“تمهيد ضروري جدا“
إن المختصين بشأن التحليل الاستراتيجي ينظرون للأحداث والتطورات في المنطقة والعالم نظرة مختلفة عن الآخرين .أي نظرة علمية وتشريحية .وهذا ما نفعله بين فترة واخرى لنُبسّط الصورة الى القراء والمتابعين. والتحليل الاستراتيجي علم دقيق وشائك وتتدخل فيه “السياسة،والجغرافية السياسية ،والرياضات والحسابات ،والاستخبار ،والتخطيط العسكري ، والدبلوماسية … الخ ” ولن يفلح فيه أحد إن لم يكن ملم بادوات التحليل الاستراتيجي. وبشرط ان يكون محايد ومهني بتقديم التحليل العلمي دون عواطف ودون مجاملات لطرف على حساب الطرف الآخر !.
أهم أسباب تغيير السياسات الايرانية أخيرا :
- بلا شك ان ايران تعيش أفضل مراحلها مابعد الحصار المركب والقاسي الذي فرضته الولايات المتحدة بدعم اسرائيلي وخليجي ضد ايران .والذي تسبب بانهيار الاقتصاد الايراني وتعطيل بيع النفط الايراني بنسبة كبيرة جدا ناهيك عن الحصار النفسي والمعنوي والسياسي .فلقد بدأت ايران بسياسة مغايرة عن السياسة القديمة وعنوانها ” الانفتاح والتهدئة “بهدف كسر الحصار الأميركي وتصحير المخططات الاميركية والاسرائيلية لتوجيه ضربات او حرب ضد ايران . ولقد نجحت بذلك بمديات كبيرة !.
- ولو جئتم للحقيقة فأن أول سبب جعل ايران تُغيّر من سياساتها القديمة وتنتهج سياسات منفتحة وجديدة هو اللاعب البريطاني الذي دخل على خط المواجهة ضد ايران .وعلى خط المنافسة في العراق والخليج لاقتلاع ايران منهما. فإيران وعلى مدى تاريخها لا تخيفها الولايات المتحدة ولا حتى اسرائيل بل تخيفها بريطانيا فقط .وهذا معروف تاريخيا بالنسبة لايران . فبريطانيا لديها قناعة كاملة أن العراق ودول الخليج واليمن تركة بريطانية ولا يجوز لايران وتركيا الهيمنة عليها. وان القاعدة التي سترفع بريطانيا وتعيدها لاعباً دولياً مهماً هي موقع وثروات العراق ودول الخليج و” البصرة “. وهذا يعني إنهاء ماحققته ايران من نفوذ في الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن . وهذا بالنسبة لإيران انتحار .لا بل بمثابة قنبلة نووية ضدها وضد مصالحها في المنطقة !.
- ناهيك ان ايران استلمت الرساله البريطانية بوضوح عندما تفجرت الاوضاع داخل ايران ووصلت لتحريك الشارع بانتفاضات شعبية ،وزيادة عمل وتيرة الجواسيس وصولا للاغتيالات واختراق مؤسسات عصب وأمن النظام داخل ايران .ومحاولة فتح حرب في خاصرة ايران من جهة افغانستان .ناهيك عن تحريك أخطر ملف يخافه النظام الايراني وهو ( تفكيك القوميات الايرانية الكبرى ) وهذا يعني تفكيك النظام .وعندما حاولت ايران الصمود والتكابر حركوا مخطط استهدافها من خاصرتها الاخطر اي من جهة اذربيجان . فتحتم على ايران لجم التيار المحافظ وتعليق السياسات القديمة وابدالها بسياسات جديدة عنوانها ( الانفتاح والتهدئة ) وصولا للتخلي عن بعض الحلفاء في العراق وتخفيف يدها في اليمن … الخ . وهذا ما جعلها تهرول للعراق بزمن حكومة الكاظمي لتفتح حوارات سرية مع السعودية وجس نبض مصر والاردن. وتوجت بمفاوضات ايرانية سعودية في الصين التي رعت توقيع عودة العلاقات بين البلدين . واستمرت بالانفتاح على دول الخليج ومصر والاردن . وكانت ضربة موجعة لواشنطن وتل أبيب . ولكن بريطانيا راضية مادامت الخطوات في خط عقلنة ايران وتحقيق مصالح بريطانيا !.
