الجرح المظلوم...
وهكذا الزمان الجارح الظالم يسلو وينسى والمجروح المظلوم يبقى على جرحه يحس بألمه ويراه ينزف حتى يعيش الحياة السرمدية في لحده....
كنــــــــــــ القانون ـــــــــف
في الحياة الناس ألوان وأجناس البعض منهم تشعر بالسعادة لوجودهم في حياتك لأنهم سندك وعونك ، وتعتبرهم معنى للحياة وتشعر بالفراغ إذ تفارقهم ويؤلمك غيابهم و جفائهم وبكل طموحاتك تسعى لتحقيق ما يسعدهم لترسم البسمة على شفاههم والبعض الآخر أناس تتذوق مرارتهم في حالتين قد تكون أمام عينيك وتموت قهرا أو قد تكون لا تعلم بزمام الأمور التي تحدث من خلفك حتى تدرك طعنتهم في ظهرك وتشعر بألمها فتتمنى أنك لم ترهم في حقب دهرك قط وتشعر بأن الحياة تزداد حلاوة في بعدهم لكن ليس كل جرح له شفاء فمثلما البشر يختلفون عن بعضهم البعض كذلك أيضا الجروح تختلف من جرح إلى آخر منها خدش ومنها العميق وبكل التوكيد أن جرحي جرحا لم أستطع معرفة عمقه وحدوده إلى يومنا هذا وسيظل جرحا عميقا لا شفاء له حتى تتنزه الروح وتصاحب مصير كل حي .....
عشت في حقيقة تبدو لي كأنها خيال... ولم أرها في نظري إلا سيف متثلم يغرس في نفسي، وكم تمنيت بأنني لم أعش في هذه الحقيقة أبدا لكنني كل صباح أصحو على هذا الألم وأخرج هذا السيف من جسدي المظلوم من أوله إلى آخره ومن كثر تثلمه أخاف بأن ينتزع شيئا من جسدي ، وكم أحلم بأن أكون فارسا لا يؤلمه السيف على فرس أسود يخفف عني بعض السواد الموجود في جوفي، وكم أحلم بشمس تشع وتضيء مكانا مظلما معتما لا يدخل إليه شيء من كثر سدله، وتصهر الجليد المتجمد الموجع ببرودته وأقول حينها يا زمان أبحر واترك الأيام وتوقف عن السير فإن سيرك سير السيف عند غرسه في أجساد نفوس لا ذنب لها....
في يوم سعيد طلبت من أمي وأبي أن يجدوا لي امرأة أكمل بها ديني بخطبة للزواج فظل البحث فترة لم تكن طويلة فوجدوا لي فتاة حسناء ذهبنا لخطبتها طالبا يدها للزواج فرأيتها ووجدت لي الرغبة في الزواج منها وبعد مدة على نهج طلب أهلها لتتخذ القرار أفرحني والدها بأن الرغبة من كلا الطرفين داعيا الله أن يجمعني بابنته على ألف خير وكدت حينها أن أطير كالعصافير المغردة من الفرح والسرور ومن هنا تبدأ القصة .............
من الوضع الطبيعي أن يصبح تداخلا بين عائلتي وعائلتها وتبادلا في الزيارات ومشاركة في الأفراح والأتراح وغيرها ،وكل يوم يبدي المحبة الموثقة بيننا تجاهلا للإشاعات والبدع التي كانت تنقل عني لهم من أهلي انتقاما منهم لعدم رغبتي في الزواج من بناتهم وذلك لأن الحقيقة أمامهم واضحة وظاهرة وحبل الكذب دائما وصفه قصير،ومضت الأيام وكنا مع بعضنا البعض زهورا متفتحة ومتألقة بقطرات الندى المتساقطة على أوراقها
لكن الحال لم يستمر على ما كان عليه لأن خطيبتي أخبرتني أخبار ترفقها ببكاء وذلك أنها لا تستطيع سماع صوت والدتي و صوتي وتحس بالاختناق وتتقيأ دما وترى الكوابيس في أحلامها برؤيتها لي أقتل وأموت أمام عينيها وإن طلبت منهم عدم قتلي تراني أقول لها :إن أردت منهم عدم قتلي ابتعدي عني ولا أرغب في الزواج منك فأخبرت أهلي بالموضوع وقرر والدي معالجتها بآيات قرآنية بعد سماح من أهلها فشعرت أن والدي يقف بجانبي ويعمل المستحيل لمعالجة خطيبتي الغالية لأجلي وأمي كانت تحبها كثيرا وتأثرت بما قد حل بخطيبتي و أصبحت تبكي حزنا وخوفا من فقدانها....
