردة في مصادر الحديث والأدعية يوجد جدل حول سندها إن كانت مثلاً ضعيفةٌ من حيث السند وعلى مستوى علم الرجال والتوثيق التاريخي، من حيث المصادر الخاصة بها، وبصورة عامة، كل دعاء يحوي أيّ مشكلة متنيّة أو في مضمونه، فيمكن الدعاء به والتعامل معه حتى لو لم ينسب إلى أحد، ما دام مضمونه سليماً، لكن لا يمكن اعتباره مصدراً في الاجتهاد الفقهي.
بالتالي، إن الدعاء والتضرع إلى الله من أحب الأعمال إلى الله تبارك وتعالى، مع مراعاة أن يكون الدعاء في إطار خروج الكلمات الشرعية المحببة المتداولة في الأحاديث أو مأخوذة من القرآن الكريم، مثلاً من الأدعية القريبة إلى قلبي أن حفظت من سورة سيدنا إبراهيم عليه السلام الآيات التالية وهي في سياقها دعاء متكامل الصورة، قال تعالى: (اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)، دعاء شامل لم يُنسَ منه أحد، كل المؤمنين مشمولين بالدعاء، إلى جانب بر الوالدين، فهل هناك أجمل من ذلك! لكن هناك أدعية وأذكار غير مسندة وموثقة منها ما يُنسب لآل البيت عليهم السلام وهي كثيرة جداً، وكما أشرت طالما أنها ضمن الضوابط الشرعية لا بأس فيها، لكن شريطة ألا تُنسب لأحد ما لم يتم التيقن من سندها الصحيح وهذا هو الذي قد يكون موضع خلاف في كثير من الأحيان بين مذهبٍ وآخر وفرقةٍ وأخرى.
لكن الأفضل والأكمل والأمثل هو الحرص على حفظ صيغ الدعاء من القرآن الكريم والسنة النبوية، قال القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن”: (فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله تعالى وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، ولا يقول أختار كذا؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون”، ولا شك أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، وهي صلة العبد مع ربه دون حجاب، يناجي عبرها الخالق ويتضرع له بنية خالصة لله وحده فهي عدا عن أنها تبعث السكينة والراحة في قلب كل مسلم، كذلك هي عبادة.
أيضاً، في السنة الشريفة هناك أدعية وأذكار تٌقال في مواقف وأعمال في حياتنا اليومية في العبادات، وهذه يجب على كل مسلم أن يحفظها اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: (ربِّ نجني من القوم الظالمين)، لذلك كان دعاء غير الله عز وجل من الشرك الأكبر، حيث صرف صاحبه العبادة لغير الله، كتقديس الأشخاص دون الله تعالى على سبيل المثال، خير الأدعية الأدعية المأثورة الواردة في الكتاب والسنة والصحيحة، لا سيما أدعية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كدعاء يونس عليه الصلاة والسلام، وهو قوله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، أيضاً لا شك أن في الأدعية الشرعية، من السنة النبوية، ما يغني عن الأدعية البدعية، المشتملة على السجع والتكلف خالية السند يجب التوقف عنها، إذا كانت تبعد المتضرع عن الله عز وجل.
هذا موضوع ليس من السهل الخوض فيه على الرغم من أنه بشكله العام سهل جداً، لكن من الممكن القول عنه، إنه (السهل الممتنع)، فالأدعية والأذكار كثيرة لكن شخصياً أفضل منها المسندة ومعروفة المصدر، مع الإشارة إلى أني مع كل كلام كان قريباً إلى سبحانه وتعالى، سليم الصياغة والعبارة وبالطبع يخلو من الشرك وأن يكون مصروفاً لله عز وجل، حتى لو لم يُنسب إلى قائله، فالأدعية المأثورة كثيرة جداً ومروية وخاضعة لقواعد علم الحديث هي الأدق قطعاً، وقد تكون ذات أسانيد منقطعة ومعلولة بأكثر من علة فإذا توافرت هذه الشروط بالطبع كل الأدعية والأذكار مقبولة والعلم عند الله سبحانه وتعالى.
د. عبد العزيز بدر القطان.