- وان سرعة انجاز مد خطط السكك الحديدية من ايران نحو البصرة هي رسالة ايرانية لبريطانيا بأن ايران شريك اقتصادي في المستقبل القادم وليس عدوا وكذلك لن تنافس بريطانيا في العراق ودول الخليج بل تطرح نفسها شريك اقتصادي . اي انها تريد اقناع بريطانيا باتها لا تريد الاستمرار في الهيمنة على الاوضاع السياسية في العراق مثلما كانت خلال ال 20 سنة الماضية وعندما شاركت الولايات المتحدة في ادارة العراق اي ” مشاركة تخادمية” على حساب العراق وشيعة العراق وهما الطرفان اللذان تعرضا لأبشع الاضرار ومعهما الشعب العراقي!.
- بريطانيا باتت تمسك المقود في العراق .وصولا لهندسة التغيير السياسي في العراق كونها لا تريد التعامل مع”شلّة الفاسدين ” اطلاقا .وعلى ايران عدم الدفاع عن اي منهم. ولهذا مطلوب من ايران رفع يدها عن حلفاءها وبدأت توافق .والقضية مسألة وقت ليس إلا .لكي تضمن رضا بريطانيا بأن تبقى ايران ولكن شريك اقتصادي لا يتدخل في المشهد السياسي.وان ( خط الغاز القطري ) الذي مزمع مروره بالعراق الى تركيا والذي هرولت ايران من اجله نحو قطر لتكون شريكاً فيه.فلن يمر هذا الخط الا بموافقة بريطانية وهذا يعني على ايران تقديم تنازلات اخرى لبريطانيا في العراق واسوة بتركيا. …..ومن هناك ذهبت بريطانيا فهندست ملف ( البصرة ) مع الصين ليكون خط الحرير الجديد الذي سيمر في العراق ويصعد الى دول اسيا الوسطى عبر ايران بإشراف بريطاني .ولأجله تدخلت اخيرا بريطانيا ففرضت حكومة جديدة وراسخة لأول مرة في الكويت .وكله ضمن هندسة مشهد العراق ودول الخليج بريطانياً . والشيء بالشيء يُذكر فبريطانيا لن تسمح لاسرائيل بالهيمنة والتدخل في العراق وفي مناطق نفوذها مثلما كانت تفعل بوحود وهيمنة الولايات المتحدة !
“ملاحظة” : طبعا الطبقة السياسية في العراق مثل الأطرش بالزفة أمام كل ماورد .فهي مهتمه بالنهب والسلب وعبادة السلطة.ولا تدري بما يدور. فقط الاكراد يتابعون ما يحدث !.
د. سمير عبيد
٢٩ حزيران ٢٠٢٣
“تمهيد ضروري جدا“
إن المختصين بشأن التحليل الاستراتيجي ينظرون للأحداث والتطورات في المنطقة والعالم نظرة مختلفة عن الآخرين .أي نظرة علمية وتشريحية .وهذا ما نفعله بين فترة واخرى لنُبسّط الصورة الى القراء والمتابعين. والتحليل الاستراتيجي علم دقيق وشائك وتتدخل فيه “السياسة،والجغرافية السياسية ،والرياضات والحسابات ،والاستخبار ،والتخطيط العسكري ، والدبلوماسية … الخ ” ولن يفلح فيه أحد إن لم يكن ملم بادوات التحليل الاستراتيجي. وبشرط ان يكون محايد ومهني بتقديم التحليل العلمي دون عواطف ودون مجاملات لطرف على حساب الطرف الآخر !.
أهم أسباب تغيير السياسات الايرانية أخيرا :
- بلا شك ان ايران تعيش أفضل مراحلها مابعد الحصار المركب والقاسي الذي فرضته الولايات المتحدة بدعم اسرائيلي وخليجي ضد ايران .والذي تسبب بانهيار الاقتصاد الايراني وتعطيل بيع النفط الايراني بنسبة كبيرة جدا ناهيك عن الحصار النفسي والمعنوي والسياسي .فلقد بدأت ايران بسياسة مغايرة عن السياسة القديمة وعنوانها ” الانفتاح والتهدئة “بهدف كسر الحصار الأميركي وتصحير المخططات الاميركية والاسرائيلية لتوجيه ضربات او حرب ضد ايران . ولقد نجحت بذلك بمديات كبيرة !.
- ولو جئتم للحقيقة فأن أول سبب جعل ايران تُغيّر من سياساتها القديمة وتنتهج سياسات منفتحة وجديدة هو اللاعب البريطاني الذي دخل على خط المواجهة ضد ايران .وعلى خط المنافسة في العراق والخليج لاقتلاع ايران منهما. فإيران وعلى مدى تاريخها لا تخيفها الولايات المتحدة ولا حتى اسرائيل بل تخيفها بريطانيا فقط .وهذا معروف تاريخيا بالنسبة لايران . فبريطانيا لديها قناعة كاملة أن العراق ودول الخليج واليمن تركة بريطانية ولا يجوز لايران وتركيا الهيمنة عليها. وان القاعدة التي سترفع بريطانيا وتعيدها لاعباً دولياً مهماً هي موقع وثروات العراق ودول الخليج و” البصرة “. وهذا يعني إنهاء ماحققته ايران من نفوذ في الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن . وهذا بالنسبة لإيران انتحار .لا بل بمثابة قنبلة نووية ضدها وضد مصالحها في المنطقة !.