وذات يوم أثناء رجوعي من العمل ليلا إلى لمنزل اتصلت أختي لتطمئن علي؟ فأخبرتها بأنني بالقرب من المنزل فبعد ذلك دخلت إلى المنزل وارتمت أختي في أحضاني لتحضنني من الخوف فذهبنا معا لألقي السلام على والدي الكرام فرأيت أمي تهدئ أبي الذي كان يبكي ويرتجف من الخوف فحكى لي أنه قد رأى شخصا أسودا مخيفا هدده بقتلي إن تزوجت هذه الفتاة وقال :يا بني الأفضل لنا أن نخسرها وأن لا نخسرك فأنت بالنسبة لي كل شيء والنبض الذي أعيش به وأسأل الله أن يعوضك بدلا منها بفتاة سليمة وأنت لا تستحق الذي سيحصل بعدها فقلت له:لا أستطيع يا أبي بل سأظل بجانبها للأبد وسنعيش معا ولن يحدث لنا شيء قط إلا ما قد كتبه الله لنا وسأصبر على جميع المحن والظروف فلا تخف يا أبي لأن الله معي ولن أموت إلى أن يصل الأجل وختمت الحديث وتركته ليأخذ قسطا من الراحة وبت ليلة مؤسفة...
وفي اليوم التالي ذهبت لزيارتها حاملا في يدي الهدايا مثل كل مرة أقوم فيها بزيارتها لأني أحبها كثيرا بأمل زوج لزوجته وساندتها وهدأت ورعتها حتى أدركت أنها اقتنعت بالذي قلته لها وبعد ذلك ناقشتها مع أهلها باستعدادات حفل عقد القران لقرب الموعد الذي قد تم تحديده سابقا وتم كل شيء على وجه الخير والتمام لكن بعد أسبوعين وصلني خبر صديقا للترح والحزن والكدر وهو أنني قد رفضت من قبل خطيبتي وأهلها وقال لي أبي: ليس لك فيها نصيب فلا تأسف عليها ورجعت إلي كل الهدايا وكل شيء من أهلها فسألت أخ خطيبتي: لماذا كل هذا؟؟؟ وماذا حدث؟؟؟ . فقال بخجل: سأخبرك بالحقيقة كلها وأقدم لك اعتذاري الشديد مع فائق احترامي لك. فقلت له: باشر الموضوع بدون مراوغة فقال: السبب هو والدك... فقلت : والدي !!!! وكيف يكون السبب والدي؟؟؟!!،كن جديا معي فإني في هذه الأمور لا أحب الهزج والمزح فقال : نعم إنه والدك ،وأنا لا أمزح معك بل إنني أخبرك الحقيقة كلها على أكمل وجه، فلقد تقدم والدك لخطيبتك طالبا يدها للزواج برضا منها وموافقة لا تردد فيها وعرض علينا أنه سيكتب منزلكم باسمها وسيعلمها القيادة وسيشتري لها سيارة على اختيارها ، وسينفذ كل مطالبنا وسيوفر لها الراحة والنعيم والرخاء وقدم لنا إغراءات ليس لها بداية وكذلك أيضا ليس لها نهاية فاعترتني صدمة جعلتني ألطمه لطمه قوية ومسكته من عنقه وقلت له غاضبا:أنت تكذب ولن أسمح لك أن تتحدث بهذه الطريقة عن أبي واحترم نفسك وأسلوبك وزن حديثك بلسانك قبل أن تتلفظ به واحترم ألفاظك عندما تحادث من يحادثك فكان يصرخ ويقول: اهدأ ولا تصرخ في وجهي لأننا قد تصبرنا على أخطاء والدك على أختي أفهمت؟؟
و يجب عليك بأن تفهم الحقيقة والواقع!!! فقلت: أية حقيقة وأي واقع بالله عليك تنعت أبي بما لا يفعله ومع من؟؟؟
مع خطيبتي!!!...فقال باستهزاء:
