مكالماته الهاتفية اليومية ، كان يصل عددها الى العشر في بعض الايام .
و عندما كانت تطلبه في مكتبه ، كان يطلب من سكرتيرته ان تمنع عنه الزيارات و ان تعتذر عن تحويل المكالمات ، و كأن كلامه معها صلاة و موعده معاها حجا لبيت الله .
عادت تدور حول نفسها في ارجاء حجرتها ، و كأنها نحلة جائعة تبحث عن رحيق زهرتها ليرويها .
الاسئلة ... الاسئلة ...
تكاد تفجر رأسها ، تشعل في شرايينها ديناميت الحيرة ، تنسف ثقتها في نفسها و في الاخر ، تهد اعمدة معبد الصدق و الوفاء و المشاعر الراسخة الرصينة .
اخترق صاروخ صوته مدارها العصبى و دوى الانفجار مفجرا اخر كلماته اليها و هو يصحبها عائدين الى باب بيتها : (لكم احسد نفسي عليك) .
اصابها صاروخ كلماته بدوار ، فوقعت متهالكة على ذراع اقرب مقعد .
التف ذيل علامة استفهام عملاقة يعتصر دماء اخر اسئلتها ، التي جثمت امامها كجثة بلا اجابة :
(( هل كان يكذب )) ؟ !!
لم يعد امامها سوى ان ترد بنفسها على حاجز الاسئلة الذي رص صفوفه امامها و حجب الرؤية بينها و بين العالم .
قالت تحدث نفسها :
( كيف يكذب و هو يحكي لي عن تفاصيل ماضي حياته ؟ كيف يكذب ، و قد خلع امامي كل اوراق التوت التي تخفي عورات سقطاته العاطفية ، و عقده النفسية ؟ كيف يكذب ، و قد اختار ان ينسف بيده كل حاجز مصطنع يفصل بيني و بينه ) ؟؟!!
تعليق