غربت شمس الثامن عشر من شهر نوفمبر المجيد، تمترسنا في المنازل لعلك آت ، تسبق خطاك أبواق العساكر ، عدنا إلى الواقع المر، لست موجودا بيننا ، نادتك السماء فكنت لها ملبيا، وتركت وصية كانت حقا على المتقين، هيثم هو السلطان فكونوا له معاهدين، ولا تكونوا من بعدي آثمين، وأطيعوه في السراء والضراء، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
هكذا أوصيت وهكذا تلقي آخر دروسك ، تعلمنا منك رصانة القول وعمق الكلمة التي تصب في معناها تماما ، ولعل لك فيها مآرب أخرى، أرتبطنا فيك روحا وجسدا، وأحببناك إنسانا بسيطا متواضعا، أنيقا ، لطيفا، حميما وحازما.
في مساء هذا اليوم عبرت ملامحك النضيرة أمام أعيننا، فهتفنا ليتك لا تزال ، ترتاد المنصات وعيناك لها أثر كومض شرارة البرق، لكنك هناك إلى السماء مسافر نحو الجنان، لم يعد بإمكاننا سماع صوتك يهدر في بحار الليل، يهدر كالرعود ، غريبة مولاي أصبحت المنازل … لفتها ستائر الصمت.
اللهم أكرم مثواه بقولك (( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))
بدر بن عبدالله الهادي