والله العظيم أشفق عليك لأنك جاهل لمن تعيش معه !!. وأخبرنا أيضا بما يملكه وتعهد لنا بأنه سيبني لها منزلا في أرض له وسيقول لكم أنه قد نقل للعمل في تلك المنطقة ويترككم مع أمكم وأنتم من سيطعمها وسيطعم إخوتكم وعند رجوعه ستعلمون بالحقيقة ولن يهمه أحد منكم لأنه حر ولا يتحكم فيه أحد وأراد منا أن نخبرك أن خطيبتك هي من رفضتك للمرض الذي تعاني منه وتتم الأمور بالسر وهو يتولى أمرك لتغير رأيك في أختي..وما مرضها إلا خدعة ولعبة محكمة منها ومن والدك يلعبونها ونحن جميعا كالدمى فيها وكانت أختي ممثلة بارعة تمثل بمرضها ليتصل أبي بأبيك ويطلب منه أن يأتي لمعالجتها بالآيات القرآنية وليتم بينهما اللقاء حاملا لها الهدايا ونحسب في نفوسنا عمها ولا عيب في ذلك ... يحب زوجة ابنه من محبة ابنه ويضلا معا عدة ساعات دون أن يكون بجانبهم منا أحد بناء على طلبه ويقول لنا لا أحب أن يعلم أحدا بقدومي لأنني أرغب بأن أفاجئ عائلتي بخبر يسعدهم وهو شفاء ابنتكم التي ستصبح عما قريب زوجة لابني وهي بمثابة ابنتي... وكنا نثق به ثقة لا حدود لها على أساس أنه عمها وأبا لزوجها ورجل دين وإماما لمسجد ولم نشك في أخلاقه أبدا...
وأنت تعلم بأن والدك أعز وأغلى أصدقائي ورحبت بمصاهرتكم لصحبته الشريفة والمحترمة فلم أظن أنه قذرا و خائنا يطعنني في ظهري ويطعنك في ظهرك بالرغم من أنك ابنه فلذة كبده وعمل فيك ما فعل !!!!! أخذ منك خطيبتك وكان يراسلها بهاتفه ويتصل بها في أنصاف الليالي بدون علم منا وإن سألناها تقول لنا:أكلم خطيبي ونحن نصدق بأنها تكلمك أنت وليس والدك وكنا جميعا للأسف مثل العميان لا نرى....
وبعدما خطفها منك جاء بكل وقاحة و بساطة ويطلب الزواج منها!! فسألناه:وماذا عن ابنك؟ !!! وماذا سنقول له؟ وماذا سنقول للناس؟ فقال والدك:أنا لا أكترث بما يقوله الناس وإن لم تزوجونني إياها الآن فهل ستزوجونني بعد وفاة ابني؟! فتردد في نفسي ومسمعي "وفاة ابني!" إلى هذا الحد يكرهني أبي!. فقال لي: بالله عليك أنت ما رأيك في الذي قد فعله والدك؟؟؟؟؟.....وشدني من ثوبي وأخذ يبكي من الألم وكنت أبكي معه من القهر والصدمة التي تهز جسدي وتقلع قلبي وأحشائي فتركته وودعته متأسفا ومتحسرا على المأساة التي عرفتها فذهبت قاصدا منزلنا ولم أكلم منهم أحد ودخلت غرفتي لأستوعب الصدمة وكانت حينها أمي تبكي لصعوبة الموقف و الخيانة التي قام بها أبي وتقربت مني وقالت لي بما قد حدث مع أبي و خطيبتي وأختها وجها لوجه من منازعات أمامها وعلمها بكل شيء على حقيقته وبأكمل وجه وقلت لها بأنني علمت أيضا بالذي حدث فدخل علينا أبي فخرجت أمي باكية فطمحت أن أدفعه ثمن دموعها غاليا لكنني تراجعت احتراما له لأنه أبي الذي أوصاني به ربي وقال: يا بني هؤلاء أناس يحبون التفرقة