في إحدى صباحاتي وأنا غارقًا بالتفكير في تسارع الأيام والسنين طاف على مخيلتي أسم كاتبة مبدعة ومتميزة وقلم كان يخط أجمل العبارات وأروع الخواطر .. لقد طافت تلك الرائعة بخواطرها التي تلامس الروح والوجدان ربوع عمان في الثمانينات والتسعينات ومطلع الألفية الثانية عبر الصحف المحلية وبعض المجلات .. كانت خواطرها عبارات نثر توصف إحساس عاطفي عميق وتقوم بسرده بطريقة شيقة وممتعة .. كانت خواطرها تحتوي على العديد من المعاني العميقة والتشبيهات الرائعة التي تجعل القارئ يشعر بأن معه شخص يبادله بنفس الشعور والاحساس ويجعله يستمر بالقراءة حتى أخر كلمة بالخاطرة .. لذلك كنت أتابع كتاباتها بشغف كبير لتميزها في الطرح السلس والاسلوب الممتع .. عاشت مع أمواج البحر وحاكتها بألم وقسوة الأيام والحظ العاثر ، وكان لها للدلافين وطائر النورس عزف سيمفونيات وحكايات الأحلام الوردية التي تراها قد تأخر تحقيقها .. كانت تجول بمشاعرها وأحاسيسها وبخواطرها بين البساتين والأشجار اليانعة وصوت الماء الهادئ وزقزقة العصافير لعلها تصل لمرادها ومبتغاها ، ومع القمر وكوكب الزهزة لها حكايات وسلالم موسيقية أخرى تضرب على الوتر الحساس .. لقد تعلمت منها الكثير والكثير مع بداياتي الفعلية للكتابة بعام ٩٥ ، كنت أراجع معها كل حرف وكلمة وكل جملة وسطر أكتبه .. كنت أتحمل نقدها البناء ، وأتقبل توجيهها بصدر رحب ، فاعتبرتها أستاذتي الأولى في مسيرة الكتابة .. مرت الأيام فوصلنا خبر زواجها ورحيلها إلى ولاية أخرى مع شريك الحياة الزوجية والمستقبل العائلي فدعونا لها بالسعادة الدائمة ، ومنذُ ذلك الوقت اختفت واختفى أثر قلمها الذي سطر أروع كلمات الحب والحنان والاخلاص والاحترام والوفاء ..قلم راقي في حقيقة الأمر ترك بصمة مؤثرة في قلب كل من عرفها وتابع إبداعها وتألقها في كتابة الخاطرة والقصة القصيرة .. لا أريد أن أذكر اسمها للخصوصية ، لكنها ترعرعت وعاشت في بيت الكرم بمنطقة خور الهند بولاية الخابورة ، هذه الولاية التي تزخر بالمواهب والموهوبين في كافة المجالات والتي بأمانة لا نعلم سر اختفائها بعد فترة وجيزة من التألق ، هل هي الظروف الحياتية والأسرية ، أم عدم المتابعة والإهتمام من قبل أصحاب الشأن بصقل المواهب بالولاية وتوصيلهم إلى مراتب متقدمة والتشجيع بالاستمرار في ممارسة الهواية ؟
ومن هذا المنبر أوجهه رسالة إلى الصحفيين والمراسلين الرسميين بالخابورة التواصل والسؤال عن هذه الكاتبة المبدعة والمتألقة ويوثق معها لقاء أو حوار أو تحقيق صحفي تكريمًا لما قدمته من إبداعات في مسيرتها الكتابية .. وأنني متأكد بأن ذلك الحوار سيحمل معلومات مهمة ووجبة دسمة وشيقة للقارئ .
خليفة البلوشي