تصوروا….!
الولايات المتحدة تقف في مجلس الأمن الدوليّ منفردة مجدّدًا اذ استخدمت الثلاثاء 2024-2-20″الفيتو”ضد مشروع القرار الجزائري الذي يدعو الىوقف اطلاق النار في غزة، وصوت 13 من الدول الأعضاء بالمجلس لصالح النص الذي صاغته الجزائر، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت، وهذه هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كما انها المرة الرابعة والخمسون في تاريخ القيتوات الامريكية لصالح “اسرائيل”، ليظهر هذا القرار من جديد ان “إسرائيل دولة مستثناة من القانون الدّوليّ” وإنها “فوق القانون الدولي والمحاسبة”.
ولهذا الفيتو الامريكي دلالات وتداعيات خطيرة رغم انه ليس الاول ولن يكون الاخير، ونثبت بداية ان هذا ال”فيتو”الامريكي الذي استخدم في مجلس الامن ضد مشروع القرار الجزائري الذي يدعو لوقف اطلاق النار، انما هو: “فيتو” ينحاز انحيازا سافرا لصالح “اسرائيل” الارهابية التي تقترف المجازر على مدار الساعة ضد نساء واطفال فلسطين، ويرتقي الى مستوى الارهاب الديبلوماسي- السياسي الدولي وكأن الولايات المتحدة تلعب هنا دور الشرطي العالمي، وهو “فيتو” يشرع من جهة اخرى نهج الإبادة الجماعية والتدمير الشامل والسطو الصهيوني المسلح على الارض والوطن والحقوق الفلسطينية، كما انه عمليا “فيتو” ضد الشهداء من الاطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين الابرياء الذين تسقطتهم صواريخ و قذائف الاحتلال على مدار الساعة …بل انه ابعد من ذلك يمكن اعتباره “فيتو”ضد الاسرة الدولية يستبيحها ويستخف بمبادئها ومواثيقها وووظيفتها …فيما يشكل هذا ال”فيتو”بلطجة واستباحة صريحة ايضا لكل الحرمات العربية وانتهاكا لكافة المواثيق والاخلاقيات الاممية.
فعلى نقيض الاجماع الشعبي الاممي ومعظم دول العالم ضد الاحتلال وانتهاكاته وجرائمه، وعلى نقيض المواثيق والقرارات والاخلاقيات الاممية، تتنطح الولايات المتحدة مرة اخرى لتحبط كافة المساعي لإصدار قرار عاجل يدعو لوقف اطلاق النار ولحماية الشعب الفلسطيني، اذ وقفت المندوبة الامريكية رافعة حق”النقض-الفيتو- البلطجة الديبلوماسية ” في وجه اجماع مجلس الامن على مشروع القرار الجزائري.
وباستخدامها لهذا الفيتو الذي يرتقي الى مستوى الارهاب الديبلوماسي تكون الادارة الامريكية قد “قطعت قول كل خطيب”، اذ تخلع تلك الادارة مرة اخرى القناع المزيف الذي لبسته منذ سنوات طويلة والذي جرى ويجري ترويجه على امة العرب والعالم، وبذلك تكون الادارة قد ازالت الغشاوة –لمن يريد ذلك-عن عيون اولئك الذين راهنوا وما زالوا يراهنون على الدور والنزاهة والمصداقية الامريكية .
لقد بات واضحا اليوم اكثر من اي وقت مضى، وبصورة مذهلة كيف يتحول الاستخدام الدولي على يد الولايات المتحدة لحق ال”فيتو” ليصبح استخداما عدوانيا مدمرا ظالما، بدل ان يكون ايجابيا بناءا عادلا كما سوغ له منذ تمتعت به الدول الخمس العظمى دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي.
فبتنا نحن العرب على امتداد مساحة الوطن العربي نتابع هذا التنكيل الامريكي السافر بالامة العربية بغية اذلالها وتجريدها من الحق المدجج بكل قرارات ومواثيق الشرعية الدولية (التي تحولت بدورها الى شرعية غطرسة القوة) وهو حق المقاومة والدفاع عن النفس..؟!!
نعم… لم يبق للفيتو الامريكي في هذه المرحلة من مسوغات سوى اشهاره حماية للدولة الصهيونية، وبغية احباط اي مشروع قرار عربي او دولي يتعلق بتلك الدولة.
وفق كافة المعايير والمواثيق الدولية والبشرية فان “دولة اسرائيل” تعتبر دولة احتلال قامت باحتلال الاراضي العربية بالقوة، وتعتبر الدولة الوحيدة في العالم الخارجة على القوانين الدولية وهي الدولة الوحيدة ايضا التي تنتهك كافة المواثيق الدولية وتقترف جرائم حرب بشعة صارخة على مرأى من العالم كله، وفي ظل دعم وغطاء امريكي مفتوح، وبالتالي فان العدالة الدولية المزعومة يجب ان تطال تلك الدولة وتردعها عن اقتراف المزيد من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.
منطقيا يفترض ان يستفيق وينهض العرب في مواجهة هذا الهجوم الامريكي / الصهيوني الكاسح الذي يستهدف حسب المخطط المشترك بين الادارتين الامريكية والاسرائيلية القضية الفلسطينية والامة العربية ومقومات وجودها ونهضتها وقوتها واستقلالها .
ومنطقيا ايضا يفترض ان يضاف هذا ال”فيتو” الامريكي الاخير الى تراكمات ال”فيتوات” السابقة-التي تجاوزت الخمسين- ليمزق ما تبقى من القناع الامريكي البشع الذي يتستر وراء شعارات كبيرة مع وقف التنفيذ مثل “العدالة والحرية والتحرير والديموقراطية”… وغير ذلك.
انها بالعنوان الكبير بلطجة ال”فيتو” الامريكي لحماية “اسرائيل” المجرمة التي لم تتوقف عن منهجية ومسيرة الارهاب وسياسات التطهير العرقي منذ اكثر من خمسة وسبعين عاما…!.
نواف الزرو