فيما بيننا ويهدمون ما قمنا ببنائه معا وخطيبتك لم تكن فتاة محترمة وحدثني بأنها كانت تقيم علاقات مع الشباب وتخرج معهم وكل الذي أخبرني به أخيها كذبا وكلاما فارغا لا معنى له في حياتنا وأنه قد خطبها فقط لينهي كل شيء بيننا وأنه لم يرد خيانتي معتبرا خيانته لي إن جعلني أتزوجها بعلم منه بأنها فتاة دنيئة وغير شريفة وأخذ ينظم لي الأكاذيب مثلما ينظم لي القصص وقلت له لكي يذهب عني بأنني اقتنعت بما قاله لي بكل صدق وذلك لعدم تحملي لرؤيته وتألمي لخيانته وتأملي لكوابيس الكذب في مقاله وكلماته فرحل قائلا :أنا أحبكم وتصبح على خير يا بني فانتظرته يستغرق النوم وطلبت من أمي أن تحضر هاتفه النقال وفتحته ويا ليتني لم أفتحه قط لأنني رأيت الاتصالات والرسائل المتبادلة بينهما ورأيت كلمات الحب والغرام وكلاما فارغا وثقيلا لم أستطع تحمله وفتحت ملف الصور ورأيت صورها مع الصور التي قد أرسلتها هي له وما جعلني أتقطع غما هو بأنني خطيبها الذي يستحق بما دار بينهما ولم أحصل منه ولو بجزء بسيط ....
والمؤلم أيضا هو أبي !!!! فوق خيانته يكذب علي!!! فصدقت حينها كل شيء وسيبقى سيف السقام يخط بدمائي أسئلة عديدة...
إذا كانت خطيبتي غير شريفة !!!فلماذا خطبها وأرادها لنفسه؟؟؟؟!!! لماذا أرادها أن تكون زوجة له إن كانت على علاقات مع الشباب؟؟؟!!! وأنا ماذا فعلت له؟؟؟! وماذا فعلت لها؟!! لتسقيني كأس الحنظل من الخيانة وكنت أسقيها كأس العذب والحلو!! ولماذا يكون الجزاء منهما هكذا؟! ولماذا يقوم أبي بالقسوة علي بطعنة من خلفي ؟؟!!! ومع من؟؟ مع خطيبتي!!! ولماذا الخيانة منهما؟؟؟!! ما الذي فعلناه بهما ليكافئوننا بفعلتهما الشنيعة؟؟؟!
لكن كل ذلك لا يفيد فقد حدث ما حدث ولا نستطيع أن نرجع الزمان إلى الخلف والوراء فإن في الخيانة لا فائدة من الأسئلة بعد الحصول على إجاباتها فلا يفيد الرأس بعد قطعه من الجسد....
والحزن الحقيقي هو أن يفقد الشخص أعز شئ يملكه ويعيش ألم منبعه أعز أحبابه وستضل الحياة حكمة تقول:
"الصعوبات التي تواجهها في حياتك يواجهها غيرك لكن الألم الذي تواجهه لا يتحمله غيرك بل أنت من يتحمله وتذكر إن ضقت من ألمك فاعلم أنه من يعلم بألمك لن يتحمله وسيضيق منه مثلما ضقت أنت منه".....
ولن تنتهي الدنيا على مصاعبها فالقوي ليس بالقوة والعضلات بل القوي هو من يتحمل صعوبات ونواكب الدهر ويتحمل الألم ليتحداه ويتغلب عليه ويستغل الصعاب ويجعلها له دافعا ومحركا أساسيا لبناء غايته ويسخر الظروف لمصلحته ويفرشها ورودا في سبيله بالاستخدام الأمثل لعقله الذي يتفرد به عن غيره...
لكن بالرغم من ذلك فسأبقى***الجـــــــــــــــــــــــــــــــرح المظلـــــــــــــــــــــــوم***
كنــــــــــــ القانون ـــــــــف
تعليق