- ناهيك ان ايران استلمت الرساله البريطانية بوضوح عندما تفجرت الاوضاع داخل ايران ووصلت لتحريك الشارع بانتفاضات شعبية ،وزيادة عمل وتيرة الجواسيس وصولا للاغتيالات واختراق مؤسسات عصب وأمن النظام داخل ايران .ومحاولة فتح حرب في خاصرة ايران من جهة افغانستان .ناهيك عن تحريك أخطر ملف يخافه النظام الايراني وهو ( تفكيك القوميات الايرانية الكبرى ) وهذا يعني تفكيك النظام .وعندما حاولت ايران الصمود والتكابر حركوا مخطط استهدافها من خاصرتها الاخطر اي من جهة اذربيجان . فتحتم على ايران لجم التيار المحافظ وتعليق السياسات القديمة وابدالها بسياسات جديدة عنوانها ( الانفتاح والتهدئة ) وصولا للتخلي عن بعض الحلفاء في العراق وتخفيف يدها في اليمن … الخ . وهذا ما جعلها تهرول للعراق بزمن حكومة الكاظمي لتفتح حوارات سرية مع السعودية وجس نبض مصر والاردن. وتوجت بمفاوضات ايرانية سعودية في الصين التي رعت توقيع عودة العلاقات بين البلدين . واستمرت بالانفتاح على دول الخليج ومصر والاردن . وكانت ضربة موجعة لواشنطن وتل أبيب . ولكن بريطانيا راضية مادامت الخطوات في خط عقلنة ايران وتحقيق مصالح بريطانيا !.
- وان سرعة انجاز مد خطط السكك الحديدية من ايران نحو البصرة هي رسالة ايرانية لبريطانيا بأن ايران شريك اقتصادي في المستقبل القادم وليس عدوا وكذلك لن تنافس بريطانيا في العراق ودول الخليج بل تطرح نفسها شريك اقتصادي . اي انها تريد اقناع بريطانيا باتها لا تريد الاستمرار في الهيمنة على الاوضاع السياسية في العراق مثلما كانت خلال ال 20 سنة الماضية وعندما شاركت الولايات المتحدة في ادارة العراق اي ” مشاركة تخادمية” على حساب العراق وشيعة العراق وهما الطرفان اللذان تعرضا لأبشع الاضرار ومعهما الشعب العراقي!.
- بريطانيا باتت تمسك المقود في العراق .وصولا لهندسة التغيير السياسي في العراق كونها لا تريد التعامل مع”شلّة الفاسدين ” اطلاقا .وعلى ايران عدم الدفاع عن اي منهم. ولهذا مطلوب من ايران رفع يدها عن حلفاءها وبدأت توافق .والقضية مسألة وقت ليس إلا .لكي تضمن رضا بريطانيا بأن تبقى ايران ولكن شريك اقتصادي لا يتدخل في المشهد السياسي.وان ( خط الغاز القطري ) الذي مزمع مروره بالعراق الى تركيا والذي هرولت ايران من اجله نحو قطر لتكون شريكاً فيه.فلن يمر هذا الخط الا بموافقة بريطانية وهذا يعني على ايران تقديم تنازلات اخرى لبريطانيا في العراق واسوة بتركيا. …..ومن هناك ذهبت بريطانيا فهندست ملف ( البصرة ) مع الصين ليكون خط الحرير الجديد الذي سيمر في العراق ويصعد الى دول اسيا الوسطى عبر ايران بإشراف بريطاني .ولأجله تدخلت اخيرا بريطانيا ففرضت حكومة جديدة وراسخة لأول مرة في الكويت .وكله ضمن هندسة مشهد العراق ودول الخليج بريطانياً . والشيء بالشيء يُذكر فبريطانيا لن تسمح لاسرائيل بالهيمنة والتدخل في العراق وفي مناطق نفوذها مثلما كانت تفعل بوحود وهيمنة الولايات المتحدة !
“ملاحظة” : طبعا الطبقة السياسية في العراق مثل الأطرش بالزفة أمام كل ماورد .فهي مهتمه بالنهب والسلب وعبادة السلطة.ولا تدري بما يدور. فقط الاكراد يتابعون ما يحدث !.
د. سمير عبيد
٢٩ حزيران ٢٠٢٣